أبدت تشاد بالغ ضيقها و تبرمها مما أسمته الموقف المتعنت لحركة الدكتور خليل حيال المفاوضات الجارية بينها وبين الحكومة السودانية لإحلال السلام بدارفور. وقالت الحكومة التشادية السبت الماضي إن د. خليل – حسب تقديراتها – يبالغ في التشدد وإتخاذ مواقف لا تتحلى بالمرونة، الأمر الذي قد يقود لإنهيار المفاوضات. ولم تكشف تشاد عن ما تزمع إتخاذه من موقف – بإعتبارها وسيطاً رئيسياً في العملية – ولكنها في الوقت نفسه تتعامل الآن بقدر من الفتور تجاه حركة خليل. من جانبٍ ثانٍ فإن فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها برنار كوشنير أبدت الأخرى ضيقاً مماثلاً من المتمرد عبد الواحد نور الذي يتخذ من باريس مقراً له منذ ما يجاوز الثلاثة أعوام، وقال كوشنير إن بلاده لا تجد مبرراً للمواقف المتعنتة التي ظل يتخذها المتمرد عبد الواحد محمد نور، برفضه التفاوض مع الحكومة السودانية، ولم تستبعد مصادر دبلوماسية فرنسية أن تتخذ باريس خطوة تجاه عبد الواحد ربما تصل إلى حد إبعاده عن أراضيها إذا ما ظل على موقفه المتعنت هذا. ويكشف هذا الموقفين كل من تشاد وفرنسا عن عدد من المؤشرات الهامة التي إستجدت على صعيد مواقف الدولتين، فمن جهة أولي فإن فرنسا التي قرأت بتمعن شديد الخارطة السياسية السودانية وإتجاه السودان الجدي نحو إقرار تداول سلمي للسلطة وإقتراب مواعد الإستحقاق الإنتخابي والقدر الجيد من الإجراءات الإنتخابية الجارية، ربما بدأت تدرك أن السودان ماضٍ بإتجاه الإستقرار السياسي وإضفاء شرعية شعبية على حكومته، مما يجعل أي عمل مسلح أو تمرد ضد حكومة كهذه عملاً أخرقاً يصعب الوقوف معه، خاصة وإن الولاياتالمتحدة مهتمة للغاية بهذه الإنتخابات وتشجعها وتدعم قيامها. أما بالنسبة لتشاد فهي لمست جدية كبيرة جداً هي الأخرى أيضاً من جانب السودان تجاه حل أزمة الحدود بين البلدين، وهدأت الأحوال على الحدود، ومن المقرر أن تشهد دارفور هدوءً وإستقراراً أكبر، مما يجعل من مصلحتها دعم هذا الإتجاه، بدلاً من المراهنة على حركات مسلحة تفتقر الرؤى والتنظيم الجيد. ومن جهة ثانية فإن تشاد يبدو أنها أدركت – ولو بعد فوات الأوان – أن حركة د. خليل حركة إنتقامية أكثر من كونها حركة سياسية جادة تريد بالفعل أن تحقق أهدافاً سياسية لصالح أهل دارفور، وهو أمر مخيب للآمال وتصعب المراهنة عليه. أما فرنسا فإن عبد الواحد فيما يبدو بات يشكل عبئاً سياسياً باهظاً عليها، فحتى على مستوى مصالحها الخاصة لم تلمس فيه الشخص القادر على تحقيقها، ومن ثم ومن واقع معايشتها لرؤى المتمرد الشاب، يئست فيما يبدو وهي ترى الملعب السياسي السوداني يكتظ باللاعبين. وعلى أية حال يكفي حتى الآن أن هاتين الدولتين – تشاد وفرنسا – أدركتا سوء تقديراتهما حيال المتمردين الدارفوريين الذين ظلت تدعمهما وتدللهما تدليلاً سياسياً ثبت أنه كان عديم الجدوى تماماً!.