وصية السيد الصادق المهدي الشهيرة للجماهير، (أكلو توركم وأدو زولكم)، ربما كانت في ذهن أحد شباب المؤتمر الوطني في مايو، وهو يقول بطريقة كاملة الصرامة: (الشاي من حق عضوية المؤتمر الوطني فقط، وليس لدينا شاي للآخرين). فالوطني، اتخذ من روضة شمس المعارف القريبة من المركز رقم (4) بمنطقة مايو في الدائرة (45) قومية و(33) ولائية داراً مؤقتة له، يجمع فيها المؤيدين الذين يتم ترحيلهم إلى الروضة بواسطة عربات (هايس)، توطئة لنقلهم إلى المركز القريب للقيام بعملية التصويت، لكن قبل ذلك، يمكن للناخب تناول الطعام أو المشروبات داخل الروضة، تمهيداً للانطلاق لمركز التصويت. وعلى خلاف ما قاله ذلك الشاب ، يبدي المسئولون الأكبر سناً والأعلى في السلم التنظيمي أريحية وقدراً من الحفاوة بالزائرين، ويصرون على دعوتهم لتناول كوب شاي، أو فنجان قهوة، أو حتى تناول طعام الإفطار، أو الغداء. الشاي، والقهوة، تقوم بأعدادهما الحاجة (أم جمعة) التي تأتي إلى الروضة بعد شروق الشمس مباشرة، لتبدأ على الفور في إشعال الفحم وتضع آنية الشاي على النار، وتنتظر توافد منسوبي الحزب لتقدم لهم مشروبها المجاني، أما وقت تقديم القهوة فيبدأ بعد طعام الإفطار، حيث تأخذ (أم جمعة) في تحميس البن على النار، قبل أن تقوم بسحنه، ومزجه بالماء الساخن. رفيقات (أم جمعة)، لديهن مهمة أخرى غير إعداد وتقديم الشاي والقهوة، فهن يشرفن على إعداد طعام الإفطار والغداء، إفطار المؤتمر الوطني الذي يقدمه لمؤيديه في مايو هو الفول، والغريب في الأمر أن فول الإفطار تشرف عليه واحد وعشرون امرأة، بواقع سبع سيدات في كل يوم من أيام الاقتراع، أما طعام الغداء فتعده حاجة (مني) وحدها كل يوم منذ وقت مبكر لينضج جيداً، (الرجلة) فرضت نفسها كوجبة غداء وحيدة خلال اليوم الأول والثاني للتصويت، حيث تطبخ في إناء كبير، بحيث تكفى لإطعام أكبر عدد من الأشخاص. البعض، ممن عرف بأمر الشاي والقهوة و(الرجلة)، اعتاد خلال اليومين الماضيين على القدوم لروضة المؤتمر الوطني، لتناول وجبة، أو كوب شاي، أو فنجان قهوة، دون أن تكون له علاقة سابقة مع المؤتمر الوطني، ودون أن يقوم بالتصويت لصالحه. الروضة، تستخدمها اللجنة الشعبية كمقر على ما يبدو، ما أثار مواجهة كلامية بين أحد قادة المؤتمر الشعبي المحليين في مايو، وأحد شاب الوطني الذي طالبه بالخروج من (دار) الوطني، فما كان من القيادي الشعبي إلا أن رفض المغادرة بصوت عال، وجهر بمنطقه أمام الجميع: هذا مقر اللجنة الشعبية وليس مقر حزب بعينه، ثم أين كان هذا الفتي عندما كنا نحن في الحركة الإسلامية الموحدة وبنينا هذه الدار، غضبة كادر الحركة الإسلامية القديم لم تستمر طويلاً، فقد تدخل أحد كبار قادة الوطني في المنطقة وقام بتقديم اعتذار لكادر المؤتمر الشعبي عما بدر من ذاك المنسوب الشاب، وعقبها وجه له دعوة لشرب كوب شاي.