في مجتمعنا السوداني عادات وتقاليد كثيرة متوارثة جيلاً عن جيل، بل صارت هذه العادات جزءا اصيلا من ثقافة المجتمع منها السالب ومنها الايجابي ، فان الايجابي منها يجب التمسك به ، والسلبي لابد من التخلص منه وذلك بالتخلي عنه وتوظيف الوقت والمال والجهد في أشياء مهمة وملحة في حياتنا اليومية . من بين هذه العادات السالبة طقوس الزواج الملئ بالتفاصيل غير المهمة والهامشية جدا ، وكثير من المجتمع يعتقد ان هذه الطقوس هي جزء من التعبير عن الفرح، على الرغم من ان الفرح يمكن التعبير عنه بابسط الاشياء لكن من الضروري ان يكون فرحا حقيقيا وليس مزيفا ، ولابد ان يعبر عنه العريس والعروس اولا ثم يكمله الاهل والاحباب. ان من طقوس الزواج اللافتة للانتباه فطور العريس الذي صار اسطورة يتحدث عنها الجميع بتفاصيله التنافسية وعلى الرغم من تسميته بفطور العريس لكن العريس للأسف لا يأكله ولا يراه، لانه ليس متفرغا لذلك ، ويكون محاطا باجواء مليئة بالضغوط متمثلة في تلبية متطلبات أخرى يجب ان يلبيها لاكمال مراسم الزواج. ان الغرض من هذا الفطور هو التفاخر وعكس الوضع الاقتصادي لاسرة العروس والتباهي الاجتماعي مع العلم ان من يقومون بذلك هم كثير من الطبقات الاجتماعية (الغنية المقتدرة، والوسطى، والفقيرة) كل هؤلاء يتفاخرون في فطور العريس لأن المفهوم واحد باختلاف شكل الفطور . والطريف ان الاشخاص الذين يقومون بتوصيل الفطور يتوقعون تقديم هدايا من قبل أهل العريس مقابل ذلك الفطور، وبالتأكيد تكون نوعية الهدايا حسب وضع أسرة العريس الاقتصادي. حيث تبدأ من قوارير العطور وتنتهي بالسيارة وأطقم الذهب. كذلك من طقوس الزواج شيلة العروس ، وهي من الطقوس التي يؤخر كثير من الشباب زواجهم بسبب هذه (الملابس والعطور والمواد التموينية...) على الرغم من أنها هدية تقدم من العريس للعروس ويمكن ان تقدم بابسط الاشكال ، بل ويمكن الاستغناء عنها اذا تعذر ذلك بمعنى انها ليست ذات اهمية ، خاصة اذا ارتبطت الشيلة كمفهوم بارتداء الملابس الجديدة للعروس إذ يمكن ان تجهزهذه الملابس باتفاق بين العريس والعروس دون تدخل اسرتيهما اذا نظرنا اليها بفهم احترام خصوصية الاثنين المقبلين على الزواج ، وليس بنظرة بعض الاسر التي تريد ان تتفاخر وتتباهى. وشهد مجتمعنا كثيراً من القصص والحكايات لتجارب وعلاقات فشلت بسبب الشيلة والتدخلات الاسرية مما يدل على سطحية العملية الطقوسية للزواج ، وتحولها من خصوصية الى عمومية ، ومن هدية وذوق الى فرض واجبار اسري ومجتمعي. وهنالك شكل آخر من اشكال الشيلة إذ يقوم أهل العروس بتجهيز الشيلة اذا كان الوضع الاقتصادي للعريس متدنياً، فتقوم الاسرة بما يسمى بالتغليف والتزيين ويرسلونها الى أهل العريس لكي ترسل مرة اخرى اليهم (لاهل العروس) و تعرض امام المعازيم ، هذه بعض من الاساليب والطرق التي تؤسس الى الاستمرار لهذه العادة الاجتماعية بالشكل السالب والتظاهري. ومن الطقوس ايضا( حنة) العروس التي اصبحت ضرورة للتباهي ، ومن احتفال صغير الى وليمة، والغريب في الأمر ان حنة العروس ليست لديها علاقة مباشرة بالحنة لان العروس لا تخضب في ذلك اليوم لان الغرض من ذلك هو الحفلة بالفنانة الفلانية ، وبالعشاء الفاخر، والفستان المصمم بتكاليف باهظة ، كذلك عادة الصبحية التي تقام في صالة مغلقة للتباهي والتفاخر بين الاسر تخللتها خدمات فاخرة تكلفتها تكفي لزواج عشرات الشباب والشابات. اريد ان اقول ان الفرح يمكن ان نعبر عنه باشكال مختلفة خالية من التباهي والتفاخر والمنافسة السلبية التي ليس لديها نهايات وتكون سلسلة من العمليات المرهقة مادياً ومجتمعياً بل ويمكن ايضاً ان نحتفل باشكال بسيطة مليئة بالجمال ، ولا ننسى ان شعبنا يعتبر من شعوب الدول الاكثر فقرا ، لذا لابد من توظيف اموالنا في مواعينها المناسبة.. هذه بعض من ملامح طقوس الزواج في السودان. واخيرا نحن نريد ان يقدم الشباب والشابات على الزواج دون خوف وحذر من طقوس تعجيزية، ولا نريدهم أن يعزفوا عن الزواج لاسباب غير اساسية وغير جوهرية.