يتجه بنك السودان المركزي خلال النصف الأول من العام المقبل بالتعاون مع شركات الاتصالات الى إطلاق خدمات مصرفية جديدة للمواطنين عبر الموبايل ونقاط البيع والصرافات الآلية، بينما نظمت دائرة تطوير التقنية المصرفية باتحاد المصارف في إطار أسبوع التقنية المصرفية ندوة حول: (الدفعيات عبر الموبايل.. الوضع الراهن وآفاق المستقبل). وقال النور عبد السلام الحلو مساعد محافظ بنك السودان، إن المشروع بدأ قبل (4) سنوات لكن كان متعثر البدايات، مشيراً الى أن الدفع ب (الموبايل) من ضمن أدوات ووسائل الدفع ويُعد تطويرها من اختصاصات البنك المركزي، وكشف عن الشروع في استخدام الموبايل في الدفعيات خلال النصف الأول من العام المقبل بتطبيقها على أرض الواقع. وأشار الحلو الى ان تأثيره على السياسة النقدية من خلال النقد الورقي محسوب، فكمية النقد الذي يتم إصداره تساوي الطلب الحقيقي باقتصاديات الدولة، و يتم إصدار مبالغ معنية، فأية مبالغ إضافية قد تؤدي الى عدم استقرار، لذلك لابد للبنك المركزي من مراقبة ومتابعة الكتلَة النقدية حتى تكون متوازنة مع السياسات الإقتصادية للدولة، كما ان النقد الإلكتروني إصداره يختلف من النقد الحقيقي، لذلك لابد أن يختلف التعامل معها، ولابد من جهة تحسب كميات النقد الإلكتروني. وأرجع الحلو بطء الإيقاع في هذا النظام لأجل التجويد، داعياً الى وضع السياسات والمعايير، وقال من الأهمية ما جعلت الجهاز المصرفي يلتفت الى هذا النظام، معلناً أن النقود الإلكترونية لابد من الإشراف على إصدارها والتعامل معها بعض المعاملات الجارية ك (تحويل الرصيد)، واصفاً هذا التعامل بالجيد خاصةً وأنها شريحة كبيرة، وأكد سعي البنك المركزي لتقنين عملية تحويل الرصيد في الفترة القربية المقبلة بعد أن تم الإطلاع على عدة تجارب (أغلبها في افريقيا ودول آسيا)، مؤكداً بأن المركزي سيتجاوز عملية تحويل الرصيد بالموبايل الى نظام النقد الإلكتروني، وزاد: (نتحسب الى التفلتات التي يمكن قد تحدث). وكشف عن إتجاه الى التحويل الذي يتم عبر الموبايل من شركة إتصالات الى أخرى، واستصحاب الدفع عبر الموبايل في تسديد أقساط العملاء والمستفيدين من مشروعات التمويل الصغير والأصغر مما يخدم عملية التمويل في استرداد مبالغ التمويل دون اللجوء الى فرع البنك المعني، مشيراً الى أن المركزي تواجهه ضغوط من البنوك للاستفادة من النقد الإلكتروني، وأوضح الحلو بأن وضع القوانين يستهلك فترة طويلة، لكنه دعا الى العمل بالمنشورات واللوائح في هذا المجال، مؤكداً أن البنك المركزي لديه السند القانوني للبدء في المشروع. من جانبه، قال د. عمر حسن العمرابي مدير عام شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية مقدم الورقة، إن التطور الكبير في خدمات الإتصال حدا بالجهاز المصرفي الى لعب دور في نشر العمل المصرفي ليشمل كل السكان خاصة الفقراء، مشيراً الى أن التغيير الكبير في ثقافة المجتمع السوداني ودخول عدد كبير من المستهلكين الشباب الى السوق وظهور اقتصاد المعلومات وزيادة المنافسة بين الجهات المقدمة للعمليات المصرفية، وارتفاع نسبة الجريمَة والاحتيال في العمليات المصرفية التقليدية واحدة من العوامل الأساسية لهذا النظام، بالإضافة الى التخلص من مشكلة التعامل مع العملة الورقية، خاصّة وأنها تخفض المبالغ الطائلة التي تطبع بها العملة الورقية، مشيراً الى أن ربط أجهزة الهواتف النقالة مع السجل المدني يساعد بشكل ضخم في تأمين الخدمات، وقال ان هذا النظام يسهم في توصيل المعاملات المالية المصريف الى كل شرائح المجتمع السوداني بطريقة سهلة وسريعة وآمنة وجذب السيولة الى داخل النظام المصرفي. وفي ذات السياق، أمّن عدد من الخبراء المصرفيين على تطبيق هذا النظام، وقال محمد آدم إن الوكلاء خلايا جديدة تحتاج الى تثقيف، داعياً الجهاز المصرفي للإسهام في هذا المشروع وتقديمه للجهات المعنية. ومن جهته، اعتبر محمد محمود شريف مدير التسويق بالشركة السودانية للإتصالات (سوداتل) هذا المشروع بالقفزة الإستراتيجية القادمة، مشيراً الى أن دور شركات الإتصال توفير الوسيلة الآمنة للدفع، وطالب بمراجعة السياسات التي تحكم العلاقة بين الشركات والعملاء. كما نادى أبو بكر خليفة بأهمية وضع خدمات تراعي فقر العملاء بإيجاد طرق قليلة الرسوم، إذ لم تكن معدومة حتى لا تكون وبالاً على العميل، لأن الفقراء على فقرهم يتم سحب جزء من المبلغ المحول في تحويل الرصيد، بالإضافة الى أن الفقراء يشترون الخدمات (السلع) أياً كان شكلها بأضعاف أسعارها على الرغم من أنه يتم شراء منتجاتهم بأبخس الأسعار، ودعا الى إيجاد خدمات تُمكِّن الفقراء من التحصل على مشترواتهم وبيع مبيعاتهم بأسعارها الحقيقية حتى يكون حافزاً لشركات الإتصالات لزيادة استخدام خدمات هذه الشركات ليكون ذلك بمثابة جزء يسير من اسهام القطاع المصرفي في تطوير الإقتصاد ومكافحة الفقر. وقال محجوب شبو مدير البنك الفرنسي في حديثه ل (الرأي العام)، إنّ نظام الدفع عبر الموبايل تطور للعمل المصرفي لتسهيل المعاملة المصرفية، وقد وضعت بريطانيا تاريخاً لايقاف التعامل عبر دفتر الشيكات، مشيراً إلى أنّ الضمانات تغطي العمل الإلكتروني والمتعاملين معها، والسودان خطا خطوات كبيرة في هذا الإتجاه تحت إشراف البنك المركزي، فهو من أوائل الدول التي عملت بنظام المقاصة الإلكترونية، مؤكداً بأن هذا النظام يخفف التكلفة التشغيلية وتفتح مدىً زمنياً أوسع للمعاملات المصرفية، بالإضافة الى أن الدفع بالموبايل يعطي فرصة لتحفيز العملاء لإعادة النظر في استخدامات الموبايل، وأكد أن المعاملات التي تكون عبر شركات الإتصالات أسرع من المعاملات الأخرى ولها إمكانيات كبيرة، ونادى بأن تكون (نسبة الخصم) في العملية المصرفية تتناسب مع المعاملة حتى لا يكون هنالك إحجام من العملاء حال ارتفاع هذه النسبة والرجوع الى الطرق التقليدية للدفع.