خرجت ورشة العمل التي عقدها معهد الدراسات الإستراتيجية التي عقدت أخيراً بجنوب افريقيا حول مستقبل السودان بعد الانتخابات وبعد الاستفتاء الذي شارك فيه وفد من المؤتمر الوطني برئاسة الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية ووفد من الحركة الشعبية برئاسة باقان اموم.. والدكتور الصادق الهادي المهدي عن حزب الأمة وعدد آخر من بعض الاحزاب السودانية. وبعد استعراض مستفيض ونقاش جاد خرجت الورشة بأربعة سيناريوهات عن مستقبل الوضع بعد الاستفتاء والانتخابات.. وثلاثة منها سيناريوهات مرعبة للغاية وواحد ينقل السودان الي بر الأمان.. وطناً واحداً موحداً. لكن هناك شروطاً أساسية يجب الإلتزام بها التزاماً مطلقاً.. وهو ان يجتهد الشريكان في تنفيذ كافة بنود الاتفاق كما وردت في الاتفاقية وبتراض تام، حتى لو اقتضى الأمر ان يقدم الشريكان تنازلات مشتركة من أجل خلق حالة قوية من التراضي تتجاوز السيناريوهات الثلاثة المرعبة. وأول هذه السيناريوهات المرعبة هو ان تصل الحركة ا لشعبية حداً من اليأس والإحباط بان تعلن الانفصال قبيل الانتخابات ولاتنتظر الاستفتاء وسيكون هذا بمثابة اعلان حرب بين الشمال والجنوب وهو أمر لا يبدو بعيداً لان اسباب الحرب جاهزة ولا تحتاج الى مبررات. والسيناريو الآخر المرعب ان يتم الانفصال بقرار من قادة الحركة الشعبية ويحدث خلاف في ترسيم الحدود.. خاصة منطقة أبيي وتبدأ الحرب والتي يمكن ان تتوسع لتشمل مناطق عديدة. ورغم هذه السيناريوهات المرعبة الا أن احتمال ان تكون دولة الجنوب دولة مجاورة تبنى علاقات متوازنة مع السودان بعد التقسيم فهذا امر غير وارد. الورشة شددت على ضرورة تجاوز السيناريوهات الثلاثة المرعبة، وأكدت على ضرورة العمل ليكون السيناريو الاول هو الذي يجب ان يلتف حوله الجميع ليكون الاحتمال الاقوى الذي يجنب السودان الحرب والانفصال. ومن هنا نناشد المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وهما شريكا الحكم واصحاب القوة في هذا الوطن ان يكونا أكثر حرصاً على وحدة السودان وان يقدما نموذجاً فريداً للقارة الافريقية وللعالم اجمع في الاتفاق وفي تجنب الحرب والانفصال. ان الاجيال القادمة والتاريخ نفسه يحمل الشريكان مسؤولية تقسيم السودان ومسؤولية الحرب المحتملة والتي يدق لها البعض الطبول داخل وخارج السودان ويعلم الشريكان تماماً أن الحرب لم تحقق شيئاً للحركة الشعبية ولا للسودان بل كبدتهما خسائر باهظة في الارواح والاموال وعطلت عجلة التنمية في كل انحاء السودان. إن خيار الحرب يجب ان تستبعده الحركة تماماً عن تفكيرها، لانها حاربت عشرين عاماً ولم تحقق ما تريده، ولكنها حققت ما تريده بالحوار وليس بالبندقية. صحيح ان الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني واجهت حرباً شرسة في الجنوب اكدت من خلالها حرصها على وحدة السودان ونجحت في ذلك مؤخراً بتوقيعها اتفاقية السلام لذلك يجب عليها ان تعمل جاهدة من اجل الوصول الى تفاهم مشترك مع الحركة الشعبية لتجاوز كل الخلافات حول ماتبقى من خلافات في بعض الملفات حتى تحافظ على وحدة السودان او اقامة دولة شقيقة ومتعاونة في جنوب البلاد، وان هذا لا نريده على الاعلام. إن وحدة السودان والحفاظ عليها امر يهم كل أبناء هذا البلد العظيم. ------ استقالة الرئيس من موقعه العسكري خطوة شجاعة تؤكد الثقة بالنفس وبالمؤسسة في خطوة شجاعة وفريدة من نوعها في العالم الثالث تقدم المشير الرئىس عمر حسن احمد البشير باستقالته من منصبه العسكري كقائد اعلى للقوات المسلحة السودانية. تأتي خطوة الرئيس الشجاعة التزاماً بنصوص قانون الانتخابات وليؤكد حيدة الانتخابات المقبلة. وتمثل هذه الخطوة الشجاعة الخطوة الاولى بان الانتخابات ستكون نزيهة وحرة.. وخالية من اية تأثيرات في المواقع العسكرية اذ تمثل القوات العسكرية والنظامية ثقلاً كبيراً في المجتمع ولها تأثيرها ا لكبير في الانتخابات المقبلة، لذلك اخلى السيد الرئيس موقعه العسكري حتى يفوت اية فرصة من القوى الأخرى بأن وجوده كقائد اعلى للقوات المسلحة لعب دوراً كبيراً في فوزه. إن نزاهة ا لرئىس البشير لا تحتاج إلى تأكيد وثقته في نفسه وفي شعبه وفي القوات المسلحة التي قدم لها كل ما يملك وقدم لها روحه وشبابه وكل قدراته وعلمه العسكري. إن تقديم الرئيس لاستقالته من المؤسسة العسكرية كقائد اعلى وجد ارتياحاً كبيراً وسط اهل السودان، بالرغم من ان البعض استقبلها بحذر وقلق شديدين لصعوبة المرحلة التي تمر بها بلادنا. ولثقة الرئىس في قيادة القوات المسلحة وكافة القوات النظامية من شرطة وأمن و لثقته في كل افراد المؤسسة العسكرية اقدم على هذه الخطوة بكل شجاعة وثقة في النفس، مسجلاً اروع واقوى المواقف التي لم تشهدها بلدان ا لعالم الثالث. نحن نحي السيدالرئيس على هذه الخطوة الشجاعة التي تشبه كل خطواته التي سبق أن اتخذها والتي اتسمت بالشجاعة والحكمة والثقة التامة بالنفس. ونحن متأكدون ان الشعب السوداني ومؤسسته العسكرية والقوات النظامية ستقف مع الرئيس ولن تخذله وتقدر هذه الخطوة الشجاعة النبيلة. والله الموفق وهو المستعان