كان المشهد فى مطار الخرطوم مزيجاً من الألم والسرور، كثير من دموع الفرح وكثير من دموع الحزن. جاء أقرباء (دواعش) السودان الى المطار لا لكى يستقبلوا أبناءهم الذين التحقوا بالتنظيم فى ليبيا دون اذن من اهليهم، بل ليقابلوا ما (أنتجه) أولئك (الدواعش) أثناء حربهم فى جيش (الخليفة) الذى ظهر مرة واحدة فى مسجد بمدينة الموصل ثم اختفى دون أن يكمل رسالته! وبان الأطفال من على سلم الطائرة. أطفال أبرياء لا يعلمون شيئاً مما يدور حولهم، وكيف يدرون وهم ما بين عام وستة أعوام؟! احدى الطفلات انخرطت فى موجة من البكاء الهستيرى بعد ان فاجأتها فلاشات الكاميرات! ذلك ما حدث فى مطار الخرطوم، حيث تم استقبال خمسة من أطفال بعض الدواعش السودانيين الذين قتلوا أو فقدوا فى مدينة (سرت) الليبية التى كانت المعقل الرئيس للتنظيم فى ليبيا. وبعد اجتياح ثوار (البنيان المرصوص) الليبية المدينة بدأت خيوط مأساة الأسر السودانية المنتمية الى التنظيم، حيث يعتقد أن عدداً غير محدود من الدواعش قد قتل وكانت النتيجة ان عدداً آخر من النساء والأطفال مازالوا فى السجون الليبية. هنا يأتى الدور(الانسانى) الذى قام به جهاز الأمن والمخابرات الوطنى فى متابعة أحوال تلك الأسر خاصة الأطفال والنساء منهم. ولم يكن الأطفال الخمسة الذين تم استرجاعهم من ليبيا هم اول القادمين ولن يكونوا آخرهم، فقد اكدت السلطات ان هناك عدداً آخر حوالى أربعة أطفال مازالوا هناك ينتظرون أن تصل اليهم يد جهاز الأمن والمخابرات الوطنى لتعيدهم الى حضن الوطن بعد أن فقدوا حضن الأسرة الصغيرة التى لم يعد لها وجود على ظهر الأرض. وهذه النهاية (السعيدة) لهذه المأساة المؤلمة نسج خيوطها جهاز الأمن والمخابرات الوطنى كجزء من عمله الانسانى وهو جزء أصيل من عمل الجهاز، فهو ليس جهازاً أمنياً حسب الصورة النمطية لأجهزة الأمن فى هذا الجزء من العالم، فرجاله وضباطه ليسوا فقط (أمنجية)، بل انهم يقومون بالعديد من المهام الإنسانية المجيدة. ولقد اتضح أن الجهاز ظل يتابع قضية أطفال داعش، وقد نجح فى استرداد بعضهم وهو عازم على استرداد البقية. ومن بين ضباط الجهاز الذين ظهروا فى هذه القضية سعادة العميد الدكتور التيجانى ابراهيم، فقد كان الرجل حاضراً فى كل مشهد يتعلق بحكاية وقصص استرداد هؤلاء الأطفال. العميد التيجانى يحمل درجة الدكتوراة فى القانون الدولى وبالتحديد فى (فض النزاعات). وفى المشهد الأخير كان العميد التيجانى حضوراً حيث حمل الأطفال بين يديه، واكد أنهم سيلقون كافة أوجه الرعاية الصحية والنفسية، وذلك حتى يندمجوا فى مجتمعهم السودانى مع اسرهم. والعميد التيجانى وهو من ادارة الارهاب بالجهاز لا ينسى ان لهم دوراً انسانياً يقومون به، والجهاز فى ذلك يفرق بين أولئك الذين انضموا الى داعش وبين هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين لم يختاروا هؤلاء الآباء والأمهات الذين ادخلوهم فى معضلة ستلازمهم طيلة حياتهم. وقد أكد العميد التيجانى انهم لن يألوا جهداً فى استرداد بقية الاطفال وأمهاتهم من السجون الليبية. وأكد أن التنسيق الآن جارٍ مع تلك السلطات حتى عودة تلك الأمهات وأطفالهن الى الوطن. اننا نحيي هذا الدور الانسانى الذي يقوم به جهاز الأمن والمخابرات الوطنى، وهو الدور الذى أكد لنا أن لدينا جهازاً أمنياً (شاملاً) يقوم بدوره فى المجال الإنسانى بذات درجة الحماس التى يتسلح بها فى مطاردة الاجرام والمجرمين.