ما إن يتقدم الشاب لخطبة إحدى الفتيات حتى تجتاح قلوب أهل العروسين حالة من القلق والتوتر بسبب التفكير والنقاش فيما يتعلق بالترتيبات والتحضيرات لإقامة «الزفاف» لا سيما وأن يوم الزواج تسبقه الكثير من العادات التي اختلقت حديثاً في المجتمع السوداني، أو بمعنى أصح تطورت للحد البعيد وإزدادت متطلبات الزواج بصورة مبالغ فيها مما يكلف أسرتي العروسين أموالاً طائلة كفيلة بأن يتم بها عقد قرآن عشر زيجات.. ? بعد «الخطوبة» مباشرة المطلوب من أهل العروس كما جرت العادة إن سبقت خطبتها شهر رمضان أن تقدم لذوي العريس «موية رمضان» المكونة من كل «مالذ وطاب» فيما يختص بشهر الصيام ويتبعه «خبيز العيد»، ثم يأتي يوم الزواج ويكون «فطور العريس» فهو قصة بمفردها لا يقل عن ال «51» صنفاً مزينة وتتبعه موسيقى «الكيتا» التي جاءت جديدة وكل ذلك يكلف أهل «العروس» ملايين الجنيهات تأتي تحت بند هدايا التقدير والاحترام لعريس «البنت». ? أما «العريس» تنتهي ميزانيته التي كان يدخرها بانتهاء مراسم «الزواج» حتى إنه في ثاني يوم للزواج لايجد من المال ما يجعله يستمتع بعسل شهره الذي قضى سنيناً يشقى ليجمع المال من أجله إلا أن التكلفة العالية في الزواج حالت دون ذلك.. بداية ب «شنطة العروس» التي لابد أن يكون كل شيء فيها من الستة فما فوق إضافة للذهب و«شيلة الاكل» وسد المال الذي لا يقل عن ال «5» آلاف جنيه، وغرفة النوم من أحدث بيوتات الموبيليا ثم إيجار النادي أو الصالة إلى جانب الفنانين، والعديد من الملحقات «الكوافير والزفاف وتجهيز صديقات العروس» والصور في أحدث أستديوهات التصوير، ومن ثم إيجار «الشقة» أو الفندق الذي يقيمان فيه، يحدث ذلك على العكس تماماً مما كان عليه في السابق بأقل التكاليف وكل «واحد يمد رجله قدر لحافه» أما الآن يتساوى الجميع أصحاب الدخل المحدود مع الذين يتمتعون بحالة مادية جيدة لأن المسألة أصبحت مباهاة على طريقة «شوفوني». ? مقابل ذلك هناك من قال «بسم الله» وتزوج بأبسط التكاليف وغيره تزوج مجاناً، وهناك من أتفقا وتعاونا على تكاليف زواجهم بعيداً عن الأهل وتدخلهم الذي عادة يهدم ما بناه الطرفتن وجميع هؤلاء الآن حياتهم تحفها المودة والرحمة والرضاء. «عشة صغيرة» ? «أماني وعبد الرحيم» تزوجا قبل ثلاثة أشهر «أماني» قالت كنت قد كتبت على دفتري الجامعي «عشة صغيرة كفاية علينا» وذات يوم جلس بجانبي «عبد الرحيم» في إحدى الحافلات وقرأ ما كتبت وكان ذلك مدخلاً للتعارف بيننا وإمتدت العلاقة الى أن صار النصيب وتزوجنا.. وقال «عبد الرحيم» أول ما قرأت تلك الكلمات تأكدت إنها «زولة» بسيطة يمكن أن تتفق معي في ما أفكر فيه خصوصاً مسألة «إختصار تكاليف الزواج» وقال بالفعل كل ما صرفته كان «2.500» جنيه ولم أخسر كثيراً بل كسبت بفضل هدايا الأهل والاصدقاء. فكان زواجنا أبسط ما يكون لأنني خصمت منه كل الطقوس المعروفة في الزواج السوداني من «حفلة ونادي وكوافير وحناء» وتم تجهيز عروستي في بيتها بإشراف ابنة خالتها بالزي البلدي كما إنه لم يكن في قاموسي «السيرة» أخذت معي حوالي «02» شخصاً من الاهل وذهبنا لأهل العروس وتناولنا وجبة الغداء ثم إصطحبت زوجتي إلى منزلي المكون من «غرفة ومطبخ وحمام» من الطين.. والآن نعيش أسعد أثنين. ? أما «سلافة وأحمد» زواجهما لم يكلف غير مبلغ «052» جنيهاً فقط وتم ضمن عقد قران «53» زيجة بمنطقة «الدخينات» على الرغم من أن العريس يعمل مهندساً بالهيئة القومية للكهرباء والعروس أستاذة ثانوي، وقال «أحمد» تزوجنا بالقليل حتى يبارك الله لنا في زواجنا ويسعدنا مدى الحياة وقال إن المبذرين أخوان الشياطين، ورأينا أن لا نصرف أموالنا في أشياء لاتفيدنا في حياتنا، وعقد القران كان في ساحة عامة باحتفال بهيج بعده تفرق العرسان كل إلى مكانه الذي يريد الذهاب إليه.