عندما تحدثت مع أخي وصديقي محمد أحمد دسوقي عبر صحيفة «المشاهد» الغراء قبل أيام قليلة عن قضيتنا الرياضية الأساسية اليوم هي الإعداد والتركيز على البطولة الأفريقية التي ينظمها السودان في الربع الأول من العام المقبل، كنت متحسباً لمثل ما أثاره التصريح الذي نُسب للأخ الكريم حاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة من تصريح مفاده أنه لن يضعف القانون بأي استثناء، والرجل إن كان ما نُسب إليه صحيحاً لم يصدر قراراً بعدم إستثناء زيد أو عبيد من عدم الترشيح، ولكن كأسلوبنا المعروف في القفز بالنتائج غبر المحسوبة في صراعاتنا، ألبسنا التصريح ثوب القرار وفصلناه على الأخ د. شداد، ولذلك جاءت كل عناوين الصحف الرياضية الرئيسية بهذا التفسير للتصريح الذي نُسب للأخ الوزير، لتبدأ معركة اعلامية حامية الوطيس تشغلنا تماماً عن مهمتنا الأساسية التي تتمثل في إظهار وجه السودان المشرف أمام العالم من خلال قدرتنا على تنظيم المنافسة القارية ومن خلال استعداداتنا لها وستتواصل المعركة الاعلامية بين طرفي نقيض.. الأول يقف بتطرف ضد إعادة ترشيح الأخ شداد من منطلق عداء مستمر لشخصه. والثاني يقاتل بشراسة تعاطفاً أو قناعة بتاريخ الرجل في العمل الرياضي.. ولأني لن أفاجأ اذا استمر وطيس هذه المعركة حتى وصول وفد الاتحاد الأفريقي الذي سيزور السودان بعد أسبوعين فقط ليراجع استعداداتنا للبطولة الافريقية.. وبدلاً من أن نعد أنفسنا لاستقبال الوفد القادم بالجو الرياضي المعافى والتقارير العلمية نغرق أنفسنا بمعارك في غير معترك، وأصفها متعمداً أنها معركة في غير معترك، ببساطة، لأن الدكتور شداد لا يحتاج لقرار إداري يتم بموجبه إستثناؤه من أحكام المادة (16) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003م. فالدكتور شداد له الحق في الترشيح بنص القانون وبنص المادة نفسها التي تمنع الترشيح لأكثر من دورتين.. ولنقرأ معاً بهدوء ومن غير إنفعال نص المادة (16): 1 تكون دورة عمل مجالس إدارات اللجنة الأولمبية واتحاد الهيئات الشبابية أربع سنوات. 2 تكون دورة عمل مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة الأخرى ثلاث سنوات. 3 تكون دورة العمل لعضوية مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة دورتين متتاليتين كحد أقصى في الهيئة الواحدة والمنصب الواحد، وأي عضو يحقق للسودان موقعاً قارياً أو دولياً تعتمده الوزارة يمنح الحق في الترشيح لدورة أخرى. 4 مع مراعاة أحكام البند (3) يحق لمن أنهى دورة عمله أن يترشّح لأيَّة دورة أخرى شريطة ألا تكون دورات متصلة. ومن الواضح من البند (3) من المادة أن المنع في هذا النص ليس منعاً مطلقاً، بل تضمّن النص ذاته إستثناءً لكل من احتل موقعاً قارياً أو دولياً. وبهذا النص من حق الإخوة الدكتور شداد مجدي شمس الدين الزين علي ابراهيم علي قاقارين، على سبيل المثال في كرة القدم ومهندس صديق إبراهيم العميد (م) مصطفى عبادي في ألعاب القوى وغيرهم كثر.. فحكمة المُشرِّع التي تُعتبر عنصراً أساسياً من عناصر التفسير في التشريعات واضحة وهي أن المواقع القارية والدولية لا يصل إليها إلاّ المتميزون كقياديين كسبوا ثقة المؤسسات الخارجية، وبذلك يكون من غير المنطقي أن يحرم القانون العمل الرياضي من كوادر أثبتت كفاءتها. وكأنما أراد القانون أن يقول إن من يتولى القيادة لأكثر من دورة ولم يحقق شيئاً فليفسح المجال لغيره.. فالبقاء للأصلح بذلك يكون الإستثناء من المادة (16) مرتبطاً بتحقيق موقع خارجي يحسب لصالح السودان. هذا ما ينصُ عليه القانون الساري.. أما رأيي الشخصي فأنا ضد المادة (16) جُملةً وتفصيلاً لأنها تُصادر إرادة الجمعية العمومية التي من حقوقها الأصيلة أن تأتي بكامل حريتها بمن تثق في قدراته. وإذا فَسّرنا القانون بغير ذلك فكأنما أراد القانون في هذا النص أن يخاطب أيَّة جمعية عمومية قائلاً: (أنت يا جمعية عمومية قاصر ولا تعرفي أين مصلحتك، وحتى لا تقعي في خطئك السابق بتكرار نفس القيادات جاء هذا النص ليحميك من الذين ظللت تختارينهم دون وعي أو إدراك وذلك بحرمانهم من الترشيح بقوة القانون). وإذا نظرنا للواقع الماثل حالياً، وحتى إذا افترضنا جدلاً أن القانون الساري يمنع شداد من الترشيح نجد أن أكثر من 70% من عضوية الجمعية العمومية التمست من الوزارة أن تكفل للدكتور شداد حق الترشيح، وهذه النسبة المئوية من الجمعية العمومية تستطيع أن تعدل النظام الأساسي في أعلى سلطة تشريعية في كرة القدم.. فأيِّ منطق مقبول يمكن أن نسوقه لعدم الإستجابة للطلب..؟! أعود مرةً أخرى وأناشد الجميع تكراراً ومراراً أن نترك خلافاتنا وصراعتنا الرياضية جانباً ونلتف حول ما هو أصلح للوطن كما فعل الرياضيون بجنوب أفريقيا حين أجمعوا على أن يؤجلوا لما بعد المونديال جمعيتهم العمومية وصراعاتها، التي كان مقرراً لعقدها قبل نهائيات كأس العالم.