أغنية «من جديد جيت تاني تكسر صمتي بالنظرة الخجولة.. يا أمل عمري القبيل يا سنين عامرات فصولا.. ما قدرت انساك من زمان بس ضاعت أحلام الطفولة..» هذه الأغنية جمعت ثلاثياً فريداً في الروعة والجمال.. فهي ظلت تتجدد دوماً ويقال عنها انها أغنية كل الأزمان، لا ينطفىء نورها ولا يخفت بريقها لأنها خرجت من بين حنايا الشاعر مدنى النخلي، ولحنها عبقري الأغنية السودانية مصطفى سيد أحمد، وغناها خالد الصحافة فهو فنان ذو صوت جميل ومتميز وقد شكلت هذه الأغنية الملمح الأبرز في تجربته.. «من جديد» لها حكاية حدثنا عنها الشاعر النخلي منبع الشعر العذب الجميل الذى به يستطيع ان يلامس الوجدان الساكن ويثير فيه الحزن والفرح والذكريات وأغنياته تحكي عنه كشاعر مرهف عميق الطرح.. يقول «النخلي» حيث يكون انساناً ما تعزه وتعشقه بكل جوارحك وتسكنه في أقصى الوجدان فينصرف عنك ويبتعد ويتركك وحيداً تعانى ويلات الوحدة والهجر، ثم يحاول الرجوع للعش الذى فر منه لذات القلب والمكان فهي محاولات لكسر الصمت ولكن الذى انكسر كان اكبر وأعمق.. كل هذه التفاصيل كنت أحكيها لعزيزي مصطفى سيد أحمد، أذهب اليه في منزله بالديوم الشرقية وأرمى عليه همومي وآلامي والجراح التي كنت أحملها، وكان ذلك في العام 1891م فقال لي: «انت ما داير تطلع من صمتك؟» فكتبت «من جديد جيت تاني.. تكسر صمتي بالنظرة الخجولة» وذات مرة وصلني خطاب من التي تركتني رداً على مقاطع الشعر معطر ومبلل بالدموع.. وكتبت رداً على خطابها: «ما بفيد أنا لو الملم من عيونك ذكريات.. أو أصحي الماضي فيهن.. وأنسى حزن الأمسيات.. وبرضو زمن البهجة عدى.. وعمرى فات فيهو الفوات ما قدرت انساك من زمان».. ولا أخفى ان الرسائل كانت تؤلمني وتعمق جراحي.. لانني كنت شاباً تثور بداخله العاطفة بشكل دافق.. وقال: بعد ذلك احضرت تلك المقاطع لمصطفى وبعد ما تأملها قال لي: كثيرون يعيشون نفس حالتك وأنا منهم.. وفي العام 3891م فاجأني مصطفى وغناها لي بالعود.. وكنت واثقاً انه سيسكب كل مقدراته اللحنية وانه سيمزجها بحزنه فهو يعيش مثل حالتي.. وكان يستعد لتقديمها بالاوركسترا لكن المرض كان حائلاً دون ذلك.. وفي الدوحة كان لقاء خالد الصحافة بمصطفى وحصل التعامل بينهما بأغنيتين هما «لحظات ندية» و«من جديد» والتي كان اسمها «أحلام الطفولة» ولكن الموسيقار الموصلى الذى أشرف على أول البوم لخالد قام بتغيير اسم الأغنية الى «من جديد»..