منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات
و كله بالأصول
نشر في الرأي العام يوم 15 - 01 - 2010

لا يعد الكاتب المصرى (احمد رجب) مجرد كاتب ساخر غرضه اضحاك القارئ فقط لكنه يوظف قلمه الموهوب لتسليط الضوء على الظواهر السالبة فى المجتمع مما يجعل كتاباته ذات أهداف ومضمون ، وللكاتب أحمد رجب جائزة خاصه تسمى باسمه خصصت للكتابة الساخرة الهادفة اى (الكوميديا السوداء) وهو تكريم قليل على قامة مثل احمد رجب الذى يعد قامة سامقة من قامات الكتابة الساخرة فى الصحافة العربية ، من مؤلفاته : صور مقلوبة، ضربة في قلبك،الحب وسنينه، نهارك سعيد، كلام فارغ،فوزية البرجوازية ... هذه إحدى مقالاته الساخرة أرجو أن تستمتعوا بها . ----- كان (الأستاذ أيوب) أسعد خلق الله بالقرار الوزارى رقم (16398) المعدل للقرار الوزارى رقم (16397)، إذ أنه أخيرا سوف يتسلم سيارته التى يسمح القرار الأخير بالإفراج عنها فى الجمرك ! لقد وصلت السيارة إلى الميناء عندما استوردها طبقا للقرار رقم (16396)، يومها أسرع (الأستاذ أيوب) إلى مكتب (مطاوع أفندى) - موظف الجمرك المختص - الذى ما لبث أن قابله بالود و الترحاب بعد دفع رسم الود و الترحاب . و بينما كان (مطاوع أفندى) يتخذ إجراءاته للإفراج عن السيارة، أستأذته (الأستاذ أيوب) فى الذهاب إلى دورة المياه، وعندما عاد بعد دقائق أخبره (مطاوع أفندى) أن قرارا وزاريا جديدا قد صدر و أبلغوه به، و هو القرار رقم (16397) بمنع استيراد السيارات التى تسير بالبنزين أو بالغاز . و فى محاولة مخلصة لمواساة (الأستاذ أيوب) دعاه (مطاوع أفندى) إلى تناول فنجان قهوة، فلعله لن ينتهى من شرب قهوته إلا و يكون قد صدر قرار وزارى جديد يتيح له الإفراج عن سيارته . - اتكل على الله و قول يارب .. و لم يكد (مطاوع أفندى) ينتهى من عبارته هذه حتى دق جرس التليفون على مكتبه، وكان على الطرف الآخر سكرتير (الهماميلى بيه) - مدير جمرك السيارات - يطلب (مطاوع أفندى) على وجه السرعة . أصول الأصول : أشار (الهماميلى بيه) إلى شاب تجاوز العشرين بقليل قائلا ل(مطاوع أفندى) : - ممدوح بيه .. له عربية عندنا .. و انحنى (مطاوع أفندى) لممدوح بيه : - أهلا يافندم .. طبعا عربية ممدوح بيه لا تمشى بالبنزين و لا بالغاز .. و رد (الهماميلى بيه) : - تمام .. - خلاص يافندم .. تبقى عربية ممدوح بيه غير خاضعة للقرار الوزارى الجديد .. - أيوه .. بس انت عارف انى دايما التزم بالقواعد والأصول فى شغلى .. - دى حاجة معروفة عن سعادتك يافندم .. - علشان كده عايزك تعمل له شهادة إدارية بإمضاء اتنين موظفين و ختم النسر بأن عربيته لا بتمشى بالبنزين و لا بالغاز . - كده سليم يافندم .. نكتب إنها بتمشى بالبوتاجاز يافندم ؟ - لا .. - بالسبرتو يافندم ؟ بعد أخذ ورد، استقر الرأى أخيرا على أن تنص الشهادة الإدارية بأن السيارة الخاصة بممدوح بيه لا تسير بالبنزين و لا بالغاز , و لكنها تسير بالوقود . نايم و لا صاحى ؟: فى خطى نشيطة , قطع (مطاوع أفندى) الممر الطويل ليبلغ (الأستاذ أيوب) ببشرى الشهادة الإدارية التى سوف تفرج عن سيارته أسوة بالولد ممدوح بيه، و كانت فرحة (الأستاذ أيوب) لا تقدر، حتى أنه دفع ل(مطاوع أفندى) الرسوم المقررة على هذه الفرحة . و فى وقت مبكر جدا من صباح اليوم التالى خرج (الأستاذ أيوب) يسعى لإحضار الشهادة التى تثبت أن سيارته لا تسير بالبنزين و لا بالغاز و إنما بالوقود، وفى هذه الأثناء اتصل (الأستاذ أيوب) ببيت الوزير منتحلا صفة رئيس مجلس إدارة ، ورد عليه السفرجى بأن السيد الوزير نائم، فحمد الله وشكره إذ لا يمكن أن يصدر السيد الوزير قرارا جديدا و هو نائم . بقى إمضاء الموظف الثانى، إن الوقت يمر بسرعة و لا بد من أن ينتهز فرصة نوم الوزير و ينهى هذه الشهادة و يقدمها بأسرع وقت للإفراج عن السيارة التى استنفد من أجلها إجازاته العرضية و المرضية . و استولى عليه هاجس قوى : ممكن الوزير يصدر قرار جديد و هو نايم ؟ ممكن .. ليه لأ، و راح هذا الهاجس يتضخم فى رأسه خاصة أن البحث عن الموظف الثانى الذى سيوقع الشهادة لايزال تصادفه العقبات . و اتجه إلى التليفون . و رد عليه (عبدالدايم السفرجى): - أيوه يافندم السيد الوزير صحا . - يا خبر . صحا إمتى ؟ - حالا يافندم . - ماأصدرش قرارات بعد ما صحا ؟ - ماعرفش يافندم . - ولا وهو نايم ؟ و أقفل (الأستاذ أيوب) السكة و أصبح فى سباق رهيب مع الزمن . فرجو قريب: ! كان واضحا أن (مطاوع أفندى) عصبى نوعا و منحرف المزاج عندما اندفع (الأستاذ أيوب) داخل مكتبه يلهث ويتصبب عرقا و هو يقدم إليه الشهادة الإدارية . و دفع (الأستاذ أيوب) الرسوم المقررة لإزالة عصبية (مطاوع أفندى) و انحراف مزاجه و تبسم (مطاوع أفندى) و ما أن بدأ يتخذ إجراءات الإفراج عن السيارة حتى استدعاه (الهماميلى بيه) . و غاب (مطاوع أفندى) طويلا . و بدا القلق يتملك (الأستاذ أيوب)، فنهض إلى التليفون و أدار القرص : - آلو .. مكتب السيد الوزير . - أيوم يافندم . - قوللى من فضلك السيد الوزير ماأصدرش قرار جديد؟ - بخصوص إيه ؟ - بخصوص استيراد السيارات . - مين بيتكلم ؟ - أيوب عبد الصبور رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للمشاوير الجمركية . - أهلا يافندم . فعلا السيد الوزير أصدر القرار رقم (16400) المعدل للقرار (16399) بشأن استيراد السيارات . - بيقول إيه القرار ؟ - غير مسموح باستيراد أى سيارة إلا إذا كانت تسير بالبنزين أو الغاز .. لابد من البنزين أو الغاز . - متشكر .. ألف شكر . و وضع (الأستاذ أيوب) السماعة و هو يتنفس الصعداء . انتهت المشكلة و لا لزوم لهذه الشهادة الإدارية . يا مسهل : و عندما دخل (مطاوع أفندى) مكتبه بادره (الأستاذ أيوب) قائلا بوجه متهلل : - أنا عرفت القرار الوزارى الجديد .. الحمد لله المشكلة اتحلت .. - أى قرار ؟ - رقم 16400 .. ممنوع استيراد أىة سيارة إلا إذا كانت تمشى بالبنزين أو الغاز - أيوه دى المادة رقم واحد من القرار . - هو فيهو مادة تانية ؟ - طبعا .. اسمع يا سيدى : و يحظر استيراد السيارة ذات الأربعة أبواب .. و عربيتك بأربعة أبواب . و انهار (الأستاذ أيوب) فوق مقعده و قد راودته رغبة عنيفة فى البكاء و اللطم , بينما راح (مطاوع أفندى) يشرح له أسباب هذا القرار كما سمعها من السيد وكيل الوزارة الذى اتصل تليفونيا بالهماميلى لتنفيذ القرار فورا توفيرا للعملة الصعبة . فإن استيراد قطع غيار الأبواب يكلف الدولة سنويا ربع مليون جنيه استرلينى , فإذا اختصرنا عدد أبواب السيارة إلى بابين فقط وفرت الدولة نصف هذا المبلغ فى شراء قطع غيار أبواب السيارات . - و العمل يا مطاوع بيه ؟ و مط (مطاوع أفندى) شفته السفلى معبرا عن العجز و قلة الحيلة , و أصبح واضحا أن تفكيره قد توقف أمام حجم المشكلة الجديدة . و لكن (مطاوع أفندى) عاوده التفتح الذهنى بعد دفع الرسوم المقررة بتشغيل المخ فهو يذكر واقعة خلاصتها أن أحد المواطنين استورد (هون) , و قبل وصول الهون إلى الميناء، كان قد صدر قراراً وزارىاً بحظر استيراد إيد الهون و السماح باستراد الهون فقط , و ذلك حماية ً لصناعة أيادى الهون المحلية , فقدم المواطن إلتماساً بإعادة تصدير إيد الهون و الإفراج عن الهون نفسه بدون إيد , و أجيب إلى طلبه . بناءً عليه يستطيع الأستاذ أن يخلع البابين الخلفيين فى السيارة و يعيد تصديرهما . و لكن (الأستاذ أيوب) لم يتحمس لهذا الحل الذى يشوه شكل السيارة , و آثر أن ينتظر في مكتب (مطاوع أفندى) , فلعل قرارا وزاريا جديدا يصدر و يحل المشكلة غير أن (مطاوع أفندى) , نبهه إلى أن القرار الوزارى القادم قد يأتى على غير ما يشتهى , فيشترط مثلا لاستيراد السيارة أن يكون لها خمسة أبواب , فمن أين يأتى بالباب الخامس ؟ كلام معقول .. و لا بد من حل قبل صدور قرار وزارى جديد يحمل مفاجأة تزيد المشكلة تعقيدا . و بعد بحث طال , تفتق ذهن (مطاوع أفندى) على اقتراح ثلاثة حلول لحل المشكلة : الأول : أن يتقدم بإلتماس إلى السيد المدير العام يتعهد فيه بإغلاق البابين الخلفيين عن طريق لحامهما بالأكسجين إلى الأبد .. الثانى : أن يتقدم بالتماس إلى السيد المدير العام بوضع قفل إنجليزى كبير على كل باب خلفى من الداخل و أن تحتفظ الجمارك بالمفتاحين ضمانا لعدم فتح القفلين إلى الأبد . الثالث : أن يقدم التماساً إلى السيد المدير العام بأن تتولى لجنة من الجمارك إغلاق البابين بالشمع الأحمر و ختم الشمع بخاتم الجمرك و بذلك يستحيل فك الشمع و إلا تعرض (الأستاذ أيوب) للعقوبات المنصوص عليها فى القانون . و قدم (الأستاذ أيوب) الالتماسات الثلاثة واحدا وراء الآخر , و كان الرد على كل التماس تأشيرة تقول :(يعاد تصدير السيارة و على الطالب استيراد سيارة ببابين طبقا للقرار الوزارى رقم 16400). و طال عمره : مضى يوم , و اثنان و ثلاثة و القرار الوزارى رقم 16400 لم يتغير بقرار جديد , و فى تلك الأثناء اتصل (الأستاذ أيوب) بمكتب ومنزل الوزير مرارا تلهفا على قرار جديد , حتى نشأت بينه و بين عبد الدايم - السفرجى فى بيت الوزير - شبه ألفة , خاصة اتصالاته لمعرفة ما إن كان الوزير قد عاد أو لا يزال على سفره . و عاد الوزير ولكن القرار لم يتغير، لقد ضرب القرار رقم (16400) الرقم القياسى فى طول العمر , و بعد اثنين و عشرين يوما -والقرار مازال يسرى- لم يجد (الأستاذ أيوب) بدلاً من إعادة تصدير السيارة , مبرقا إلى أخيه فى أوروبا أن يرسل إليه سيارة فولكس فاجن ببابين .. ثم حدث ما كدر (الأستاذ أيوب) و أسلمه إلى قلق مستمر، إذ سرت إشاعة قوية بأن قرارا وزاريا جديدا سوف يصدر و يقصر الاستيراد على السيارة ذات الباب الواحد كما سرت إشاعة أخرى بأن القرار الذى سيصدر سيقصر الاستيراد على السيارة التى ليس لها أى باب . و انتهت هذه الإشاعات جميعا بنوبة ضحك شديدة غرق فيها (الأستاذ أيوب) . فقد ظل يضحك و يضحك عندما صدر القرار الوزارى الجديد رقم 16401 حظر استيراد السيارة ذات البابين و إباحة استيراد السيارة ذات الأربعة أبواب . عالم الأشباح : و تم نقل (الأستاذ أيوب) إلى المستشفى لعلاجه من الصدمة العصبية التى أسلمته إلى حالة ضحك هستيرى مستمر , أعقبتها حالة فزع ظل بعدها يجرى و هو يستغيث بالناس من قرار وزارى يجرى وراءه، وعندما أمسك أهله به وأعادوه إلى البيت، قفز مختبئا فى الدولاب وأغلقه عليه، وراح يحث أسرته فى صياح شديد أن يتصلوا بشرطة النجدة لحمايته من القرار الوزارى الذى ينتظره على باب الدولاب . و عندما بدأ (الأستاذ أيوب) يتماثل للشفاء كانت أوامر أطباءه صارمة لأفراد الأسرة و المعارف بعدم إبلاغه بأى قرارات وزارية خاصة باستيراد السيارة , فقد ظل يردد خلال غيبوبته استغاثات الفزع من القرار الوزارى الذى يجرى خلفه . و بسبب أوامر الأطباء , لم يعلم (الأستاذ أيوب) -خلال مدة مرضه - بصدور القرار الوزارى بحظر استيراد السيارة ذات الموتور ثم القرار الذى جاء بعده بحظر استيراد السيارة الملاكى نصف جنزير , ثم القرار التالى له و الذى يشترط لاستيراد السيارة أن يكون لها 65 فردة كاوتش استبن، ثم القرار الذى أعقبه و يشترط دفع 100 جنيه مصرى بالعملة الصعبة إذا كانت عصا فيتيس السيارة فى الأرضية ثم القرار الذى تلاه ويشترط لاستيراد السيارة إحضار شهادة من القنصلية المصرية فى المدينة المصدرة مقابل 200 جنيه بالعملات الحرة بأن القنصلية تشهد بأن هذه سيارة و ليست ترماى , إذ لجأ بعض ذوى النفوس الضعيفة تهربا من قرارات استيراد السيارات إلى استيراد ترميات ملاكى متنكرة فى شكل سيارات , كما تم ضبط ديزل مجرى مكتوب عليه ملاكى جيزة . و لم يدر (الأستاذ أيوب) أيضا أنه خلال فترة مرضه أصدرت دائرة المعارف البريطانية عشرة أجزاء ضخمة من مجلداتها لتعين الباحثين فيها فى كيفية استيراد سيارة من مصر، كما ظهرت عشرات الكتب المؤلفة فى القاهرة عن استيراد السيارات و الطريق إلى استيراد سيارة , كذلك ظهرت كتب طبية نفسية بعنوان (واجه القرار الوزارى بروح طيبة وابتسم) .. وآخر بعنوان (غدا يصدر قرار وزارى جديد) وثالث باسم (لا تستورد سيارة و عش سعيدا) فقد تضاعف عدد المصابين بالانهيار العصبى . حتى أن بعض أطباء الأعصاب قرروا فتح مستشفى جديد يتخصص فى هذه الحالات اسمه (أوتوكلينيك). ربك يعدلها : عندما توجه (الأستاذ أيوب) إلى الجمرك كان يعرف أن آخر قرار وزارى قد صدر بشأن استيراد السيارات يحظر استيراد
السيارات بكافة أنواعها ماعدا الأوتوبيسات .. لكنه كان هادئ الأعصاب تماما فقد ابتلع قرصاً مهدئاً للأعصاب من أقراص (أنتى -قارار) التى وصفها له الطبيب لتعينه على مواجهة أى قرار وزارى بهدوء , ثم أنه أدرك بالتجربة أن أى قرار وزارى يتغير كل يوم، ولا بد أن يصدر ذات ساعة القرار الوزارى الذى يحل مشكلته . لذلك جلس هادئا فى مكتب (مطاوع أفندى) , حتى لقد بلغت به قلة المبالاة أنه لم يدفع رسوم الترحيب ل (مطاوع أفندى) . الأمر الذى حدا ب (مطاوع أفندى) أن يقول فى شماتة : - مفيش فايدة .. المرة دى مافيهاش تصريف .. فرد (الأستاذ أيوب) ببرود شديد : - ربك يعدلها .. و بينما كان (مطاوع أفندى) يرد فى نبرة شبه متهكمة : لعل و عسى , رفع (الأستاذ أيوب) سماعة التليفون وهم بإدارة القرص , لكنه تذكر أن الوزير ليس بمكتبه فى الوزارة , لقد قرأ اليوم أن الوزير معتكف فى البيت لإصابته بالانفلونزا , لكن الانفلونزا لا تمنع أن يمارس الوزير نشاطه القراراتى , هل يكون قد أصدر قراراً فيه الفرج ؟ و تردد (الأستاذ أيوب) فى إدارة القرص .. و فى اللحظة التى هم فيها أن يضع السماعة , كان (مطاوع أفندى) قد سأله : - عايز تكلم مين ؟ ريح نفسك يا أستاذ أيوب .. المرة دى مافيهاش تصريف .. قال (الأستاذ أيوب) بشكل تلقائى : - أبدا .. أنا كنت ح اتصل بالوزير فى البيت .. - مين ياخويا ؟ قالها (مطاوع أفندى) فى تهكم مرير، فرد (الأستاذ أيوب) فى لامبالاة: - يووه .. ياما اتصلت بالوزير فى المكتب و البيت . قال (مطاوع أفندى) فى تحد واضح : - طب ورينى كده .. - آدى نمرة البيت .. خد اطلبها بنفسك .. دى فرصة إن الواحد يسأل عن صحته . آلو .. سيادة الوزير ؟: أدار (مطاوع أفندى) الرقم و هو غير مصدق، يضحك بشدة من ذلك الرجل المعتوه الذى يدعى معرفة السيد الوزير . و كانت الضحكة لا تزال تملأ وجه (مطاوع أفندى) و هو يمسك بالسماعة قائلا : - ده منزل السيد الوزير فلان الفلانى .. ؟ عندما جاء الرد (أيوه يافندم)، اختفت الضحكة من وجه (مطاوع أفندى) و أصابه ارتباك عظيم، دفع معه السماعة إلى يد (الأستاذ أيوب) و كأنه يريد الخلاص من مسئولية خطيرة ستؤدى به إلى مصائب مجهولة .. و أمسك (الأستاذ أيوب) بالسماعة قائلا فى ثبات : - آلو .. مين ؟ عبد الدايم ؟ أهلا يا محروس .. أنا أيوب .. الله يسلمك طمنى .. إزاى السيد الوزير النهارده ؟ كده .. لا ألف سلامة عليه .. بلغه تحياتى و تمنياتى بالشفا إن شاء الله . عند هذا الحد من الحديث كان (مطاوع أفندى) مبهوتا مأخوذا لا يكاد يصدق ما يرى و ما يسمع، وعندما بدأ (الأستاذ أيوب) يسأل الخادم عما إذا كان السيد الوزير زاول العمل فى البيت اليوم، كان (مطاوع أفندى) قد غادر المكتب مسرعاً .. ووضع (الأستاذ أيوب) السماعة وقد أيقن من حديث الخادم أن الوزير لن يعمل اليوم، إذ حتم عليه الطبيب الإخلاد إلى الراحة التامة .. لا قرارات جديدة إذن .. و لينصرف مادام ليس فى انتظاره جدوى . و تلفت فلم يجد (مطاوع أفندى) . (الأستاذ أيوب) .. سابقاً: كان (مطاوع أفندى) فى مكتب (الهماميلى بيه) يشرح أمر المحادثة التليفونية التى أجراها (الأستاذ أيوب) مع بيت السيد الوزير، وكيف أن (الأستاذ أيوب) كان يتحدث و كأنه واحد من الأسرة، فاستولى الاهتمام البالغ على (الهماميلى بيه)، وراح يستفسر من (مطاوع أفندى) عن مطالب (الأستاذ أيوب) من الجمرك، فعلم أن له سيارة فولكس مستوردة و القرار لا يسمح إلا باستيراد الاوتوبيسات . و انقلب (الهماميلى بيه) إلى وحش كاسر يكاد يفتك ب(مطاوع أفندى) لأنه لم يحضر (الأستاذ أيوب) إلى مكتبه من أول دقيقة للقيام بواجبات الترحيب و التكريم نحوه . و لم تشفع ل(مطاوع أفندى) أيماناته المغلظة بأنه لم يكن يعرف أن أيوب بيه قريب للسيد الوزير . و زاد الطين بلة أن أيوب بيه (الأستاذ أيوب) سابقا كان قد انصرف من مكتب (مطاوع أفندى)، و بأمر السيد المدير انطلقت السيارة المخصصة له تحمل (مطاوع أفندى) بحثا عن أيوب بيه فى الشوارع المجاورة و أخيراً تم العثور على أيوب بيه واقفا أمام (غجرية) ترمى بالودع لمعرفة بخته فى القرار الوزارى القادم . مطاوع الغبى : كان واضحاً أن المسألة كلها تمثل لغزاً يصعب تفسيره بالنسبة لأيوب بيه . إنه لا يفهم شيئاً مما جرى ويجرى أمامه .. الترحيب من (الهماميلى بيه) الذى استقبله على الباب الخارجى، أجلسه (الهماميلى بيه) معه فى صالون غرفة المكتب على الكنبة باعتباره من كبار الضيوف الذين لا يصح للهماميلى بيه الجلوس على كرسى مكتبه فى حضرتهم .. مخاطبته بأيوب بيه، المشروبات والمرطبات التى قدمت إليه .. الاعتذار المتكرر من جانب (الهماميلى بيه) بأن (مطاوع أفندى) غبى و متخلف عقلياً لأنه لم ينه إجراءات الإفراج عن سيارة أيوب بيه.. ما الذى جرى بحق السماء ليلقى كل هذا التكريم الخرافى و المعاملة الأسطورية ؟ سؤال لم يستطع أن يرد عليه أيوب .. كل ما استطاع أن يصل إليه هو أن هذا الرجل -(الهماميلى بيه) -موظف كبير مثالى جداً فى معاملته لإخوانه المواطنين العاديين .. حقاً راجل أمير .. إن أيوب لا يندم على شئ الآن قدر ندمه على أنه كان يتعامل مع ذلك الخنزير (مطاوع أفندى) الذى استنزف من جيبه الكثير دون جدوى . فجأة دخل سكرتير (الهماميلى بيه) يقول : - الاجراءات انتهت يافندم .. و بلغت أوامر سيادتك بفتح الخزانة علشان أيوب بيه يدفع الرسوم .. و التفت أيوب يسأل (الهماميلى بيه) فى دهشة : - الله ! هو صدر قرار وزارى جديد وللا إيه ؟ و رد الهماميلى باحترام بالغ : - يافندم مفيش قرارات جديدة صدرت . - موش فيه حظر استيراد سيارات ماعدا الاوتوبيسات؟ - تمام يافندم . - أُمال إيه العبارة ؟ - و لا حاجة يافندم .. كل شئ سليم و احنا بنطبق القواعد و الأصول . و كله بالأصول : عندما اصطحب (الهماميلى بيه) (الأستاذ أيوب) ليتسلم سيارته الفولكس فاجن ذات البابين، تأكد (الأستاذ أيوب) فعلاً أن القواعد والأصول قد طبقت بدقة، إذ جاء فى محضر معاينة السيارة تمهيداً للإفراج عنها أنها (سيارة أوتوبيس تتسع لثلاثة ركاب وواحد وقوف، ولها باب شمال لصعود الركاب وباب يمين لنزول الركاب و جلدة بجانب السقف ليمسك بها الراكب الواقف..! و أشار (الهماميلى بيه) إلى لوحة فى مقدمة سقف السيارة قائلا : - مفيش أية مخالفة للقرار الوزارى زى ماسيادتك شايف (و كانت اللوحة مكتوب عليها عتبة -جيزة و بالعكس)

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.