أناهيد كمال المأمون.. صحفية متميزة.. فجعت بنبأ رحيلها المبكر.. هزني الخبر.. خاصة ان خبر رحيل أي إنسان بعد رحيل والدتي رحمها الله لم يعد يهزني كثيراً، لكن خبر رحيل أناهيد كان مفاجئاً .. يبدو للصلة القوية التي تربطني بوالدها الأستاذ المربي كمال المأمون.. شابة موهوبة صحفياً وروائياً وقاصة ممتازة تصطحب في كتاباتها لغة الشعر. كتابها الأخير «متعة الذاكرة» جاءتني تحمله.. وفيه إهداء. ربط بيننا والدها.. وعندما التقيت بها قبل سنوات لأول مرة لم أكن أعرفها.. وبعد السلام قالت لي أبوي بسلم عليك كتير.. قلت لها بنت من أنت؟ قالت لي بنت الأستاذ كمال المأمون.. فرحت ان صديقي المربي.. أنجب بنتاً موهوبة وجميلة.. ثم جاءتني تحمل الكتاب.. وقرأته كله.. ولم استطع الفكاك منه.. وكتبت كلاماً أطربها.. حيث هاتفتني ثم جاءتني لتشكرني على كتابتي عن كتابها وتنبأت لها بأنها أحلام مستغانمي السودان. والكتاب كاسمه.. فيه متعة كبيرة.. للقراءة ومتعة خاصة للكتابة. وقلت لها لن تسمح المصنفات بدخول هذا الكتاب توقعي هذا.. وواصلي جهودك لإقناعهم بأن ما كتب فيه لا يخدش الشعور العام وليس خارجاً عن أخلاق أهل السودان، بل يواكب لغة العصر ويعالج القضايا المسكوت عنها بجرأة شديدة. لقد خطفت البنت النابهة أناهيد كمال وقلبي نزف دماً لرحيلها.. ولا أدري ماذا فعل صديقي كمال المأمون.. لكني أعلم انه رجل صابر ويؤمن بقضاء الله وقدره.. وأن الموت حق. أناهيد موهبة.. كان سيكون لها شأن في الرواية.. وفي الصحافة.. لكن القدر لم يمهلها طويلاً.. أناهيد فقد كبير.. لصديقاتها ولأهلها.. ولكل من يعرفها. أناهيد.. خطفها الموت وهي في ريعان شبابها ورحلت في ظروف غامضة للغاية في القاهرة.. وقد سافرت فجأة لمرافقة زوجها المريض ولم تكن تشكو من أي مرض.. أصيبت بنزلة برد عالجتها بأدوية من إحدى الصيدليات سبب لها أوراماً في جسمها.. ذهبت إلى المستشفى وقرروا لها حقنة.. وبعد «12» دقيقة أسلمت الروح لبارئها. نسأل الله ان يتقبلها وأن يجعلها من أصحاب اليمين.