يبدو أن كل التقارير الدولية التي صدرت بشأن عدم جدية جوبا وإستمرارها في دعم وإيواء الحركات المتمردة السودانية قد تأكدت من خلال الأحداث الأخيرة والهجوم الذي نفذته مجموعتي مناوي وطرادة على ولايتي شمال وشرق دارفور. وهذا الإعتداء يؤكد أن نشاط الحركات مازال مستمراً داخل دولة جنوب السودان، وأن تحالف متمردو دارفور مع جوبا للقتال ضد الحكومة فى بعض العمليات حقق للحركات دعماً كبيراً من جوبا. ويؤكد مراقبون أن إنطلاقة قوات المتمردين خلال هذا الهجوم بدأت من دولتي جنوب السودان وليبيا في المحاور المختلفة إلى داخل الحدود السودانية، وأن دولة الجنوب والمعارضة الليبية بقيادة حفتر قدمت الدعم اللامحدود من العتاد والأسلحة المتطورة والتسهيلات الأخرى لهذه القوات المتمردة. موقف تفاوضي والمراقب لهذه الأحداث يجد أن الحركات بهذا الهجوم هدفت للقيام بضربات خاطفة لبعض نقاط الإنذار والقرى ونهبها في محاولة لإثبات عدم الإستقرار الأمني في دارفور وإعادة إنتاج الأزمة، بجانب التشكيك في حقيقة عمل الحركات كمرتزقة في ليبيا ودولة جنوب السودان والحصول على موقف تفاوضي بالتأكيد على وجودهم في دارفور. وكشفت قيادات بارزة بالحركات أن جبريل إبراهيم وعبدالواحد محمد نور وخلال إجتاعاتهم الخاصة إنتقدوا تحرك قوات مناوي ومجموعة طرادة من جنوب السودان وليبيا دون التنسيق مع الحركات الأخرى. وأقروا بالهزيمة الكبيرة التي وقعت في صفوف هذه القوات لكنهم إعتبروا ان الإيجابية هي ان هذه القوات أرسلت رسالة للمجتمع الدولي أن الأوضاع في دارفور ليست آمنة وأنها قابلة للإشتعال وان الحركات لاتزال قادرة على العمل العسكري. ومن خلال هذه الإجتماعات تم التوجيه بضرورة العمل العسكري والمعارضة المسلحة. ولكن من المؤكد أن هناك رسائل عديدة وصلت إلى قادة هذه الحركات بعد الهزائم الأخيرة التي منيت بها قوات مناوي بشمال وشرق دارفور والتي أصبحت تعاني من حالة عدم الإتزان لخسارتها لعدد كبير من قواتها وعتداها في هذه المعارك، بان القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يقظة تماماً وتتابع كل تحركات المرتزقة منذ تحركها من الجنوب وليبيا. إعترافات الأسرى وقد ظلت قضية دعم وإيواء حكومة جنوب السودان للحركات المسلحة عقبة تقف أمام العلاقات بين البلدين، ومن خلال أقوال وإفادات أسرى معركة عدولة بشمال دارفور تبين دعم جنوب السودان لهذه الحركات ، فقد ذكر الأسير عبدالرحمن عبدالكريم ضابط برتبة ملازم، أنه تم تجنيده بدولة جنوب السودان بمعسكر طمبرا ومعه قرابة 500 فرد. وقال ان الحركة شاركت ضمن قوات سلفاكير في المعارك التي دارت بمناطق بانتيو وراجا وشرق الإستوائية وأكد تقديم دعم جوبا عبر العقيد مايك بور شملت أسلحة وعربات ومواد تموينية. فيما كشف الأسير اللواء آدم محمد عبدالرحمن أرباب (نمر) رئيس المجلس الإنتقالي للحركة مجموعة طرادة، إن عرباتهم المتواجدة في الجنوب شملت (28) عربة بينما بلغ عدد عربات مناوي (36) عربة وأنه تم الترتيب وعمل الصيانات لهذه العربات بالجنوب وأشار إلى أنه تم الإتفاق مع مجموعة مناوي للخروج من الجنوب نحو دارفور. وقال ان قواتهم تحركت وقطعت بحر العرب بعدد (63) عربة وسلكوا طريق الحجيرات ومنها شرق عسلاية إلى أن تم الإشتباك وتشتت القوة وتم القبض عليه ومعه (6) أفراد ، وأبان أن خطة المتحرك القادم من الجنوب هو الإلتقاء مع المتحرك القادم من الشمال في منطقة العواتيل وبعدها التحرك نحو عين سرو وإعلانها محررة ويتم منها وقف العدائيات.
تجنيد وإختطاف كما ذكر الأسير محمد إدريس آدم جندي "يتبع للمجلس الانتقالي للحركة" بانه شارك في معارك بانتيو وراجا مع قوات جنوب السودان ضد مشار وبعد الهزيمة التي حدثت لقوات مشار رجعوا لمعسكر كوبو، وأشار إلى أن الدعم كان يأتيهم من قبل الجيش الشعبي . فيما أوضح الأسير خميس ماريو وهو من أبناء الدينكا "ميكنيكي" كيفية عمليات تجنيد أبناء الدينكا بواسطة مجموعة من أبناء الزغاوة "بواو" والذين يعملون بالتجارة لصالح حركة مناوي. بينما ذكر الأسير أيمن أدم أحمد ويبلغ من العمر 17 عاماً، أنه تم إختطافه من واو من قبل المجلس الإنتقالي لمجموعة طرادة وتجنيده بالقوة. أما الأسير الملازم أول عادل أحمد موسى فقد أوضح أنه تدرب بجبل مرة ضمن قوة ضمت (300) فرد تحت قيادة (قدورة) ومن ثم تحركت قوته إلى جنوب السودان بقيادة طرادة وإنضمامها لقوات المتمرد صالح بمعسكر تمساحة، وأكد مشاركة قواتهم مع حكومة جوبا في حربه ضد قوات مشار وأن الإمداد العسكري والغذاي يأتيهم من جوبا. ودعا منبر السلام العادل بعد الأحداث التي شهدتها ولايات شمال وشرق دارفور وفتح الجنوب أراضيه للمتمردين للدخول إلى السودان، دعا الحكومة لإتخاذ موقف لإيقاف ماوصفه بعبث حكومة جنوب السودان، مؤكداً ان حكومة الجنوب لاتجيد سوى الكيد والغدر. ومما سبق فأنه قد ثبت بما لايدع مجال للشك أن حكومة جوبا ظلت تخادع السودان، وتقابل إحسان الخرطوم بالنكران، ويجب على المجتمع الدولي إلزام دولة الجنوب بأن توقف فوراً عدوانها علي أراضي السودان ودعمها للمجموعات المتمردة في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.