لعبت شخصية البروفيسورالفا عمر كونارى دورا حاسما فى تثبيت مؤسسات الاتحاد الافريقى الوليد عندما انتخب فى العام 2003 كأول رئيس لمفوضية الاتحاد الافريقى الذى انشىء على غرار الاتحاد الاوربى، ومن موقعه كرئيس للمفوضية سعى كونارى استاذ التاريخ والرئيس المالى السابق الى احداث نقلة مهمة لمستقبل التضامن فى القارة دون التأثر باستبدال منظمة الوحدة الافريقية العجوز بالاتحاد الافريقى الشاب المتطلع الى الاندماج الاقتصادى والسياسى بين مكونات القارة الافريقية، ونجح كونارى الى حد ما فى ملف السلم والامن بتشكيل مجلس السلم والامن الافريقى، وشهد مهمات افريقية لحفظ السلام فى دارفور والصومال وغيرها. ومثلما ارتبطت منظمة الوحدة الافريقية السابقة باسم التنزانى سالم احمد سالم، فان مفوضية الاتحاد الافريقى اقترنت مع الفا عمر كونارى لدرجة لا يتخيل معها المواطن الافريقي مفوضية بدون كونارى، ولكن الرجل ظل منذ مدة يطالب الزعماء الافارقة السماح له بالترجل عن المهمة، لاسباب ربما نستشف جزءاً منها من خطبة الوداع التى القاها امام قمة الاتحاد الافريقى الراهنة باديس ابابا عندما طالب بضرورة ادخال اصلاحات هيكلية على بنية المفوضية واعطاء المفوض الجديد صلاحيات اوسع، وذلك عندما قال : «من المهم ان تتعزز منظمتنا الشابة وتأخذ عبرا من الاعوام الاربعة الماضية. يجب ان يتمتع رئيس المفوضية بسلطة فعلية لقيادة عمل جماعي والقيام بادارة افضل». ولاول مرة تصبح المفوضية بدون كونارى حيث انتخبت الدول الافريقية امس الجمعة اثناء قمة اديس ابابا خليفته ، وهو الغابوني جان بينغ. وهو وزير خارجية ونائب رئيس وزراء سابق في بلاده، كما انتخب الكيني ايراستوس موينشا نائبا له ، وهو امين السر التنفيذي ل(الكوميسا).ويتمتع خليفة كونارى بالخبرات السياسية والدبلوماسية التى تجلت فى ترؤسه للدوره الثامنة والخمسين للجمعية العامة للامم المتحدة العام 2004 ، وهناك ثمة اجماع افريقي حوله، بدليل ان منافسيه فى الترشح للمنصب ، سارعوا فور اعلان اسمه لتهنئته وادلوا لوسائل الاعلام بشهادات طيبة فى حقه بينما فضل هو الصمت فى هذه اللحظات الا التعبير عن سعادته بالاختيار ، وقال علي التريكي امين الشؤون الافريقية بليبيا «اعلم تماما الصفات التي يتمتع بها. انه قادر على تمثيل افريقيا برمتها. سنتعاون معه توصلا الى تحقيق امل افريقيا: الولاياتالمتحدة الافريقية».واضاف ان «الاولوية بالنسبة له هي مواصلة العمل لتشكيل حكومة للاتحاد تمهيدا لانشاء الولاياتالمتحدة الافريقية».من جهتها، اعتبرت المرشحة التي لم يحالفها الحظ الزامبية اينونغي مبيكوسيتا ان «الرؤساء الافارقة يثقون به (بينغ)، ولهذا السبب اختاروه». ووجود جان بينغ على رأس مفوضية الاتحاد الافريقى من شأنه ان يعزز النفوذ الصينى فى القارة الافريقية بعد ان توسعت المصالح الاقتصادية المشتركة بين القارة والصين فبينغ يعرف على انه رجل الصين فى افريقيا وهو نفسه ثمرة لقاء صينى افريقى، فوالده من الصين وامه غابونية، وكان له دور بارز فى زيارة الرئيس الصينى هو جين تاو للغابون العام 2004 ، وإطلاقه من العاصمة ليبرفيل استراتيجية التعاون الافريقى الصينى.وبينغ المولود فى العام 1942 لتاجر صينى وام غابونية بمحافظة امبواوغو الساحلية التحق بوظيفةفى ادراة العلاقات الخارجية بمنظمة اليونسكو العام 1972 ثم مستشارا للسفارة الغابونية بفرنسا العام 1978 ، واصبح ممثلاً دائماً لبلاده باليونسكو حتى العام 1984، ومديرا لمكتب الرئيس عمر بانقو من 1984 وحتى 1990 حيث عين وزيرا للاعلام والاتصالات، وناطقا بلسان الحكومة ، وشغل بعدها عدة وزارات ومواقع حكومية رفيعة وعضوا فى البرلمان ثم اختير فى يناير من العام 2007 نائبا لرئيس الوزراء ممسكا بملف العلاقات الخارجية. ويعد بينغ من الدائرة المقربة من الرئيس الغابونى عمر بانقو، وكان زوجا لابنته الكبرى باسكلين وهى سياسية وينظر اليها كوريث لوالدها عمر بانقو عميد الرؤساء الافارقة.