بعد أن سبقه عدد من أعضاء حزبه، ومن القاهرة التي وصلها من مدريد توجه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في زيارة هي الأولى من نوعها الى تشاد، حيث التقى في الرابع عشر من الشهر الجاري بالرئيس إدريس ديبي داخل قصره الرئاسي الذي حاصرته فيه جموع الثوار قبل أسابيع، الصادق الذي حط رحاله في انجمينا التحق ببقية وفده الذي ضم محمد اسماعيل الدومة وطه عبد الشافع ومحمد اسماعيل و د. مريم الصادق ومحمد عيسى عليو واسماعيل كتر. وعلى الرغم من وجود هذا العدد الكبير من قيادات الحزب اضافة الى الزعيم نفسه الا أن الأنباء لم تحمل نتائج محددة لذلك اللقاء. ويرى مراقبون ان هنالك قضيتين اثنتين لا يمكن للنقاشات أن تفلت منهما ، وهما قضية دارفور التي تهم كلا الطرفين اضافة الى العلاقات بين السودان وتشاد ،وعلى خلفية حواراته الأخيرة مع الوطني وعلاقة حزبه التاريخية بدارفور يبدو الصادق معنيا بكلا القضيتين، ولكن فرصة رئيس الوزراء السابق على لعب أي دور تبدو ضئيلة للغاية كما يرى مراقبون، يقول العميد السابق بجهاز الأمن حسن بيومي (الصادق لم يفوض من الحكومة فيما يخص العلاقة مع تشاد) وهو ذات الشئ الذي يؤكده أ. مرتضى الطاهر أستاذ العلوم السياسية بالنيلين (النظام التشادي يحتاج لضمانة ألاّ يتم دعم المعارضة وهو ما لا يستطيع تقديمه شخص خارج السلطة). والمعارضة التشادية بزعامة رجال أمثال محمد نور ومحمد نوري التي بلغت قواتها أبواب انجمينا مرتين خلال أقل من عام تظل سببا رئيسيا يعكر مزاج حكومة انجمينا التي تنظر الى المعارضة كشوكة زرعتها حكومة الانقاذ في خاصرتها ، من جانبها تعتقد الانقاذ أن تشاد تدعم الحركات التي شقت عصا الطاعة غربي البلاد، ورغم ان للمهدي نفوذاً تقليدياً على كثير من قبائل دارفور الا أن مياها كثيرة جرت تحت جسور ذلك النفوذ كما يشير أ.مرتضى الطاهر (لقد ظهرت قيادات جديدة هناك في الوقت الطويل الذي ابتعد فيه حزب الأمة عن العمل السياسي لذلك لن تقدم الزيارة حلولاً ، الحلول بحاجة الى تفاوض وقسمة للسلطة والثروة إذ أنها مسألة متعلقة بمطالب حقيقية).ويشكك مراقبون في قدرة كلا الرجلين -الصادق وديبي - على تقديم شئ فيما يتعلق بدارفور ، فديبي خلافا لسلفه حسين هبري لم يستطع إحداث التوازن القبلي الذي يتطلبه حكم مستقر للبلاد ، وللمفارقة كما يرى العميد حسن بيومي المسؤول السابق عن ملف غرب افريقيا بجهاز الأمن فإن البترول الذي لم يجده هبري كان ما فرض عليه الإستعانة بشتى القبائل في الوقت الذي مكن فيه البترول ديبي من تطوير نظام تسيطر فيه قبيلة واحدة على السلطة والثروة ، تلك القبيلة التي تمتلك امتدادات غربي السودان مما يجعل أية محاولة لديبي للتنصل من ذلك الإلتزام نحو حركات دارفور أمراً خطيراً ربما يطيح بديبي نفسه في النهاية ، وادريس المحكوم أيضا بعلاقته مع فرنسا التي تمتلك قوة عسكرية هناك (اسهمت كما يعتقد على نطاق واسع في انقاذه من الحصار الذي فرض عليه داخل قصره اخيراً ) لا يستطيع أن يلعب بعيدا عن ارادة فرنسا واسترتيجيتها. وفرنسا التي تستضيف زعيم حركة العدل والمساواة عبد الواحد نور- الذي كان مقربا من حزب الأمة في وقت ما- ليست القوة الكبري الوحيدة المنخرطة في صراع الأفيال علي أرض دارفور،إذ دخلت اسرائيل كلاعب، ويشير حسن بيومي الى معلومات حول زيارة ربما قام بها وفد عسكري اسرائيلي الى شرق تشاد قبل أيام.ومن غير الواضح اذا ما كان الصادق قد أعاد طرح مشروعه القديم لمؤتمر إقليمي حول دارفور على ديبي في زيارته التي تمكن قراءتها كابداء لحسن النوايا وتلطيف للأجواء كما يقول أ. مرتضي الطاهر. أذ لا يمتلك الامام الكثير من خيوط اللعبة بين يديه ، مثله في ذلك مثل ديبي يقول بيومي (التشاديون بطبعهم يفتحون المجال أمام ضيوفهم ، لابد أنهم رحبوا به وفتحوا له صدرهم)، وحتى يعود الوفد الذي يرجح أنه لا يزال في انجمينا كجزء من لجنة متابعة مشتركة اتفق عليها الطرفان لمواصلة العمل وبحث تفاصيل مبادرة الحزب حول تطبيع العلاقات السودانية التشادية. تبقى الرحلة حتى الآن أشبه بزيارة بروتوكولية تبادل فيها السيد الصادق وجهات النظر مع مضيفه ديبي داخل قصر رئاسته قبل أن يعود زعيم حزب الأمة الى القاهرة.