بحمد الله فقد نجح الموسم الزراعي المطري الصيفي، حيث هطلت أمطار غزيرة وموزعة على كافة المناطق المزروعة وذلك على مدار الخريف، كما أجتهد المزارعون في انتاج المحاصيل هذا العام بعد شح في الانتاج استمر لعامين مما ادى إلى إنتاج كبير وضخم للمحاصيل الزراعية بشقيها الغذائي والنقدي الأمر الذي يهدد بانخفاض كبير في أسعار هذه المحاصيل لدرجة تضر بالمنتجين إذا تدنت الأسعار إلى ما دون تكلفة الانتاج وسوف يترتب على ذلك تعثر من استدان من الجهاز المصرفي واحجام المزارعين عن الزراعة في العام المقبل مما يتطلب حزمة سياسات اقتصادية ومعالجات جادة ونوعية لخدمة الاقتصاد القومي. ومن هنا نطرح بعض المعالجات للاستفادة القصوى من هذا الانتاج الضخم من المحاصيل: 1/ منح إدارة المخزون الاستراتيجي أو البنك الزراعي تمويلاً سخياً لشراء الذرة والدخن على ان يكون ذلك قبل نهاية العام 2010م. 2/ ان يتم قبول الذرة والدخن الذي يخزنه القطاع الخاص كضمان للتمويل المصرفي التجاري على ان لا يتعدى موعد تصفيته شهر يوليو من العام 2011م، مما يشجع القطاع الخاص على الشراء والتخزين. 3/ فتح الباب واسعاً للصادرات السودانية عبر تجارة الحدود فيما عدا الذهب والسمسم والماشية والصمغ العربي. 4/ تسهيل تمويل الصناعات التي تدخل المحاصيل الزراعية كمدخلات إنتاج فيها، أي أن تتجاوب البنوك بتمويل هذه الصناعات بأقل ضمانات ممكنة لشراء المحاصيل الزراعية مثال لذلك صناعة العلف التي تشترى الذرة وصناعة الزيوت التي تشتري الحبوب الزيتية بأنواعها. 5/ دعم سعر الصرف الصادر باحدى وسيلتين هما: أ) تحديد سعر صرف خاص لجميع الصادرات غير البترولية وليكن (2.7) للدولار مثلاً. ب) تنازل بنك السودان عن عائد الصادرات بالكامل وتركها للمصدرين ليبيعوها بالسوق الموازي ويحصلون على حوالي (13%) من عائد اضافي لهم على ان يتم استثناء ثلاث سلع فقط تظل عائداتها تؤول لبنك السودان وهي السمسم، والماشية واللحوم والذهب. 6/ التوسع في انشاء صوامع غلال كبيرة لضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل. في اعتقادي ان كل تلك المعالجات ضرورية وعاجلة لمنع انهيار وشيك في أسعار المحاصيل الزراعية وضرر بليغ سيلحق بالمزارعين وبالاقتصاد الكلي وهذه المعالجات تهدف لدخول الدولة والقطاع الخاص والمصدرين للشراء وزيادة الطلب على هذه السلع في هذا الوقت الحرج على ان يصحب ذلك خطوات اخرى تتخذ على المدى المتوسط والطويل مثل إنشاء مزيد من صوامع الغلال. هذا وسيؤدي دعم سعر الصرف للمصدرين بجانب عوامل اخرى الى قفزة كبيرة في عائد الصادرات التقليدية والهامشية مثل الكركدي وحب البطيخ والعلف وغيرها ويرتفع سعرها محلياً باعتبارها سلعاً دولارية. واتوقع ان يصل اجمالي قيمة عائد الصادرات غير البترولية للعام 2011م، إلى ملياري دولار إذا طبقت هذه الحزمة. وعلى الرغم من صعوبة وقسوة قرار تنازل البنك المركزي عن حصيلة عائد الصادرات وما يترتب عليه من انخفاض إيراداته بالنقد الأجنبي إلاّ أنه في ذات الوقت يقفز بعائدات الصادرات غير البترولية، بل ويضاعفها عما كانت عليه في العام 2010م، مما يؤدي الى تدفق عرض النقد الأجنبي إلى السوق الموازي فيسهم في استقرار أسعاره ويقلل بالتالي حاجة البنك المركزي للتدخل المباشر من حين لآخر.