اصبح حصولك على بضعة لترات من المياه فى اليوم وانت مواطن فى بعض مناطق الخرطوم مهمة شبه مستحيلة فالعاصمة كانت ولاتزال رغم مرور اطول انهار العالم بها تعانى من مشكلة المياه، ليس لانحسار فى النيل، وانما لفشل الادارات التى تعاقبت على هيئة مياه الولاية فى وضع خطط علمية ومدروسة لتأهيل الشبكات القديمة التى تركها الانجليز ومعرفة مكامن الخلل فى هذه الشبكات ، كما ان هذه الادارات المتعاقبة التى آخرها ادارة المهندس خالد حسن ابراهيم، لم تعرف حتى اليوم خرائط لبعض الشبكات القديمة لتجديد تأهيلها، خلافا لحديث سابق للمدير مع احدى الصحف المحلية قال فيه ان ازمة انقطاع المياه فى حال تكررت العام الجارى (سيبرح مكانه ولن يكون فى المكان الذى يجلس فيه الآن)، لما للهيئة من خطط جديدة للتطوير اهمها التأهيل الكامل للمحطات القديمة، واقامة محطات نيلية لكل سكان الولاية، بجانب التوسع في انشاء المزيد من المحطات الجديدة للمياه، علاوة على اصلاح الآبار الجوفية، وانشاء مركز للطواريء والتبليغ الفورى عن قطوعات الامداد المائى لتلقى بلاغات المواطنين عن القطوعات. ولكن جاءت الرياح -حتى يونيو الجارى- بما لاتشتهى سفن مدير الهيئة، حيث كثرت قطوعات المياه بطريقة فاقت قطوعات العام الماضى، والغريب فى الامر انها امتدت لاحياء وسطية قبل الطرفية. وكشفت جولة ل(الرأي العام) لأحياء وسطية بالخرطوم وامدرمان عن وجود معاناة كبيرة للمواطنين مع المياه بمختلف الاحياء وهم فى حيرة من امرهم مع الانقطاع المتكرر للامداد المائي ولاحظت (الرأي العام) تسابق المواطنين فى هجير النهار يحملون (الجرادل) ويهرولون نحو المحلات التى يزداد فيها ضخ المياه. ويقول المواطن عمر حبيب من حى السجانة بالخرطوم إن المنطقة ظلت تعاني منذ اربعة اعوام من القطوعات فى الامداد المائى، حيث ان الخط الرئيسي الناقل للمياه يتعرض من فترة لاخرى للكسرلضعف المواسير الناقلة للمياه ، واضاف فى حديثه ل(الرأي العام) ان اهالى الحى تعودوا سنويا عند حلول موسم الصيف خاصة فى ابريل ومايو على المعاناة فى المياه، مشيرا الى ان الامر اصبح عاديا بالنسبة اليهم لذلك يجب عدم الاستغراب من مشاهدة منظر المواطنين وهم يجوبون شوارع المنطقة بحثا عن المياه. ويقول المواطن بشير عثمان من حى بانت بامدرمان ان الحى من اكثر احياء امدرمان التى تعانى من مشاكل المياه سنويا، واضاف فى حديثه ل(الرأي العام) انه حتى فى بقية فصول السنة اذا جاءت المياه فانها تأتى غير نقية ومصحوبة فى كثير من الاحيان بالشوائب. ويبدو ان تصريحات مدير الهيئة بنيت فى ذلك الوقت على حسابات استلامه لمهامه حديثا واحساس التكليف الذى انتابه مثل اى مسؤول جديد، لان قضية معالجة قطوعات المياه فى الخرطوم تحتاج الى عشرات السنين، وكان والى الخرطوم وجه فى اجتماع سابق له مع الهيئة ووزارة البنى التحتية السابقة باتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة لتأهيل الشبكات القديمة وانشاء شبكات جديدة لاستيعاب الزيادة فى الكميات المتوقعة من المياه بعد دخول المحطات الجديدة، كما ان الوالى جدد هذا الامر قبل ايام عقب لقائه مع د. يوسف تبن وزير البيئة ومرافق المياه حينما وجه الوزارة بضرورة توفير مياه نظيفة ودائمة، واقر بوجود تحدى فى الشبكات التى تقوم بتوصيل المياه ، لكنه اكد عزم الولاية على حل القضية خلال عامين بتوفير تمويل يبلغ (450) مليون جنيه لتأهيل الشبكات القديمة واكمال العمل فى الشبكات الجديدة. ولكن نزار بابكر الناطق الرسمى باسم الهيئة، يؤكد سعى هيئته لايجاد الخرائط القديمة للشبكات لإعادة تأهيلها وإلحاقها بالبرنامح الاسعافى للولاية فى جانب المياه، واكد ان تصريحات مدير الهيئة لاحدى الصحف عن انه سيترك مكانه فى حال تكررت قطوعات مياه هذا العام، قال انه بناها على ما هو موجود من خطط وبرامج للتطوير، وعزا القطوعات المتكررة فى الامداد الصيف الحالى والتى جاءت مخالفة لحديث المدير الى تزايد الاستهلاك المحلى للمياه وبعض اعمال الصيانة فى الشبكات، مؤكدا ان الهيئة تسعى الى تأهيل الشبكات القديمة بعد اتجاه حكومة الولاية لدفع (450) مليون جنيه للتأهيل، مشيرا الى انه تمت عمليات احلال لحوالى (30) شبكة قديمة بمختلف انحاء العاصمة وتركيب (66) بئراً جديدة، علاوة على انشاء محطات جديدة للمياه مثل محطتى المنارة وجبل اولياء لانتاج (200) الف متر مكعب من المياه، وحول تخفيض تعريفة المياه، اكد انه لايوجد اتجاه فى الوقت الحالى للتخفيض لتحمل الهيئة لجزء من اعباء التنمية بالولاية من تشغيل للشبكات وعمليات صيانة وانشاء محطات جديدة فى كافة مدن العاصمة الثلاثة. وكيفما كان من امر فان هيئة مياه الخرطوم تحتاج الى مراجعة شاملة لادائها طيلة الفترة الماضية فى كافة احياء الولاية، وقبل ذلك الفحص الدقيق للشبكات القديمة لمعرفة الخلل فى ادائها ، قبل دخول المحطات الجديدة دائرة الخدمة التى ستزيد من الضغط على هذه الشبكات وبالتالى ربما يحدث مالا يحمد عقباه انفجار الشبكات والخطوط.