حملت الأنباء فشل وساطة أمريكية قادها القس لين كاندل مدير الإرسالية الأمريكية بالقرن الأفريقي، في رأب الصدع والصلح بين الطرفين المتنازعين حول قيادة بالكنيسة الإنجيلية بالخرطوم. وتأتي هذه الوساطة في ظل أثارة عدد من المنظمات الغربية لقضية الحريات الدينية في السودان، كما عبرت تقارير صادرة عن الإدارة الأمريكية عن قلقها عن أوضاع غير المسلمين، وذلك بالتزامن مع حملة منظمة ضد الحكومة في محاولة لإظهار عدم احترامها لحقوق غير المسلمين. وقد اعتبر السودان هذه التقارير غير منصفة وتتناقض مع الإشادات التي حظي بها من العديد من رموز وقادة المؤسسات الدينية العالمية، والتي أشادت بمستوي الأمن والحريّة واحترام حقوق المسيحيين في السودان. وكشفت قيادات بالكنيسة الإنجيلية في تصريحات لها نشرتها وسائل الإعلام عن لقاءات عقدها القس الأمريكي لين كاندل مع المجموعتين خلال زيارته للسودان مؤخراً، وقف خلالها على تطورات المشكلة بينهما وتداعياتها وأسباب اللجوء للمحاكم. ويشغل كاندل مدير الإرسالية الأمريكية بالقرن الأفريقي والتي تضم أربعة بلدان هي السودان وجنوب السودان ويوغند وكينيا. وكشفت قيادات الكنيسة أن القس الأمريكي عقد إجتماعاً موسعا، تم خلاله تقديم مقترحات من الطرفين، فيما قدمت الوساطة مقترحاً بتكوين مجموعة مناصفة بين الطرفين وشطب كل البلاغات إلا أن المقترح تم رفضه. وأشارت إلى أن هذه المحاولة للوساطة الأمريكية تعتبر الثانية عقب فشل المحاولة الأولى لحل خلاقات الكنيسة في اكتوبر الماضي. وبالنظر إلى سر الإهتمام الأمريكي بمحاولة رأب الصدع داخل الكنيسة فنجد أن الإرسالية الأمريكية قامت في العام 1903 بتأسيس الكنيسة الإنجيلية المشيخية، قبل أن يتسلم مجلس الطائفة الإنجيلية العمل الإداري منها في العام 1963م. وقبل مناقشة تفاصيل وأسباب فشل الوساطة لابد من الإشارة أولاً إلى أن زيارة القس الأمريكي للخرطوم بدت غير رسمية وكأنه أريد لها ان تكون بغير علم السلطات الرسمية أو رغبة في عدم تسليط الأضواء عليها، وهو ما يخالف عادة الإعلان عن زيارات الشخصيات الدينية الكبيرة التي لها منصب في الكنيسة والتي زارت السودان في الفترة الأخيرة أمثال نيقوسو ليقيس مدير برنامج افريقيا بمجلس الكنائس العالمي والذي شارك في اعمال الجمعية العمومية لمجلس الكنائس السوداني نوفمبر الماضي، وكذلك زيارات كبير أثاقفة كانتبري جاستين ويلبي، والبابا ثيودروس الثاني بابا وبطريرك الكنيسة اليونانية الارذودكسية وغيرهم. وبالرجوع إلى خلفية الصراع داخل الكنيسة الأنجيلية فنجد أنه تفجر قبل (6) سنوات بين المجموعة الشرعية الحالية والمجموعة السابقة، عقب إتهام الأخيرة ببيع قطع أراضي والإستيلاء على أموال للكنيسة قادمة من الولاياتالمتحدة وتحويلها للمنفعة الشخصية، بجانب مخالفة دستور الكنيسة بالتوجه إلى العمل السياسي والارتباط بالحركة الشعبية قطاع الشمال. وقد سعت وزارة الإرشاد لتكوين عدة لجان لحل المشكلة وقامت ولاية الخرطوم وعدد من الطوائف المسيحية بقيادة عدة محاولات للوساطة اصطدمت جميعها برفض المجموعة السابقة لكافة المبادرات، مما اضطر المجموعة الشرعية للجوء للمحاكم. وها هي ذات المجموعة ترفض مقترحات الوساطة الأمريكية بتكوين لجنة مناصفة بين المجموعتين وشطب البلاغات المفتوحة في مواجهتها لدى في المحكمة. ويدلل فشل وساطة مدير الإرسالية الأمريكية بالقرن الإفريقي لين كاندل إلى أن القضية ليست دينية بمثل ما تروج له المنظمات الغربية وإنما هي صراع مصالح، تم استغلاله لإصدار تقارير مغلوطة ترويج لإدعاءات بعدم وجود حريات دينية في السودان وعكس صورة منافية لحقيقة الأوضاع بهدف تشويه صورة السودان، يساندها في ذلك بعض المجموعات التي لم تجد مناصب في الكنائس منذ انفصال جنوب السودان. ونجد أن الولاياتالمتحدة قد تاثرت بهذه الحملة ضد السودان بإصدارها إعلانا في يناير الماضي بإعادة إدراج السودان علي قائمة بلدان تشكل "مصدرا خاصا للقلق" ضمن تقريرها الدوري الخاص بالحريات الدينية. وعلى هذا فإن زيارة القس الامريكي للخرطوم وإعلان فشل وساطته لاحتواء خلافات الكنيسة يعتبر بمثابة رد عملي على الذين حاولوا تضخيم صراعات الكنيسة وإعطاءها أبعاداً أخرى من خلال اتهام الحكومة بالتضييق على المسيحيين.