حينما يطلب مرشّح للرئاسة من منافسه الأقوى أثناء الحملة الإنتخابيّة الإنسحاب والتنازل له من أجل وحدة الدولة, فإنّ ذلك ليس جسارة أو شجاعة سياسيّة أو ذكاءً إنتخابيّاً... ليس هذا سوى تعبير صارخ عن وهم رغبوى wishful thinking حدث ذلك فى السودان... وهل لمثل هذا أن يحدث فى غير السودان... فقد دعا مُرَشح الحركة الشعبيّة لرئاسة الجمهوريّة مرشّح المؤتمر الوطنى أن يتنازل له من أجل وحدة السودان... صنعَ مرشح الحركة الشعبيّة من نفسه بطاقة إئتمان للوحدة دون أوراق ثبوتيّة... وقالها بلا توضيحاتها بأنّ الوحدة ستكون جاذبة بفوز مُرَشح الحركة, والإنفصال سيكون جاذباً بفوز مُرَشّح المؤتمر... وصاحب العقل يميّز! لم تقف دعوة مُرَشح الحركة عند ذلك, بل رَسَمَ لمُرَشّح المؤتمر الوطنى خارطة الطريق... أن يُعْلِن إنسحابه فى زيارته القريبة القادمة إلى الجنوب أمام حشدّ من مواطنى الجنوب, بل يُعلن بأنّ الكتلة الإنتخابيّة للمؤتمر الوطنى ستدعم مُرَشح الحركة الشعبيّة فى إنتخابات الرئاسة من أجل هذه الوحدة... وعندما ينسحب مُرَشح المؤتمر الوطنى سيفتح له التاريخ أبوابه... وعند عودة مُرَشّح المؤتمر للخرطوم ستسقبله الملايين من مواطنى الجنوب والشمال لتشكره على الخطوة الشجاعة التاريخيّة... لكنْ مُرَشح الحركة لم يقل مشكوراً بأنّ أبواب المحكمة الجنائيّة الدوليّة ستُغلق عندما يفتح التاريخ أبوابه! مُرشّح الحركة الشعبية يطلب ما لم تطلبه الحركة الشعبية ذاتها... فرئيس الحركة (شخصيّاً) أخذ نفسه وذهب ليبحث عن رئاسة الجنوب, ولم يطلب من مُرشّح المؤتمر الوطنى أن ينسحب له من أجل السودان الواحد! خيرٌ لمرشّح الحركة الشعبيّة الاجتهاد أكثر فى حملته, وأن يبحث عن هزيمة سهلة من خلال تحالف جوبا, فذلك أفضل من أن يبحث عند المؤتمر الوطنى عن فوز مستحيل! مُرشّح المؤتمر الوطنى للرئاسة لن ينتظر أن يفتح له التاريخ بابه بإنسحابه... فقد فتح له التاريخ قبل ذلك أبواباً بعد اتفاقية نيفاشا التى أعطت الجنوب سلاماً وسلطةً وثروةً ونائباً أول ومستوى خاصاً فى الحكم ومُرشّحا منافساًّ... لكنّ التاريخ نفسه سينسحب حينما يجرؤ هذا المرشّح فيطلب من منافسه الأقوى الإنسحاب!!