رفع الإنسحاب المفاجىء لمرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان من السباق الانتخابي لرئاسة الجمهورية .. رفع مستويات التوتر في الشارع السياسي خاصة بعدما تكاثر الكلام عن اجتماع وشيك لمرشحي الرئاسة واجتماع آخر لزعماء أحزاب المعارضة. لكن شيئاً فشيئاً بدأت تستبين ملامح القرارات والسياسات الإنتخابية : أولا، أوضحت الحركة الشعبية أنها تنسحب من السجال الرئاسي لكنها ستخوض الانتخابات بمختلف مستوياتها باستثناء دارفور. ثانيا، أعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي انسحابه من السجال الرئاسي مع الابقاء على مشاركته في الانتخابات الأخرى. مع دعم واضح للبشير عندما قرر إرسال أحمد الميرغني نجل السيد محمد عثمان وطه الحسن الميرغني في حملة الرئيس البشير لولاية كسلا. ثالثاً، أعلن حزب الأمة انسحابه من الإنتخابات الرئاسية وأجل اتخاذ قرار في الإنسحاب أو الإستمرار في باقي الانتخابات. مع ملاحظة (صغيرة) هي إعلان الصادق المهدي أن فوز ياسر عرمان بالرئاسة سيحدث احتجاجات واضطربات في السودان الشمالي. رابعاً، أكد حزب المؤتمر الشعبي قراره السابق في خوض الانتخابات بكل مستوياتها. وحذا حذوه حزبا المؤتمر السوداني والتحالف الديمقراطي. خامساً، قال رئيس الحركة الشعبية إن الحركة سحبت مرشحها لرئاسة الجمهورية دعماً للرئيس عمر البشير، لكن في المقابل لم يظهر في لغة عرمان أي اتجاه بذلك بل استمر حتى كتابة هذه السطور في لغة التحريض على الانتخابات. سادساً، لم يحدد مرشحو الرئاسة المستقلين موقفاً واضحاً من الاستمرار أو الانسحاب، لكن بعض الاجتهادات تشير إلى استمرارهم في العملية الإنتخابية، لأن انسحابهم من الانتخابات الرئاسية يعني انسحابهم من الانتخابات برمتها، وهو ما لم يقترحه أحد. سابعاً، دخول المبعوث الأمريكي اسكوت غرايشون كلاعب أساسي في هذا المشهد كان شيئاً لافتاً، إذ أنه كان يحمل رسالة واحدة هي ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها مع الاشتراط بأن تكون انتخابات حرة ونزيهة. لكن من الواضح أن المبعوث الأمريكي كان يشرح لأحزاب جوبا شيئين مهمين : الأول، أن المرحلة الانتقالية جاءت بمرجعية من اتفاقية نيفاشا، فعلى ماذا ستستند المرحلة المقترحة من المعارضة (من أبريل إلى نوفمبر)؟ والثاني، أن ما مضى من الانتخابات كلف دافع الضرائب في الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة نحو (300) مليون دولار، من أين ستعوض هذه المبالغ؟ مع التلميح بأن الأخطاء الانتخابية التي تشير لها المعارضة مضخمة، وهي في واقع الأمر تعتبر هنات وليست أخطاء يمكن أن توقف الانتخابات. وبعد .. مجمل هذه المشاهد تشير الى هدوء الأحوال ولا يحمل أية إشارة لإحتمال الانفجار .. هكذا يبدو لي الوضع.