عاشت كلمتا النساء والولادة بيننا مقترنتين, عِلْماً من العلوم الطبيّة السريريّة فى كليّات الطب وممارسة طبيّة آناء الليل وأطراف النهار, لا يصيبها الكساد فى المستشفيات والمستوصفات وعيادات الإختصاصيين... وسيدوم طب النساء والولادة لمُمارسيه عِلمَاً وعَلَماً ومهنة لا يراها ممتهنوها إلا من نافذة الجهاز التناسلى للمرأة! بين يدى الآن أوراق تثبت عكس ذلك, إذ يمكن النظر إلى عَاَلَم النساء والولادة من غير تلك النافذة... الأوراق هى مجموعة من القصص القصيرة لطبيب النساء والولادة السودانى دكتور حامد فضل الله الكاتب القومى العربى المعروف فى حركة النشر القوميّة والمقيم فى العاصمة الألمانية برلين والناشط الحقوقى... هذه المجموعة من القصص القصيرة نشرتها مجلة (أدب ونقد) العربيّة لتقرأها دائرة أكبر من دائرة النشر السودانى! تَقَْرأ المجموعة القصصية فتجد أنّها تتصل ببعضها بخيوط حريرية, أو بخيوط إمعاء القط التى يُخاط بها رَحِم المرأة بعد عمليّة قيصريّة... فالقصص على تباين شخصياتها ونقاط قوّتهنّ وضعفهنّ, وعلى إختلاف مواقفهنّ من الحياة إقبالاً أو إدباراً, فهى تلتقى فى نقطة العلاقة الدقيقة بين الرجل والمرأة أو المرأة والرجل التى تنتهى بزيارة عيادة النساء والولادة, ويبقى أمامهما مدى مشروعيّة هذه الزيارة! بمقدرة الروائى المتمكّن ومهارة طبيب النساء والولادة يقص علينا الكاتب أدق القصص من ملفات عيادته, فيقدّم لنا الصراع بين النزوة والحب فيستبين لنا أنّ طبيب النساء والولادة لا يستقيم تخصصه لو لم تتوافر له أدوات الروائى, وأنّ الروائى فى أدب المرأة لن ينتج روايةً لو لم تكن له خبرة تتقاطع مع طب النساء والولادة! معظم قصص المجموعة تدور أو تنطلق أو تنتهى فى عيادة المؤلف فى برلين لكنّها فى جوهرها تَصبّ فى مصبّ الأدب الإنسانى أو فى أحد روافده: أدب النساء والولادة! ألفت نظر الأستاذ عيسى الحلو رئيس القسم الثقافى بهذه الصحيفة للدكتور حامد فضل الله فهو إضافة (طبيّة) لملفه مثلما كان الدكتور أمير تاج السر, فهو كاتب يستحق أنْ يكون ضمن (كتابات)... طبيب يصنع من تخصصه أدباً, وروائى يتخفّى فى مِعْطَف النساء والولادة!!