? هل احتكرت الصفوة أديبنا العالمي الراحل الطيب صالح وأبعدته عن قرائه؟ أم ان المهجر هو الذي أثار ذلك الشجن الذي تلمسه في عيون القراء الذين حرموا من جديده ومن اللقاء به؟ والكثيرون يثيرون علامة إستفهام ان الطيب ليس كاتباً شعبياً رغم كل الذي وضعه على طاولة الرواية والقصة العربية ينتمي إلى الأدب الذي يمكن ان نطلق عليه الرواية الشعبية وإن تفوق بالعبور إلى نقطة مهمة هي التحليل النفسي لصراع الشرق والغرب الذي جسدته «موسم الهجرة إلى الشمال». ? الطيب صالح في ذكرى رحيله الأولى كان الإحتفاء به بإعادة كل ما نشر عنه سوى في الشبكة العنكبوتية أو ما كتبه النقاد إذ لا جديد كما أشار إلى ذلك القاص والناقد عيسى الحلو فالجميع إستند إلى مقولة أذكروا محاسن «كتابكم» الراحلين! وهو المثير الذي يطلق السؤال هل كان الطيب صالح روائياً مكتملاً؟ ? هو نفسه لو كان حياً لأجاب: «لا».. إذ أن الشهرة تخفي كما هو «الميك أب» العيوب والهنات وربما إن تحدثت عنها يقولون: ومن أنت لتتحدث عنه؟.. ولن تفيدك أية مصدات لصد الهجوم عليك!.. والطيب صالح كان روائياً لا يشق له غبار وإن كان قد ظلم مجموعة الكتاب والروائيين من ابناء جيله وهم كثر متميزون.. مختار عجوبة وعيسى الحلو.. ومبارك الصادق وغيرهم.. مثلما فعل سيد خليفة ب «البمبو سوداني.. ما أن تحط على بلد عربي حتى تسمع «البمبو سوداني» كأن لا فنان آخر في بلد المليون ميل مربع.. ربما كانت الغربة وبلادها وما يتوافر فيها من أضواء وإعلام ومنابر قد «كفت» الطيب صالح شر المحلية ووضعته في مصاف العالمية.. وهو الرجل الذي عمل في إحدى المنظمات الدولية.. وتمكن بابداعه أن يبلغ الترشح إلى جائزة نوبل.. فالطيب يمتلك الإبداع مما لا شك فيه.. ولكن ابناء جيله أيضاً كانوا مبدعين حرمتهم المحلية من بلوغ الشهرة التي حرمت القراء من التلاقي بالطيب صالح فافتقد البيئة التي يمكنها ان ترفده ليواصل إبداعه كما هو الحال مع نجيب محفوظ الذي كان غزير الانتاج .. فتفوق كماً على الطيب صالح الذي احتكرته الصفوة بينما ظل محفوظ يواظب على الحضور إلى المقهى حتى أواخر أيام حياته وفي مصر موطنه الصفوة من سياسيين وشيوخ وعلماء وفنانين كبار.. في الخليج أو في مدينة الضباب التي عاش فيها أغلب سنوات عمره و مات. ? الطيب صالح وإن توزع ما بين كونه إذاعياً وكاتباً صحفياً وأديباً وسفيراً مهيمناً على إسم السودان في الخارج.. فإنه غاب عن المنابر السودانية.. ربما كانت السياسة حاجزاً وهو الرافض للإنتماء الحزبي.. المهم أنه ماكينة إبداع وإن فقدت بعض أسنان تروسها.. مما يجعلني أضع سؤالاً أو مجموعة أسئلة كيف نحمي المبدعين من داء الصفوة الذين يصنعون سياجاً من حديد يمنع المبدع من القفز والوصول إلى ساحة بيئته بما فيها من أناس وأحداث وتفاصيل لمعين يعين المبدع على الإستمرارية.. رحم الله الطيب صالح وأسكنه الجنات العلا .