شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاجس الزعامة دفع العقيد القذافي للسعي لإمتلاك أسلحة الدمار الشامل..العالم الباكستاني عبد القدير خان عمل في مشروع البرنامج النووي الليبي
شلقم يواصل سرد سنوات الأحلام والطموح للعقيد.. (الحلقة الثالثة)
نشر في الرأي العام يوم 19 - 07 - 2011

في طريق العودة إلى الفندق بعد منتصف الليل كانت روما تغالب النعاس. لم يلامسني سحر المدينة النائمة على نهر من التاريخ. شعرت بأنني أصطحب معي حشداً من جثث (الكلاب الضالة) والمتفجرات والارتكابات. تذكرت الأحاسيس المشابهة التي غمرتني قبل ثمانية أعوام يوم كنت أحاور من عملوا مع صدام حسين في الحزب ومن عملوا في ظله في عهده الراعب. هذا فظيع. يقتل المستبد بلاده مرتين. الأولى حين يستبيح البلاد والعباد ويسبح في الدم. والثانية حين يحاول اغتيال البلاد والعباد رداً على محاولة اقتلاع نظامه. في 25 فبراير الماضي التفت العالم إلى عبدالرحمن شلقم مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة. أمام أعضاء مجلس الأمن وعلى الشاشات غسل الرجل يديه من نظام معمر القذافي الذي هاله انتقال الربيع العربي إلى الجماهيرية فسارع إلى قتل المحتجين. قبل أن يوجه هذه الضربة إلى النظام كان شلقم، الذي تولى حقيبة الخارجية في بداية القرن الحالي وعلى مدى تسعة أعوام، قد شارك في عملية تأهيل النظام وإعادته إلى الأسرة الدولية حين بلور صيغة لتعويض ضحايا لوكربي وطي ملف أسلحة الدمار الشامل. يعرف شلقم القصة منذ بداياتها. في 1974 كانت مهمته أن يحمل إلى القائد كل صباح ملخصات الصحف واقتراحات الرد عليها ورافقه مرات عدة في أسفاره في الداخل والخارج. عمل في صحف ليبية وفي وكالة الجماهيرية وتولى في 1982 - 1983 حقيبة الإعلام. في روما كان الموعد مع شلقم. قال إنه لا يريد أي دور في ليبيا الجديدة وإن مطلبه الوحيد الباقي أن ينام في قبر في ليبيا حرة. فتح ل (الحياة اللندنية) خزائن عهد القذافي الطويل وكشف محطات سياسية وأمنية. ( الرأي العام ) تعيد نشر الحلقات تعميماً للفائدة. لنعد الى الداخل الليبي. قتل ابراهيم البشاري وزير الخارجية السابق والمدير السابق للاستخبارات في حادث سير هل كان الحادث طبيعياً؟ - ابراهيم البشاري كان صديقي. سأخبرك مسألة. في 1994 حصل خلاف بيني وبين القذافي وبقيت حتى سنة 1999 بلا عمل. كان البشاري آنذاك مديراً لمكتب القذافي. كان يأتي ونخرج في السيارة. ذات يوم جاء اليّ وقال: سنسافر غداً مع القائد إلى سرت. كان ابراهيم شديد الحذر ولا يقترب من أي موضوع صعب الا اذا كنا نسير في الهواء الطلق او في سيارة لا يتوقع ان تكون زرعت فيها اجهزة للتنصت. كان يتفادى توجيه أي انتقاد الى معمر. المهم قال انه لن يذهب مع معمر بل سيلحق به. يبدو ان سائقه لم ينم تلك الليلة لانه سينطلق باكراً. لدى وصولهم الى منطقة اسمها القره بولي وهي منطقة تعرجات وانعطافات غفا السائق وانتقل من جانب من الطريق الى آخر وحصل صدام مع سيارة. قتل البشاري وسائقه كما قتل سائق السيارة الاخرى. ذهب موسى كوسى الى مكان الحادث وأجروا تحليلات حتى للشاي الذي شربه السائق وتبين ان الحادث غير مدبر. الاستنتاج نفسه وصل اليه ابراهيم بجاد صديق البشاري الذي زار مكان الحادث ايضا. اقول وبوضوح ان البشاري لم يقتل في حادث مدبر. قيل انها كانت عملية مدبرة لأن البشاري مطلع على عمليات أمنية حساسة؟ - هذا غير صحيح. هل كانت للبشاري علاقة بتفجير لوكربي؟ - لا. لنتحدث اذاً عن لوكربي. ما هذه القصة؟ - في 1986 أغارت الطائرات الاميركية على منزل القذافي في باب العزيزية بحجة الرد على ضلوع اجهزة القذافي في تفجير مقهى في برلين وفي حادث في مطار روما ادى الى مقتل اميركيين. بعدها حصلت لوكربي ووجهت اصابع الاتهام الى ليبيا. حاولت يومها ان استفهم من البشاري فلم احصل منه على شيء محدد خصوصاً ان بعض السيناريوهات تحدثت عن دور ايراني وأخرى عن دور سوري. بسبب لوكربي تعرضت ليبيا لعقوبات شديدة ادت مع الوقت الى انهاك الليبيين. انا اشرفت على حل المسألة ودفعنا تعويضات والحقيقة اننا لم ندفع كل المبلغ. ثم سارعنا الى تعويض ما دفعناه عن طريق صفقات نفطية. بعد حل المشكلة دعونا الى اجراء تحقيق عكسي. الاخوان في القيادة كانوا يسارعون الى القول: «يا أخ عبدالرحمن هذا ملف اقفل ومن الافضل ان تنساه». وكلما كنت اقترح اجراء تحقيق كنت اتلقى الجواب نفسه. لا أحد يريد اعادة فتح الملف والتحقيق فيه. استنتجت ان لوكربي قد تكون نوعاً من الانتقام من الغارة على باب العزيزية. طبعاً هنا يجب ان اقول ان تفجير مقهى «لابيل» في برلين كان من عمل سعيد راشد وهو مهندس الكترونيات عمل في الاستخبارات الليبية وكانت هناك تسجيلات تثبت هذه المسؤولية. بواسطة من نفذ هذا التفجير؟ - بواسطة عملاء ليبيين وحكم على أحدهم. وطائرة »يوتا« فوق النيجر؟ - فجرتها الاستخبارات الليبية. اعتقدوا ان محمد المقريف، احد زعماء المعارضة، موجود على متنها. وبعد تفجير الطائرة تبين ان المقريف ليس موجوداً. لوكربي عملية مركبة ومعقدة. حكي يومها عن ادوار لدول ومنظمات. الامن الليبي طرف فيها لكنني اعتقد انها ليست صناعة ليبية خالصة. من اتخذ قرار دفع التعويضات؟ - كان هناك حصار بسبب لوكربي وتسبب في انهاك الليبيين. كان هناك شخص اسمه فرحات بن قدارة محافظ البنك المركزي الليبي وهو الآن انشق وانضم الى الثوار. كان هناك مصرف اسمه «الاي بي سي» العربي في البحرين وكان هو عضواً في مجلس ادارته. وكان هناك محام اسمه كلايندلر. وكان محامو لوكربي شكّلوا لجنة تسيير وكان كلايندلر يمثلهم. ذهب بن قدارة الى البحرين والتقى كلايندلر. كتب مذكرة وحولها الى مكتب معمر القذافي الذي حولها اليّ وطلب مناقشتها مع فرحات بن قدارة فجاء وهذا ما حصل في ضوء قرار مجلس الأمن الذي يطلب تنفيذ اربعة شروط: الاعتراف بالمسؤولية، نبذ الارهاب، التعويض ثم التعاون في التحقيقات. عملنا على المسؤولية المدنية وأحضرنا مستشارين وعملنا على كل فقرة وأنشأنا لجنة برئاستي وعضوية محمد الزاوي الذي كان سفيراً في لندن وهو الآن أمين المؤتمر الشعبي العام وعبدالعاطي العبيدي الذي كان نائبي للشؤون الاوروبية، وهو الآن وزير الخارجية، وموسى كوسى أيضاً كان معنا. بدأنا نناقش موضوع التعويضات وذهبنا الى معمر القذافي واجتمعنا أنا والعبيدي والزاوي معه ربما أكثر من خمسين مرة وكان يرفض رفضاً باتاً. ماذا كان يقول القذافي؟ - كان القذافي يقول نحن مظلومون ولا يمكن أن ندفع. هم أيضاً قتلوا. لماذا يقتل الاسرائيليون ولا يدفعون ويكرر مثل تلك الخطابات؟ هل كان ينفي اية علاقة بتفجير لوكربي؟ - كان يقول لا علاقة لنا بلوكربي فلماذا ندفع التعويضات. الحقيقة كان هناك وزير بترول اسمه عبدالله البدري هو الآن أمين عام منظمة »اوبك«. أنشأنا لجنة التعويضات برئاسة محمد عبدالجواد وهو رجل مال ليبي كان مسؤولاً عن الاستثمارات وهو متزوج من قريبة للرئيس حافظ الأسد. ذهبوا وتفاوضوا مع كلايندلر والمحامين الاميركيين حول المبلغ الذي سيدفع وكان آخر تصور ان ننشىء حسابا لولبيا مثل خطاب الاعتماد: نضع مبلغاً ثم عندما تحضر ورقة معينة نضع مبلغاً آخر. قلنا عندما يرفع الحظر الاميركي ندفع أربعة ملايين دولار، وعندما يرفعون الحظر الدولي ندفع أربعة ملايين، عند شطب اسم ليبيا عن لائحة الارهاب ندفع مليونين عن كل ضحية فيكون المبلغ الاجمالي عشرة ملايين عن كل ضحية، وفي النهاية دفعنا (8) ملايين عن كل ضحية. فذهب محمد عبدالجواد وتفاوض ولكن عبدالله البدري عندما كان وزيراً للنفط قال هذا المبلغ سأسدده من عائدات النفط من امتياز واحد. طلب القذافي من محمد الزاوي وعبدالعاطي العبيدي الاجتماع شخصياً بالمحامين واحضار جواب نهائي والتأكد من عدم وجود عمولات. عادوا واجتمعت معهم وقالوا ان كل الامور جيدة. حولنا المبلغ الى مصرف التسويات في سويسرا وجهزت رسالة في نبذ الارهاب واستشرنا محامين دوليين واساتذة وقلنا انها مسؤولية المتبوع عن التابع: لا أعترف بمسؤوليتي ولكن أعترف بمسؤوليتي عن أعمال موظفين يعملون لدي، مثل ان ترسل سائقك الخاص لشراء خبز فيدهس شخصاً في الطريق فتكون أنت غير مسؤول عن الناحية الجنائية ولكن من الجانب المدني أنت تدفع (الديّة)، فنحن اعترفنا بالجانب المدني ونعتبر ذلك من الانجازات المهمة جداً. بخصوص الافراج عن عبدالباسط المقرحي هل صحيح انه تم تزوير أوراق انه مصاب بالسرطان؟ - هذا غير صحيح. أنا قابلت ديفيد ميليباند وزير الخارجية (البريطاني) حين كنت وزيراً للخارجية وفي الأمم المتحدة وكنت في زيارة رسمية الى واشنطن واستشرت طبيباً ليبياً من أشهر الاطباء في العالم اسمه ابراهيم الشريف ولجنة طبية وكان الرجل مصاباً بنوع من السرطان تم تشخيصه بالاجماع من قبل جميع الاطباء. انه سرطان قاتل ولا أمل في الشفاء منه. اما ما قيل عن صفقات وضغوط فهذا غير صحيح. كانت هناك شحنة انسانية كبيرة وعندما ترى عبدالباسط المقرحي في حالته المرضية تتأثر فهو كان انساناً منهاراً. وخلال شهرين تغير (180) درجة. ما هو وضع المقرحي حالياً؟ - انه غائب عن الوعي وتعبان. وهكذا عاد القذافي يستقبل ضيوفاً غربيين، استقبل توني بلير. - استقبل كثيرين: غيرهارد شرودر وتوني بلير وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي وكثر وقفوا في الطابور لمقابلة القذافي، وبتشجيع اميركي. هل كل هذا بسب النفط؟ - لا ليس من أجل النفط بل لإثبات أن من يتوب ترضى اميركا عليه ويرضى العالم عليه ولتشجيع الآخرين من الدول المارقة مثل ايران وكوريا الشمالية وفنزويلا على الاقتداء بليبيا. لأول مرة توضع دولة على لائحة الارهاب ثم تشطب. ثم ان ليبيا مهمة جداً في الجغرافيا السياسية. من استقبل القذافي من المسؤولين الاميركيين؟ - زارتنا كوندوليزا رايس وديفيد ولش وعدد من الشيوخ والنواب. ثم زارنا ساركوزي. ثم زار القذافي اوروبا: البرتغال وفرنسا وفتحت له ابواب ايطاليا واستقبل فيها استقبال الفاتحين. كيف تصف علاقة القذافي برئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني؟ - كانت علاقة ودية جداً. برلسكوني كان يرى في معمر القذافي شخصية تاريخية نادرة واستثنائية. ماذا كان يقول عن المسؤولين الغربيين والاميركيين؟ - معمر لا يقصد دائماً ما يقول، فقد يشكر شخصاً في الصباح ثم يذمه في المساء، أو العكس. لماذا هذا الحب لبرلسكوني؟ لأنه قبّل يده مباشرة على الهواء واشاد به وشكره. وهذه كانت رسالة خاطئة من معمر. معمر القذافي الآن مشوش، يقول: أنا خرجت من مواجهات مع فرنسا في تشاد، دخلت في حروب غير مباشرة مع بريطانيا، اميركا قصفتني وحاربتني، لوكربي، »يوتا«، أسلحة الدمار الشامل، كلها خرجت منها معافى. ما قصة أسلحة الدمار الشامل وكنت يومها وزيراً للخارجية؟ - كانت الزعامة هاجس القذافي ولا تستطيع أن تكون زعيماً ما لم تكن قوياً فاذا امتلكت أسلحة دمار شامل ستضعف أمامك الدول المقابلة لك. للأسف اندفعوا باتجاه السلاح الذري والكيميائي والجرثومي، وكانت مصدراً للنهب والعمولات لأنها مصاريف سرية وأنا أشك أن ليبيا كانت فعلاً قادرة على أن تنجز سلاحاً ذرياً. النووي وعبدالقدير خان من هم الخبراء الذين عملوا في مشروع البرنامج النووي الليبي؟ - كان بينهم الباكستاني عبدالقدير خان وعلماء من ليبيا ودول عدة قد يكون بينها كوريا الشمالية. أنا عُينت يوم 3 (مارس) 2000 وزيراً للخارجية وذهبت يوم 9 (مارس) 2000 مع موسى كوسى الذي كان مديراً للاستخبارات ومعي مفكرة أظن فيها عشرة أو (12) نقطة. وبعد أقل من أسبوع من تعييني ذهبت الى القيادة في طرابلس ومعي موسى كوسى وقلت للأخ معمر أنا أريد أن أعمل ومعي هذه الأجندة فغضب غضباً شديداً وتركني ومشى. لحق به موسى كوسى وأنا غادرت بسيارتي. بعد ساعة جاءني موسى الى مكتبي وقال سنعقد المؤتمر الشعبي العام خلال أسبوع أو أسبوعين لكي تُعزل لأن القذافي غاضب منك. بعد يومين أو ثلاثة استدعاني القذافي لوحدي، وهو عنده طريقة خاصة، وقال لي: انك قبل يومين قلت لي كلاماً لم أفهمه. فهو أحياناً لا يحب أن تتحدث اليه أمام شخص آخر، عندما تكون منفرداً به يختلف الوضع وهو فكر بالكلام الذي كنت قلته له. وتحدثت عن المؤتمر الشامل وكيف نحل مشاكلنا فاستمع الي استماعاً مطولاً، وقلت له أن ايطاليا تستطيع أن تنتج سلاحاً ذرياً في خمسة أيام واليابان خلال (48) ساعة أما نحن فسيعادوننا ويسببون لنا المشاكل، فاستمع حقيقة اليّ. وكان المسؤول عن (البرنامج) المهندس معتوق محمد معتوق وهو الآن وزير البنية التحتية، قال لي القذافي أن أناقش هذا الموضوع مع معتوق. تحدثت
الى معتوق فقال لي: ما رأيك يا عبدالرحمن أن نعمل شيئاً آخر بالنسبة الى البرنامج الذري: نأخذ شبابنا العلماء في الفيزياء الذرية وننقلهم الى باكستان ونزودهم ببطاقات شخصية باكستانية ولا يعلم بهم أحد بحيث يكونون خلال سنتين أو ثلاثة جاهزين بالكامل ويصبح لدينا المعرفة. وعدت الى معمر فوافق وذهبت الى باكستان. من قابلت في باكستان؟ - قابلت برويز مشرف في قصر الرئاسة وحاولت التحدث اليه عن المشروع فلم يعلق وغيّر الحديث كأنه لم يكن يريد ان يتحدث في ذلك المكان. في اليوم التالي استدعاني الى قاعدة جوية وقلت له الفكرة فاستحسنها. واتفقنا على هذا الأساس أن يتلقى العلماء الليبيون الخبرة ويبقون في سبات كالخلايا النائمة. اي تكون عندنا المعدات والخبراء والمواد ونقرر عندما تسنح الظروف الدولية. تفاهمت مع معتوق أن هذا مخرج مشرف لمعمر وعليه ألا يخاف. هل قابلت عبدالقدير خان في باكستان أم كان يزور ليبيا؟ - لم أقابله. معتوق والخبراء كانوا يقابلونه عادة خارج ليبيا، وقد يكون زار ليبيا ولكن ليس لدي علم. في 2001 في بداية عهد جورج بوش الابن في الرئاسة، طلب مني معمر قبل ذهابي الى الجمعية العامة أن أقابل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وأطلب منه ان يكلم بوش لتطبيع العلاقات بين واشنطن وطرابلس . قابلت الرئيس بوتفليقة فأعلمني أن لديه موعداً في اليوم التالي مع الرئيس بوش وسيبلغه. بعد يوم من اللقاء امسكني بوتفليقة من يدي في الممر بين الجمعية العامة ومجلس الأمن وقال لي: قابلت الرئيس بوش ويقول لك التالي: «إما أن تنزعوا أسلحة الدمار الشامل أو سيدمرها هو بنفسه ويدمر كل شيء من دون نقاش». قلت للرئيس بوتفليقة أنني قلت هذا الكلام للأخ معمر فقال لي أنت جبان وخائف، فقال لي الرئيس بوتفليقة: «بلغه أن لديك شقيقاً في الجبن والخوف هو عبدالعزيز بوتفليقة». كنت أبلغت القذافي أن علينا التخلص من هذا البرنامج فنحن لا نحتاج (هذه الاسلحة) وليس لدينا عدو، ولا أرض محتلة، وتخزينها صعب وقد تتسرب وتتسبب بكارثة ولدينا أولويات (تجاه) شعبنا فاعتبرني القذافي فزّانياً جباناً (فزّاني نسبة الى أهل الجنوب وهم ناس طيبون يحبون القرآن وغير عدوانيين فيعتبرهم البعض جبناء، فليس بيننا قطاع طرق أو من يهجمون على قبيلة لأخذ إبلها فهذا في عرفنا حرام، وأغلبهم يعيشون في واحات وهم متدينون ويقرأون القرآن ولا يأخذون مالاً حراماً). في 2003 أو 2004 كان هناك قمة افريقية في مابوتو في موزامبيق وكنت أنزل في فيلا ومعي عمرو موسى وجلسنا سوياً الى العشاء فاتصل بي نوري المسماري مدير المراسم في ليبيا (هو الآن منشق) وأبلغني أن الأخ القائد يريدك ان تأتي بسرعة، فسألته مَنْ معه؟ فقال معه الرئيس بوتفليقة. فاستأذنت عمرو موسى وذهبت اليه فوجدت معه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وبعد السلام قال: ها قد جاء عبدالرحمن (شلقم) فأبلغني ما قصة انه شقيقك؟ فروى له القصة: ان عبدالرحمن شقيقي في الجبن، فأنا جبان مثله. وأعدت على مسامع القذافي القصة. وقصة أسلحة الدمار الشامل لن أنساها أبداً وبقينا على اتصال. ثم ذهب سيف الاسلام الى بريطانيا وتكلم مع الاستخبارات البريطانية (MI6) وقال ان معمر قرر وقف برنامج أسلحة الدمار الشامل. ولم يبلغني أنا بقراره بل تحدث في الأمر مع ابنه سيف الاسلام. هل كان قصده تلميع صورة سيف الاسلام؟ - لا أعرف التفاصيل لكن أنا وجدت لديه تجاوباً وفي الختام الذي قام بكتابة الصفحة الأخيرة في هذا الموضوع هو سيف الاسلام ومعمر القذافي. سيف الاسلام اتصل بمقسم (MI6 ) الاستخبارات البريطانية) وترك رسالة صوتية يقول فيها: أنا سيف الاسلام بن معمر القذافي وأريد أن أتحدث معكم فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل. حدد له موعد فقال انه يريد في المقابل تحسين العلاقات. في ما بعد استدعاني القذافي وأبلغني بما حدث وقال انه لا يثق بالاميريكيين والبريطانيين وسيضحكون علينا وسيوثقون أن لدينا أسلحة دمار شامل، ورطوا صدام حسين ويريدون أيضاً أن يورطونا. أذكر أنني قلت له ايها الأخ القائد: النصارى لا يكذبون، والاميركيون لا يخافون منا (لا يخافون ولا يستحون) فمن نحن ليضللوننا؟ فقال لي أنت طيب وتصدق حتى هؤلاء الناس. فبدأنا جميعاً اتصالاتنا: موسى كوسى، كان مدير الاستخبارات، وعبدالله السنوسي، مدير الاستخبارات العسكرية، وأنا بالسياسيين. أنا اتصلت بالاميركيين والبريطانيين وجميع الأطراف، وموسى كوسى بالاستخبارات البريطانية (MI6) والاميركية (CIA) كان ذلك في اوائل (ديسمبر) 2003 (بعد الغزو الاميركي للعراق). لكن للأمانة المفاوضات بدأت قبل ذلك وليس كما قال البعض أن القذافي خاف بعد غزو العراق، بدأنا التحدث في التخلص من برنامج أسلحة الدمار الشامل في 2001 وقد عتب عليّ القذافي في البداية ثم أثر عليه الرئيس بوتفليقة كما أسلفت. يوم 18 (ديسمبر) 2003 اقترح علينا الاميركيون والبريطانيون أن يظهر معمر القذافي ويقول انه كانت لدينا برامج أوقفناها ويظهر بلير يشكره ويثني عليه ويظهر بوش. كنت يومها مع معمر وأبلغته ومعي مدير المراسم ولدينا ضيوف في القيادة فقال لي القذافي هذا كلام أرفضه رفضاً باتاً فسيضحكون علينا وأتكلم أنا ولا يتكلمون هم بعدي، هذه خدعة ومؤامرة. فدخلت معه الى منزله فقال لي أين أنت ذاهب أنت داخل الى منزلي؟ والقذافي للأمانة كان يتحملني فيما هو في مصلحته، وكان معنا نوري المسماري مدير المراسم فقال له: خذ عبدالرحمن خلصني منه أريد أن أنام. في صباح يوم 19(ديسمبر) وكان يوم جمعة ذهبت الى مكتبي وجاءني موسى كوسى مدير الاستخبارات حوالى الساعة التاسعة ثم التحق بنا محمد الزاوي وكان سفيرنا في بريطانيا وعبدالعاطي العبيدي نائبي في الشؤون الاوروبية وكان الاتفاق ان لا بد من حسم الموضوع اليوم. فاقترح معمر أن نحضر تسجيلات: يسجل تصريح القذافي على شريط مرئي تلفزيوني ويسجل تصريح بلير وتصريح بوش كذلك، رفض الاميركيون والبريطانيون ذلك وأصروا أن يتحدث القذافي أولاً. واستمرينا في هذا الموضوع من التاسعة صباحاً الى الثامنة والنصف ليلاً ونحن نكتب بيانات وهم يعترضون وقد أجرينا ربما خمسين مكالمة مع (MI6) وسبعين مكالمة مع (CIA) في ذلك اليوم. وأتذكر أن موسى كوسى أغمي عليه من الارهاق. وتحدثت مع معمر القذافي هاتفياً أكثر من عشرين مرة وعبدالله السنوسي وسيف الاسلام القذافي. ثم ذهب عبدالعاطي العبيدي ومحمد الزاوي الى القذافي وكان في مزرعته يوم الجمعة قرب طرابلس ليناقشوه وكان متوتراً. في الساعة التاسعة ليلاً أبلغنا الاميركيون أن الخبر قد يتسرب الى الصحافة واذا تسرب «احترق» كل شيء. وكنا نعدل في مشروع البيان ونضيف ان ليبيا لديها برامج كانت «قد تؤدي» أو «ستؤدي» أو الصياغة الأفضل الى أن أقنعناهم أخيراً أن أتحدث أنا ومعمر يؤيدني لكنه قال «لا»، «أنا ما ليش دعوة». قلت له ايها الأخ القائد بلير وبوش ينتظرونني فضحك وقال لي «يا سلام من أنت الذي تتصور ان بلير وبوش ينتظران حضرتك لتطل بطلتك البهية وهم يتداعيان ويتسابقان ويتقافزان للتعليق على كلامك أو تأييدك. يا رجل ألم أقل لك انك بسيط». أخيراً توصلنا الى أن نكتب نحن بياناً باسم معمر القذافي تبثه وكالة الأنباء الليبية أن القائد معمر القذافي استمع الى ما قاله أمين اللجنة الشعبية العامة (من دون تسميته) صفتي كانت كبيرة: أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي للجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى، المهم قبلوا هم بهذه الصيغة وأنا خرجت وألقيت بياناً في مؤتمر صحافي وبثينا التعليق المنسوب الى معمر القذافي في وكالة الأنباء فخرج بلير فوراً وعلّق ولحقه جورج بوش الابن واستحسنا ذلك وهكذا. ثم بدأنا في برنامج تفكيك أجهزة الطرد المركزي وتسليم بعضها للاميركيين ثم جاءت وكالة الطاقة الذرية. وبدأنا في تفكيك هذه الملفات «الألغام» الى أن وصلنا الى ما وصلنا اليه من تطبيع كامل مع المجموعة الدولية وشطب اسم ليبيا من قائمة الارهاب ورجعنا الى وضع الدولة العادية. هذا يعتبر إنجازاً لأنكم قدمتم للقذافي فرصة لانقاذ نفسه. - طبعاً، لكن معمر فهمها على طريقته لأنه يعتقد ان هناك قوة غيبية تحميه. الفارق ان جميع مشاكله كانت مع الخارج أما الآن فقد دخل في مواجهة مع شعبه. جزء كبير من الشعب الليبي كان مع معمر لكن عندما رأوه يقتل الناس تغيّر الوضع.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.