في آخر تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي أوضح ان التجارة الدولية تراجعت بنسبة (12%) في العام 2009م عن ما كانت عليه في عامي 2007م و2008م وعزا التقرير التراجع الى الازمة المالية العالمية التي ضربت اقتصادات الدول الصناعية الكبرى كالولاياتالمتحدة واليابان وكندا ودول الاتحاد الاوروبي مما ادى الى انكماش هذه الاقتصادات وتراجع النمو فيها الى درجة أدت إلى تدخل الحكومات للانقاذ ومنعاً للانهيار التام. وأوضح التقرير محذراً ان الوضع الحالي اصبح خطيراً ولا بد من اعادة محادثات (الدوحة) في اسرع وقت ممكن لحل القضايا الخلافية استناداً الى الحقائق الاقتصادية التي تقول إن تحريك الاقتصاد العالمي ككل مربوط بتحريك التجارةالدولية وتفعليها وتحريك التجارة مربوط بحل الخلافات بين الطرفين الرئيسيين الدول الصناعية الكبرى والدول النامية والفقيرة حتى يتسنى للجميع الدخول بفرص متساوية في نظام تجاري عادل والمساهمة فيه كل حسب امكاناته. هذه هو باختصار تقرير البنك الدولي وتحذيراته وهو مؤسسة دولية لا تملك سوى النصح والمراقبة وليس لديها (القوة الادارية) لفرض اي حلول او مقترحات على الدول العظمى التي هي في الحقيقة تسيطر على إدارة هذه المؤسسة وتسيّسها وتسخرها وفق مصالحها الاقتصادية. وبمناسبة اعلان هذا التقرير الخطير وتحذيراته لا بد لنا من التذكير بالقضايا الخلافية - لكي تكون الصورة واضحة لدى القارىء - التي حدثت في قمة (الدوحة) في العام 2001م ثم تكررت في قمة (جنيف) في العام 2008م اي بعد سبع سنوات واسباب الفشل الذي لازم القمتين. جولة الدوحة كان الغرض او الهدف الاساسي منها هو تحرير التجارة وجعلها أكثر عدلاً بين الدول العظمى والدول النامية والفقيرة لكن للأسف حدثت خلافات عميقة بين الجانبين لم يصلا فيها إلى إتفاق مما ادى الى تأجيل الجولة آنذاك ثم اعيدت للانعقاد في جنيف في العام 2008م وفشلت للمرة الثانية وتم التأجيل على أمل ان تعقد مستقبلاً بالعودة بها الى الدوحة مرة ثانية. الخلافات في قمة الدوحة كانت عبارة عن اتهامات هنا وهناك ومطالب من جانب الدول النامية قوبلت بمواقف متشددة من جانب الدول الصناعية الكبرى. المطالب كانت تتلخص في ثلاثة اولها: ان تقوم الدول الصناعية برفع الدعم الزراعي عن مزارعيها وخاصة في الولاياتالمتحدة، حيث يجد المزارعون دعماً كبيراً من الحكومة الأمر الذي جعل الانتاج الزراعي وسلع الصناعة الزراعية أقل سعراً وأكثر قوة في اقتحام الاسواق العالمية وأكثر قوة في المنافسة وهذا كانت نتيجته بوار الانتاج في الدول الاخرى واغراق اسواقها. المطلب الثاني: هو ان تقوم الدول الصناعية بفتح اسواقها امام السلع الواردة إليها من الدول النامية تماماً مثلما تفعل هذه الدول حيال الوارد إليها من الدول الصناعية من اوروبا والولاياتالمتحدة وهو مطلب (المعاملة بالمثل) أي بفتح الاسواق في الجانبين في آن واحد. أما المطلب الثالث: فهو خفض التعرفة الجمركية العالية التي تفرضها الدول الصناعية على السلع الواردة من الدول النامية والتي وصلت في بعض الاحيان الى (35%). هذه المطالب قوبلت في حينها بمواقف متشددة من الدول الصناعية والتي اتهمت ايضاً الدول النامية والفقيرة بانها تفرض ضرائب جمركية عالية وصلت الى (40%) على السلع الواردة لها. وبين هذه المطالب وتلكم المواقف المتشددة تعثرت جولة الدوحة وتعثر معها تحرير التجارة. ان تقرير البنك الدولي وإعلانه لتراجع التجارة الدولية يعتبر تحذيراً ايجابياً لدول العالم بعد حالة الجمود الحالية وتعثر استئناف جولة الدوحة وهي التي ينتظرها مصير عدة دول لاعلان انضمامها رسمياً للمنظمة ومن بين تلكم الدول السودان الذي اجاب علي كل الاسئلة وينتظر انضمامه رسمياً.