تدخل العملية الإنتخابية مرحلة جديدة وحاسمة عبر تسجيل الناخبين للانتخابات في الأول من نوفمبر القادم وفقاً للجدول الزمني المعلن من قبل المفوضية القومية للانتخابات حيث بدأ الإعداد للتسجيل منذ فترة ليست بالقصيرة من قبل اللجنة الخاصة بالسجل الإنتخابي باعتبارها مرحلة مفصلية يحدد من خلالها مدى قابلية المواطنين واستعدادهم للانتخابات وفي الجانب الأخر تحدد أوزان الأحزاب وفي الجانب التنفيذي للعملية قامت المفوضية القومية للانتخابات منذ فترة بتدريب اللجان العليا وضباط الدوائر في جميع ولايات السودان وبالمقابل قامت الأخيرة بإعداد مراكز التسجيل في الولايات وشرعت فعلياً في تدريب الكوادر التي ستعمل في تسجيل الناخبين وفقاً لضوابط وشروط القانون .. وهنا يفصل قانون الانتخابات أن التسجيل يعتمد على أساسيات ومعايير منها أن يكون الشخص الراغب في التسجيل للانتخابات سوداني الجنسية وبالغاً من العمر (18) عاماً وأن يكون قاطناً في المنطقة التي ينوى التسجيل فيها فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل بداية التسجيل في الأول من نوفمبر وشدد القانون على أهمية مراعاة عدم التسجيل في أكثر من منطقة وأن يكون للناخب أوراق ثبوتية (هوية) وهذا الشرط الأخير أحدث ربكة باعتبار ان معظم أهل السودان لا يمتلكون أوراق ثبوتية خاصة في الريف السوداني. وهنا يقول البرفسور مختار الأصم في حديث سابق للمركز السوداني للخدمات الصحفية ان القانون اعتمد اللجان الشعبية بالأحياء كواحدة من الآليات التي تقر بأن الشخص المقبل على عملية التسجيل تنطبق عليه شروط القانون المذكورة رغم ان هنالك شكوك من قبل الأحزاب في تلك اللجان بأنها تابعة للنظام الحاكم ، غير أنه قال أن المفوضية أضافت إلى هذه اللجان آليات أخرى تتمثل في أعيان المنطقة المشهود لهم بالحياد والنزاهة وسمتهم المفوضية ب(العريفين) بالإضافة الى لجان الانتخابات بالولايات . وقدّر الأصم الناخبين اللذين يحق لهم الاقتراع ب(16) مليون نسمة من جملة تعداد سكان السودان الأخير إذا أستبعدنا اللذين لا تنطبق عليهم شروط التسجيل الآنفة الذكر. أساس العملية الانتخابية ويرى كثير من الخبراء أن عملية التسجيل تمثل أساس العملية الانتخابية والعمود الفقرى لاعتبارات كثيرة أجملوها في ان الانتخابات القادمة تعتبر مفصلية في تاريخ السودان الحديث وأن عدم التسجيل يحرم الناخب من الإدلاء بصوته بالإضافة الى أنه (أى التسجيل) يحدد للقائمين على الأمر مدى قابلية المواطنين للانتخابات من خلال الإقبال على التسجيل وهنا تكمن المعضلة حيث حدد القانون ان مسئولية التسجيل مسئولية شخصية تعتمد على رغبة الناخب في الاقتراع لاحقاً .. لكن بالمقابل يرى آخرون ان نشاط الاحزاب في هذه المرحلة يضمن لها الكثير في مرحلة التصويت باعتبار أن الاقتراع يعتمد أساساً على التسجيل وفي هذا الجانب لا ترى المفوضية القومية للانتخابات أى أشكال في الحراك السياسي للأحزاب في هذه الفترة بل دعت الأحزاب الى تنشيط ناخبيها من خلال التعريف بالعملية الانتخابية عبر بوابة التوعية الانتخابية التي ترى المفوضية أنها لا تقتصر على دورها في تثقيف ناخبيها بل تمتد إلى فاعلية الأحزاب في هذا الاتجاه . وفي هذا الجانب يقول الأصم ان التسجيل يعتبر أساس العملية الانتخابية لأن المراحل التي تعقبه تجئ وفقاً لما تخرج به مرحلة التسجيل مضيفاً انه ليس هنالك اقتراع إذا لم يكن هنالك تسجيل وليس هنالك انتخابات إذا لم يصوت الناس غير أنه قال ان العملية مكلفة جداً من الناحية الفنية واللوجتسية حيث ان العملية تعتمد على التقنية منعاً للتزوير . ويرى المراقبون ان عملية التزوير تحدث أصلاً في عملية التسجيل حيث تحشد الأحزاب ناخبيها للحصول على أعلى معدل للتسجيل الذي يضمن بدوره أعلى معدل للاقتراع ودون ان نبتعد عن أهمية التسجيل بالنسبة للعملية الانتخابية فإن كثير ممن استطلعتهم حول فهمهم للعملية الانتخابية والتسجيل على وجه الخصوص لا يمتلكون معلومات حول الانتخابات القادمة باعتبار ان الجيل الحالي لم يشهد انتخابات من قبل وهنا تكمن أهمية التوعية الانتخابية خاصة باشتمالها على مستويات مركبة ومعقدة بجانب أنها تأتي في مرحلة مفصلية يواجه السودان فيها بالكثير من التحديات بجانب التمثيل النسبي الذي سيجرى لأول مرة بالسودان. وفي هذا الجانب حث البرفسور عبدالله أحمد عبدالله نائب رئيس المفوضية والمتحدث بأسمها في الندوة التي نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط وافريقيا الأحزاب للدفع بناخبيها على المبادرة بتسجيل أسمائهم وفقاً للشروط الموضوعة باعتبار أنها أول خطوة في إنجاح العملية الانتخابية. ورغم تخوف بعض الأحزاب من المدة الممنوحة للتسجيل المقررة بشهر من بداية نوفمبر إلا ان استعداد اللجان العليا للانتخابات بالولايات بدأت في العد التنازلى استعداداً للمرحلة . وهنا يقول الأستاذ فرح مصطفى السنوسي رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية جنوب دارفور ان اللجنة تعمل على قدم وساق من اجل انجاح مرحلة التسجيل من خلال إعداد الكادر الذي سيعمل في مرحلة التسجيل عبر عقد الدورات المتخصصة لضباط وموظفي التسجيل بالإضافة الى الاستعداد الفني واللوجستي ويضيف ان اللجنة استعانت بشيوخ النازحين للتسجيل داخل المعسكرات الواقعة ضمن نطاق الدوائر الجغرافية التي تقع فيها ويضيف ان اللجنة أكملت إعداد (460) مركزاً على مستوى الولاية لتسجيل الناخبين ويتجه رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية النيل الأبيض صلاح الصادق جحا أبعد من ذلك عبر حديثه ويقول ان لجنته قامت بإعداد أتيام متحركة لتسجيل الناخبين الرّحل في المراعي ومناطق ترحالهم تأكيداً للحق الدستور لأى مواطن أينما كان وقال ان مواطن الولاية مهيأ تماماً للعملية الانتخابية لجهة أن اللجنة حاولت الاستفادة من الأجهزة الإعلامية المحلية في تدشين الحملة التوعوية للمواطنين. وليس بعيداً عن الولايات فقد أكد الأستاذ السر المك رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية شمال دارفور استعدادهم لمرحلة التسجيل بالولاية من خلال إعداد مراكز التسجيل وتدريب كادر العملية فيما أكد ان المعسكرات ستعامل وفقاً للدوائر الجغرافية الموجودة فيها . دينمو محرك العملية الانتخابية برمتها جعلت من المفوضية القومية للانتخابات واللجان العليا بالولايات دينمو محرك تحث الأحزاب والمواطنين ولوج الانتخابات من الأبواب الكثيرة المشرعة ولم تكد المفوضية تفرغ من الفصل في اعتراضات الأحزاب على تقسيم وتوزيع الدوائر الجغرافية والتي أحالت الأحزاب بعضها بل لجأت إلى المحاكم للفصل فيها وقبل ان تنتهى المرحلة قرع جرس آخر على أذان المفوضية متعلق بعملية التسجيل التي تعقبها طعون أيضاً من الأحزاب في تسجيل الأشخاص والشكوك المحتملة خاصة وأن التسجيل ليس مرتبطاً بالتعداد السكاني أو عدم اشتمال التعداد للبعض المناطق بل تنطبق على الناخب الذي يعكف على التسجيل الشروط الواجب توفرها في الناخب من أهليته وبلوغه السن القانونية بالإضافة الى تواجده في نطاق الدائرة الجغرافية لمدة ثلاثة أشهر . وغنى عن القول فإنه ينظر الى الانتخابات القادمة أنها ستكون استثنائية باعتبارها أهم خطوة لعملية التحول الديمقراطي الذي يسبق ختام الفترة الانتقالية التي حددتها اتفاقية السلام الشامل التي ينتهى أجلها بعد ستة أعوام في العام 2011م بإجراء استفتاء تقرير المصير بين الشمال والجنوب. السباق من الزمن الذي اتخذته المفوضية القومية للانتخابات من خلال تنفيذ الجدول الزمني حسب ما هو معلن حرك المياه الساكنة لدى الأحزاب وتحول المناخ السياسي الى مناخ انتخابي يريد كل حزب كسب الناخب من خلال إقناع ناخبيه ببرنامجه الانتخابي الذي يدشن عبر الحملة الانتخابية التي تعقب مرحلة الترشيح . وعلى الرغم من حث المفوضية للأحزاب بتحريك المياه الساكنة وسط عضويتها إلا ان مسئول بالمفوضية أكد أنهم غير معنيين بالحراك السياسي للأحزاب تحت مسمى (الحملات الانتخابية). عموماً فإن عملية التسجيل تظل الكرت الرابح والصوت الأعلى للأحزاب لدخول حلبة الصراع في الانتخابات القادمة وإلا فان العملية الانتخابية برمتها معرضة لخطر التأجيل العملية الانتخابية الإلغاء وكلاهما مر ..!!