تنشط الدولة هذه الفترة بصورة فاعلة لانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية عبر إجراءات لإستئناف محادثات دخوله إلى المنظمة الدولية بعد انقطاع دام 13 عاماً مع الجهات المعنية ، ولعل قرار رفع الحظر الإقتصادي يرفع الشروط القاسية التي جمدت محاولات الانضمام للمنظمة في الفترة السابقة فقد اتجهت اللجان المكلفة بهذا الشأن نحو ترتيب البيت الداخلي وتوجيه السياسات نحو الإصلاح في ظل التنافس العالمي وإصلاح القوانين لتكون متوافقة مع متطلبات الإنضمام للمنظمة. وكان السودان قد تقدم بطلب الإنضمام إلى المنظمة منذ العام 1944 م ومن ثم تقدم رسمياً في العام 1999 م عبر وثيقة النظام التجاري التي على ضوئها يتم الإنضمام إضافة إلى وثيقة عرض السودان للسلع والخدمات عام 2004م ، وبذلك اكتملت كل الوثائق الأساسية للإنضمام إلا أن الملف تم تجميده نتيجة لتدخل الولاياتالمتحدة إبان اتهامها السودان برعاية الإرهاب واتهامات بشأن دارفور. حاولت الحكومة خلال العام (2012) م فتح الملف مجدداً ، إلا أنه اصطدم بعدة عقبات إلى أن تم فتحه في التاسع من يونيو 2016م ، تقدم حينها السودان بطلب رسمي للإنضمام وشهد تقدماً كبيراً في الملف بعد تولي اليابان بترشيح من أمريكا الأمر الذي عاود التفاؤل والأمل لنجاح الجهود والخطط المبذولة بهذا الشأن . وجاء حديث حسين الشريف الهندي وزير الدولة بوزارة التعاون الدولي مؤكدا أن أمريكا دعمت اليابان أن تكون رئيس تفاوض وفد السودان للانضمام للمنظمة ويمضي متفائلاً بقوله أن النتائج الآن تبينت في رفع العقوبات التجارية والاقتصادية عن السودان وهذا مؤشر جيد لأن يمضي السودان نحو الإنضمام لمنظمة التجارة بجانب أن المنظمة كانت تعوق رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ورفعها يجعل الطريق أمام السودان ممهد للإنضمام ، ويضيف أن الجنة الرئاسية العليا تكونت منها ثمانية لجان فرعية واعدت كل ملفات التفاوض بجانب تنظيم عدد من اللقاءات بجنيف يقوده وفد التفاوض السوداني مع المنظمة خلال المرحلة المقبلة. ولا شك أن قرار رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان سيسهم في زيادة التجارة وجذب الإستثمار الأجنبي المباشر وإنهاء العزلة الاقتصادية التي أثرت على السودانيين لعقدين وهذا بدوره يمهد لانضمام السودان رسميا لمنظمة التجارة العالمية، وفي ذات الوقت يتعين على السودان الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء ومن بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويبدو أن السودان يسعى بخطوات جادة إلى سياسة انفتاحية لزيادة النمو وجلب مزيد من فرص الاستثمار لاستخدام الشباب وتوسيع القاعدة وفق خطوات واثقة مع توجيه السياسات لإزالة العوائق الأمر الذي يسهم في رفع أسهم نقاط الانضمام خاصة وأن الخطة التي وضعها السودان في سبيل الانضمام للمنظمة تدعم السياسات التي تحفز القطاع الخاص بعد أن خرجت الدولة من إدارة الشأن الاقتصادي مؤخرا. ويدرس السودان حالياً عبر لجانه المختلفة عملية الانضمام ومتطلبات القدرة التنافسية في مجالات الزراعة والقطن المطري والثروة الحيوانية وكيفية المنافسة الخارجية إضافة إلى المواصفات والتكلفة والبنية اللوجستية والترحيل والأسواق ومواصفاتها ومن ثم التكلفة من الموقع إلى التصدير وفق منظومة إصلاح شامل. ويري دكتور هيثم فتحي الخبير الاقتصادي أن الانضمام للمنظمة يفتح بابا لجذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية وتحقيق الشفافية والإستقرار بما يتماشى مع قوانين منظمة التجارة العالمية ويمنع هجرة رؤوس الأموال الوطنية واستقطاب المستثمرين الوطنيين والأجانب بالخارج الأمر الذي يتطلب حزمة كبيرة من الإجراءات والقوانين الجادة، ويبدو إن عملية انضمام السودان جزء لا يتجزأ من الإصلاحات الاقتصادية السودانية بالإضافة إلي أن حجم السودان وموقعه الاستراتيجي بين سبع دول يجعل لانضمامه تأثيرا كبيرا على المنطقة. وكان وفد السودان للانضمام الذي يقوده وزير التعاون الدولي اختتم اجتماعاته المنظمة بجنيف الأسبوع الماضي ساعيا إلى إتمام إجراءات الانضمام هذا العام مع استئناف محادثات دخوله إلى المنظمة الدولية بعد انقطاع دام 13 عاما ، ولإحياء تلك الجهود عكفت الخرطوم على مذكرة تفاهم محدثة تتعلق بنظام تجارتها الخارجية للتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية. ويشير د. محمد مصطفى الضو رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالمجلس الوطني إلى تحرك وفود على مستوى عال للالتقاء بعدد من الدول لدعم موقفه للانضمام خاصة وان الأجواء ملائمة وداعمة للانضمام بعد القرار الأمريكي الذي صدر مؤخرا بشأن رفع الحظر الاقتصادي، واعتبر الضو قرار رفع للعقوبات الأميركية على السودان أمراً إيجابياً لتسهيل موقف السودان في الانضمام للمنظمة وانتعاش التجارة علي المستوى العالمي مما يؤدي إلي تعافي الاقتصاد الوطني خلال المرحلة المقبلة. وبحسب رأي المراقبين أن أي دولة تريد الانضمام للمنظمة يجب أن تتولى دولة بالمنظمة ملفها ، ومنذ محادثات السودان السابقة للانضمام أدخلت منظمة التجارة العالمية قواعد جديدة لتيسير عضويتها أمام الدول النامية الصغيرة وهو ما يعنى أن محاولة الخرطوم لدخول منظمة التجارة المؤلفة من 164 عضوا ربما تمضي بشكل أسرع مما كانت عليه الأمور من قبل ، ولا شك أن انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية يمكنه الاستفادة من تدفق رؤوس أموال أجنبية في شكل استثمارات مباشرة تنجم من التعامل الحر مع دول منظمة التجارة العالمية بالإضافة إلي الحصول على معونات فنية مالية غير مشروطة ، وتوسيع فرص التجارة تؤدي إلى زيادة حجم الصادرات السودانية ويأتي ذلك من المناخ التجاري المضمون الذي تخلقه منظمة التجارة الدولية الذي يتحقق من استخدام الوسائل القانونية في تنفيذ اتفاقيات وتوافر رسائل الشفافية من التعامل الدولي. المراقب للساحة الاقتصادية يرى أن ذلك يتطلب تنزيل السياسات الداعمة إلى الواقع وتوفير البنية التحتية وعدم إعاقته بالجبايات والتعقيدات مع تفعيل آليات الرقابة على ألا تكون عائقاً أمام متطلبات الإصلاح .