الخرطوم: أحمد دندش الطرفة التي تتبادلها الفرق الكوميدية عن ذلك العريس «الغتيت» الذي وضع ساوند سيستم بالقرب من طربيزة الكشف .. لاذاعة مقدار الأموال التي يضعها اصدقائه ومعارفه.. لم تكن بعيدة إطلاقاً عن ظاهرة «كشف» العريس.. والذي إستوطن خيام الأفراح وأصبح من أساسيات إية وليمة زواج.. حتى أن البعض أدمن على ذلك.. وبعضهم يتساءل بعد ان يمسح فمه بيديه عقب فراغه من تناول الوليمة: «إنتو يا أخوانا.. الزول دا ما عندو كشف؟؟».. لكن هذه الظاهرة في مجملها تتطلب الكثير من التنقيب خلفها لمعرفة كيفية بزوغها على سطح المجتمع السوداني.. الذي ينقسم ما بين مؤيد ومعارض لها.. الحاج «إبراهيم عباس برير» من أقدم سكان مدينة أم درمان يعتقد ان ظاهرة الكشف هي في الأساس اكتشاف قديم .. يهدف إلى مساعدة العريس والشد من أزره.. ويضيف أن بعض العائلات قديماً كانت تتباهى بكشوفات زواج ابنائها.. وتحتفظ بها حتى يقوم ذلك الإبن العريس.. برد الجميل لكل الذين ساندوه ووقفوا معه.. ويضيف الحاج «برير» أنه شخصياً لم يقم بعمل «كشف» عند زواجه ولا في زواج ابنائه.. مؤكداً أن الحضور فقط يمثل «عزة» وإثبات مكانتك لدى الناس.. وليس شرطاً ان يدفعوا نقوداً.. «والله بيوت الأعراس بقت مطاعم ما أكثر». هكذا إتفق «السر عمر» الموظف مع الرأي السابق وأضاف في لهجة حملت قدراً كبيراً من السخرية: «أنا أعتقد ان «الكشف» ما هو إلا وسيلة لجني المال.. ولا فرق بينها وبين «كاشير» المطاعم».. وواصل «السر» هجومه العنيف على الكشف واصفاً إياه بكشف الحال.. راوياً على مسامعنا قصة صديقه الذي حضر إحدى المناسبات.. ولم يكن يحمل معه أية نقود كافية.. مما دفعه ليضع في الكشف مبلغ «5» جنيهات.. ليصبح مثار سخرية بعض أهل العريس الذين كانوا يقفون بجانب الكشف... أما «طارق عصام» الشاب المتزوج حديثاً.. فلم ير إية غضاضة في ان يكون هناك «كشف» للعريس بالرغم من أنه رفض ذلك.. ويقول: «الكشف يمثل مساعدة قوية للعريس على اكمال ما تبقى له من إحتياجات الزواج الباهظة».. ومن الموافق المضحكة التي تتواتر عن مقالب الكشف.. ذلك «العريس» الذي أتفق مع أحد المطربين على أحياء ليلة زفافه.. معتمداً كلياً على كشفه الذي يتولى مسئوليته شقيقه .. وبعد فراغ المطرب من الحفل.. همس العريس لشقيقه ان يحضر له نقود الكشف ليقوم بمنح المطرب أجره.. ليتفاجأ بشقيقه وهو بخبره ان نقود «الكشف» تكفي بالكاد لعازف الإيقاع فقط.. ليدخل «العريس» في موقف حرج لم ينقذه منه إلا بعض الأصدقاء الذين لديهم معرفة مسبقة بالمطرب.. المشرف على كراسة «الكشف».. أيضاً لا بد ان تكون له مواصفات خاصة.. أبرزها الأمانة.. كما يقول «الريح عبد القادر» ويضيف أن المسئول عن «كشف» العريس يكون غالباً شقيقه أو أحد أصدقائه المقربين.. ويضيف: ان هناك العديد من المشاكل التي حدثت بسبب ضياع كراسة «الكشف» التي يعتبرها بعض الناس إعلاناً صريحاً لعملية إحتيال وإن كان ضياعها قضاءً وقدراً.. عدد من الطلاب والخريجين الجامعيين يعتبرون ان ظاهرة «الكشف» ما هي إلا نوع من المباهاة والمظاهر.. ويتجلى ذلك في حرص المدعوين على كتابة أسمائهم بصورة واضحة.. وكأنهم يقولوه للعريس: «أها.. شوفتا دفعنا ليك كم».. أما الباحث الاجتماعي «محمد الخليل أحمد» فيعتقد أن «الكشف» هو نوع من التعبير عن تكافل المجتمع السوداني الذي يتميز بالترابط وتماسك نسيجه الاجتماعي عن غيره من المجتمعات.. ويضيف أن البعض يشعر أن إنتهاجه لإسلوب «الكشف» في مناسبة.. ربما ينقصه الكثير من الإحترام والهيبة.. فيضغط على نفسه وأسرته على طريقة «شيلتي براي بشيلها».. ويشير «الخليل» إلى أن «كشف» الزواج شهد تراجعاً ملحوظاً عن السابق.. وعزا ذلك للتطور الذي يشهده المجتمع.. ونظرة البعض لظاهرة الكشف على أنها نوع من التخلف.. وبالرغم من الآراء السابقة فلن يستطيع أحد إنكار وجود الظاهرة.. وإنتقال مسمى «الكشف» إلى مناحي حياتية أخرى.. أبرزها المؤسسات .. التي تعتمد هي الأخرى على «كشوفات» .. لكنها من نوع أخر..