شهد التعايش الديني بين المسلمين والمسيحين بالسودان تطوراً كبيراً منذ عهد بعيد فقد إنتقل من مرحلة التسامح والتعايش إلى مرحلة التواصل والمشاركة، ويحرص السودان علي تعزيز قيم التعايش وكفالة الحرية الدينية بما يحقق الأمان والإستقرار الديني بالبلاد. فالتعايش كمفهوم يعني التعاون، وهو يقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات المختلفة والذي يكون هدفه هو تحقيق تلك الغايات، كما يقوم على أساس التعريف بمبادئ كل ديانة بل والدفاع عن تلك المبادئ والعمل على مكافحة الفوارق وصيانة الحقوق كلها. وخلال الآونة الأخيرة نشطت العديد من المنظمات وبعض الجهات الدولية في إطلاق الشائعات والإدعاءات بعدم وجود حريات دينية بالسودان، رغم أن العديد من القيادات الكنسية العالمية التي زارت البلاد أكدت عكس ذلك، إلا أن هذه المنظمات داومت على إطلاق مثل هذه الأكاذيب في محاولة للتسييس من أجل جر السودان إلى مربع العقوبات والقرارات الدولية. وفي هذا الإطار قلل وزير الإرشاد والأوقاف ابوبكر عثمان ابراهيم من إدعاء بعض الجهات وإصرارها على عدم وجود حريات دينية في السودان ، وأكد أن واقع الحريات الدينية في البلاد يتعارض مع ذلك الادعاء بشهادة كبار رجال الدين المسيحي الذين زاروا السودان مؤخرا .وقال إن السودان دون غيره من دول العالم يتمتع بحرية دينية وتعايش سلمي كبيرين. ودعا للمحافظة علي نسيج التعايش الديني في السودان، وتفويت الفرصة علي المتربصين الذين يستهدفون ضرب الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي بالبلاد ، وأشار الي ان التعايش الديني في السودان يقوم علي أساس الاحترام المتبادل والسلوك الأصيل المتوارث عبر الأجيال علي مر الحقب. وأكد احترام الاسلام للديانات الاخري ، موضحاً أن المواثيق والمعاهدات صانت حرية المعتقد والعبادة في صدر الاسلام وأضاف " الاسلام لا يلغي الآخر حتي لو كان مخالفاً في الدين. وأضاف ان التسامح الديني والتعايش السلمي فيما بين المسلمين والمسيحين ينعكس ايجاباً علي الامن والاستقرار الاجتماعي، ويؤكد السلوك الانساني المتحضر في التعامل الراقي مع الاخر. وأكد عثمان ، أن التساكن الهادىء والعيش المتسالم بين أصحاب الأديان في السودان قائم على عقيدة وإيمان، مشيراً إلى أنه ليس في الإسلام شيء اسمه إلغاء الآخر. ويتفق مع هذا الحديث، تصريحات مدير برنامج أفريقيا بمجلس الكنائس العالمي نيقوسو ليقيس، والذي أكد أن التعايش الديني الذي يتمتع به السودان واحترامه لكافة الأديان يسهم في تحقيق السلم والاستقرار للمواطنين مشيراً إلى أن السودان يخطو خطى جيده في هذا الجانب خاصة بعد رفع العقوبات . وأشاد نيقوسو بالتعايش السلمي الموجود في السودان، ولفت إلى أن السودان دولة متعددة الأعراق، وقال: "نحن سعداء بالمعاملة الجيدة والدعم الذي يجده المسيحيون في السودان بالرغم من أنهم يمثلون أقلية"، وأشار إلى زيارة الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي في العام 2013 وأكد أن علاقات المجلس مع حكومة السودان تشهد تطوراً. وأضاف أن حكومة السودان تبذل جهوداً مقدرة لتعزيز علاقات التعاون مع مجلس الكنائس العالمي، مشيراً الى التعاون الكبير بين المساجد والكنائس في العديد من المجالات، وأضاف: "سنبذل كل ما في وسعنا لدعم وتعزيز هذا التعاون"، مؤكداً تشجيع المجلس للحوار بين الأديان. فيما أكد الأمين العام لمجلس الكنائس، كبير أساقفة الكنيسة الكاثلويكية في السودان ، مايكل ديدي ان الشعب السوداني شعب كريم ومتسامح ولا توجد اي خلافات او مشاكل دينيه بين مكوناته المختلفة. ودعا الاسقف ديدي لتمكين موسسات التعايش الديني ودعمها لتعلب أدواراً اكبر في هذا الاطار. وكان كبير أساقفة كانتبري ،جاستين ويلبي، أكد خلال زيارته البلاد أغسطس الماضي إن التعايش الديني السائد فى السودان " مخالف كثيراً " للنظرة السائدة فى الدول الغربية. وقال كبير الأساقفة " اعتقد ان العديد من القصص فى الغرب مشوشة ، اذ انها تأخذ حالات بعينها وعكسها على انها تمثل الوضع الطبيعى".، وتابع " بالنسبة لنا نحن، الذين حضرنا الى هنا وسمعنا يتعين علينا تصحيح تلك القصص". وأفاد أن " الحكومة السودانية لديها سياسة واضحة فيما يتعلق بحرية الاديان ، وتأتى على ثلاثة مستويات، وأضاف أن الكنيسة الأسقفية ستقوم خلال المرحلة المقبلة بدور كبير من أجل رفع العقوبات الأميركية عن السودان، داعياً المسلمين والمسيحيين في هذا البلد إلى تدعيم التعايش الديني. وأشار إلى أن "عملية التعايش السلمي بين الأديان، تمثل تحدياً كبيراً ليس في السودان بل في كل الدول التي عليها أن تظهر قدراً كافياً من القيم". رئيس مجلس التعايش الدني في السودان د. فاروق البشري أكد خلال ورشة عقدت مؤخراً بالخرطوم حول التعايش الديني على ان التعايش الديني في السودان حقيقة ماثلة ، ودعا للانتقال من مرحلة الدفاع الي مرحلة المبادرات للتوافق علي نهج وآليات تدعم التعايش الديني في السودان. كما دعا للتأكيد علي الحريات وفقاً لحقوق دستورية تعالج مكامن الخلل ، ووضع اهادف استراتيجية لاستدامة التعايش الديني في السودان، واشاعة ضبط السلوك وتزكية المجتمع وازكاء الثقافة ونبذ الحرب ، وصولاً لاستدامة السلام الاجتماعي. ويؤكد مراقبون أن الدستور السوداني ينص على احترام التعددية الدينية وكفالة حرية الأديان وكفالة حق الجماعات الدينية في تشريعات مستمدة من عقيدتها، واحترام التنوع الثقافي والديني وكفالة حقوق الإنسان والحقوق الدينية فيها كما ورد في المواثيق الدولية. وأشاروا إلى أن ماينشر عن السودان في هذا الصدد تعتبر إدعاءات مغلوطة من جهات تسعى لتشويه صورة السودان، وعكس صورة منافية لحقيقة الأوضاع التي تؤكد التعايش بين كافة المكونات والطوائف الدينية.