في مقالها بعنوان السودان عام جديد من الخوف (6 يناير 2010م) ، وخلال عرضها لبعض المخاطر التي تهدد اتفاق السلام الشامل في السودان، ومن بينها الانتخابات التي ستقام هذا العام، والاستفتاء العام المقبل، وبعد سردها الذي جمع بين تاريخ الصراع المعقد والتكهنات الكئيبة قدمت أسوأ الصور الموحشة عن مستقبل السودان. فادعاؤها ، على سبيل المثال ، بأن سكان دار فور النازحين يواجهون (مصيراً أسوأ من الموت) يعتمد على القوالب النمطية التي عفا عليها الزمن ، ويتجاهل حقيقة الأرقام التي أعلنتها الأممالمتحدة حول معدل الوفيات والتي تشير إلى أنها أصبحت أقل عن ما كانت عليه قبل نشوب النزاع، وأقل من معدل الوفيات في افريقيا جنوب الصحراء. بل أن منظمة أطباء بلا حدود أشارت إلى أن سكان دار فور باتوا يتلقون رعاية صحية أفضل من غيرهم في أجزاء أخرى من السودان ، بل في بعض الأحيان أفضل من تلك الموجودة في الخرطوم كما تبذل الآن جهود لعودة النازحين إلى ديارهم، رغم الصعوبات التي تتمثل في استمرار أعمال السلب والنهب التي تقوم بها بعض الجماعات المتمردة والتحديات اللوجستية بسبب اتساع الرقعة الجغرافية في الاقليم الذي يعادل مساحة فرنسا. وقد أشارت واين جونز في مقالها إلى أن الرئيس البشير طرد عدداً من منظمات الاغاثة من دارفور ، لكنها تقاضت عن ذكر البدائل وهي إستمرار عمل مئات المنظمات غير الحكومية بل ان منظمة الأممالمتحدة أشارت إلى أن الوضع الإنساني في الإقليم بات مرضياً. إن الصورة القاتمة عن دار فور التي رسمتها واين جونز تناقضها ببساطة تقارير الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وعدد من الصحفيين الغربيين ومنطلقها دارفور نفسها وتكشف بجلاء أن الهدوء قد عاد إلى الإقليم. بل حتى البروفسور اريك ريفز الناشط في معاداة السودان ، أقر في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز هذا الشهر ، بانه كان بطيئاً في الاعتراف بمدى التحسن في الأحوال الأمنية واضمحلال أعمال العنف في الإقليم. وعلاوة على ذلك ، فإن واين جونز عندما أشارت الى ما تسمي نفسها محكمة الجنايات الدولية قالت على نحو خادع إن الرئيس عمر البشير مطلوب لديها بتهمة ارتكاب جرائم حرب من بينها تهمة (الإبادة الجماعية) والحقيقة هي أن قضاة المحكمة الجنائية الدولية لم يوافقوا على تهمة الإبادة ، التي يتفق الكثيرون على انه لا أساس لها. بل ان هذه المحكمة التي تقول إنها دولية هي في الواقع ، إحدى المحاكم الأوروبية ، وتمولها القوى الاستعمارية الأوروبية السابقة لافريقيا ، وتخدم أهداف هذه القوى الإستعمارية ، بل أنها لا تمثل في الواقع سوى حوالي 25 % من سكان العالم. وان تخبطات هذه المحكمة تعرّض عمليتي السلام في السودان للخطر. عندما تطرقت جونز لعائدات النفط ركزت على الفقر في جنوب السودان. بدلاً عن التركيز على ان النفط يتم تقسيمه مناصفة وفقاً للآليات التي وضعها اتفاق السلام الذي تم بوساطة دولية ، ولربما تساءلت عن ما حدث لعدة مليارات من الدولارات تم تخصيصها لحكومة جنوب السودان. لكنها لم تشر مطلقاً إلى شحنات الأسلحة التي اشترتها حكومة الجنوب ، بما في ذلك الدبابات ، أو وجود حراس تابعين لشركة «بلاك ووتر» الأمنية الأمريكية في الجنوب. ولم تشر أيضاً إلى أن مليشيات الحركة الشعبية تعمل بشكل فعال على منع مئات الآلاف من الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال من المشاركة في الاستفتاء المقبل. أنا أتفق معها على أن السبيل الوحيد للتقدم إلى الأمام هو الحوار، هذا الحوار ، ينبغي أن يستند على الحقائق وليس على تقارير تقوم على السخرية والكذب والإنحراف عن الحقائق. ------------------ القاردين البريطانية