الخرطوم (smc)الرأي العام أَبْلَغَ مصدرٌ «الرأي العام»، أن مؤتمراً جامعاً للحركات المسلحة سينعقد خلال شهر بشمال دارفور بغية الاتفاق على رؤية وقيادة موحدة، في مفاوضات الدوحة المقبلة. وقال المصدر، إنّ زيارة جبريل باسولي الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للخرطوم كانت بهدف توحيد فصائل دارفور، وأكّد انّ إتصالات جرت مع الفصائل كافة في دارفور وتشاد وليبيا وغيرها، وأضاف، أنّها أبدت استعدادها للجلوس والتّفاكر بشأن توحيد الرؤى، وذكر بأنّ المؤتمر المزمع انعقاده ستمثِّل فيه كل مكونات دارفور من قبائل وإدارات أهلية، بجانب منظمات المجتمع المدني بدارفور. واستنكر المصدر رفض حركة العدل والمساواة مُشاركة ايِّ فصيل بالدوحة، وقال إنّ خليل إبراهيم ليس متحدثاً باسم دارفور ولا يمثلها، وأضاف إن أراد الانضمام ليوحد رؤاه مع بقية الفصائل فمرحباً به، بيد أنه قال ليس من حقه رفض مشاركة الآخرين. إلى ذلك وَجّهت وزارة الخارجية أمس انتقادات لاذعة للحكومة الفرنسية، وقال السفير علي الصادق الناطق الرسمي باسم الخارجية، إنّ فرنسا لم تَفِ بوعود قطعتها للسودان على لسان رئيسها ساركوزي ووزير خارجيته كوشنير بطرد عبد الواحد محمد نور زعيم حركة تحرير السودان في حَال عَدم استجابته لدعوات السلام والحوار.وأضَافَ، هذا لم يحدث، وفرنسا لم تطرده مما يَعني أنّها تحتفظ بعبد الواحد كورقة ضغط تلعب بها أدواراً في موضوع السودان وتشاد ودارفور حسبما تقتضي مصلحتها. وقال السفير علي الصادق في تصريحات ل «الرأي العام» أمس، انّ فرنسا جزءٌ من قوى دولية لا تريد الخير والاستقرار للسودان.وفي تعليقه عَلَى مقترح الحكومة الفرنسية لاستضافة حوارٍ لتطبيع العلاقات مع تشاد، قال علي الصادق: نحن لا نَرفضه ولا نَتفاءل أكثر من اللازم في هذه المرحلة. وَشَدّدَ الصادق على أهمية تحسين العلاقات مع تشاد وتطبيعها، لانعكاس ذلك على استقرار وتهدئة طرفي الحدود المشتركة بين البلدين، وقال: «كنا نأمل من البداية في أن تلعب فرنسا دوراً في تطبيع العلاقات السودانية التشادية، وكنا دائماً نرى أن فرنسا يُمكن أن تفعل الكثير فيما يتصل بتشاد، لكنها للأسف لم تفعل». كان الطقس يميل إلى الإعتدال، عندما رشح في صحف الخرطوم أواخر مارس الماضي، إسم الدبلوماسي الماكر أيريك شافيلر الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية. حينها صرح قبل أيام قلائل من إنعقاد القمة العربية، أن فرنسا ودولاً أوروبية أخرى لديها إلتزام بتنفيذ قرار توقيف الرئيس البشير إذا سافر الى الدوحة. وبعد نحو ثلاثة أشهر من ذلك التصريح الذي إعتذر منه سفير فرنسابالخرطوم باتريك نيكولوزو، حملت صحف الخرطوم صبيحة أمس الأول تصريحات جديدة لأريك شافيلر قائد وفد بلاده في إجتماع تقييم إتفاق السلام الشامل الذي أنهى أعماله بواشنطن حديثاً. أريك ، أعلن عقب لقاء جمعه مع رئيس وفد المؤتمر الوطني في الإجتماع د. غازي صلاح الدين، نية فرنسا تغيير مواقفها من المحكمة الجنائية بجانب إستضافتها لمؤتمر سلام يجمع السودان وتشاد بهدف التوصل لإتفاق ينهي التوتر الذي شاب المنطقة أخيراً. ومع إرتفاع سخونة الطقس في المسافة الزمنية الفاصلة بين تصريحات أريك قبل الأخيرة، والأخيرة، بشأن السودان. فقد إنخفضت النبرة التهديدية التي كانت تتحدث بها باريس مع حكومة الخرطوم، لكن توصيف الأوضاع بين السودان وتشاد بقى على حاله «بالغ التعقيد». وعلى خلفية إستمرار هذا التعقيد فيما يبدو، فقد شددت الخارجية الفرنسية على ضرورة إصلاح العلاقات بين الخرطوم وإنجمينا كأحد أهم عناصر الحل في إقليم دارفور، وأكد أريك أن بلاده لا تستبطن مواقف عدائية ضد السودان. لكن ما ذهبت إليه الخارجية الفرنسية على لسان المتحدث باسمها لا يصمد كثيراً إذا ما أختبر على أرض الواقع، فباريس لا تكاد تستطيع إخفاء إنحيازها المكشوف لإنجمينا على حساب الخرطوم. وصحيح أن مواقف فرنسا في الحقبة الماضية تجاه السودان، إتسمت بالاعتدال، إلا أنها أصبحت ومنذ بروز أزمة دارفور تلعب في خانة جديدة أكسبتها غضب الخرطوم، التي تضررت كثيراً من الدعم والتحريض الفرنسي لإنجمينا، إلى جانب تصديها، بل وتبنيها لموضوع المحكمة الجنائية الدولية وكأنها تريد أن تصفي بذلك حسابات سياسية مع الحكومة في الخرطوم. لكن ما يحمل إلى الحيرة في إيجاد مبررات مقنعة لهذا العداء المستبطن من فرنسا تجاه السودان، أن الأخير إحتفظ بعلاقة طيبة مع الأولى، وبرزت ملامح تلك العلاقة التي كانت طيبة في تطوير التعاون الإقتصادي بين البلدين، وشواهد أخرى، منها إعتراض فرنسا في العام 3991م على وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإنتقادها للإعتداء الأمريكي على مصنع الشفاء في العام 8991م، وبلغت ذروة التعاون الثنائي بين البلدين عقب تعاون الخرطوم معها في مجال مكافحة الإرهاب، وتسليمها الإرهابي كارلوس ذائع الصيت. ولأهمية فرنسا، وقدراتها التأثيرية الكبيرة على مجمل الأوضاع في إنجمينا، فقد حرصت الحكومة على الحوار معها، ورغم الإشارات السالبة التي ظلت باريس ترسلها في إتجاه الخرطوم من حين لآخر، إلا أن الخرطوم ظلت تسعى حثيثاً لبناء علاقات متينة مع فرنسا بهدف إقناعها بإستخدام ما لديها من أوراق للضغط على إنجمينا للجلوس وتحسين العلاقات مع الخرطوم، أو تحييد فرنسا في هذا الصراع وموضوع المحكمة الجنائية على الأقل. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، التقى الرئيس البشير في وقت سابق من العام الماضي بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالدوحة التي رعت ذلك اللقاء، وقبله، التقى نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه بساركوزي على هامش انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ثم تعددت اللقاءات بين المسؤولين من الجانبين في الزيارتين اللتين اضطلع بهما د. نافع علي نافع والفريق أول صلاح قوش ود. مصطفى عثمان إسماعيل الى باريس، دون أن يكون الى ذلك الحراك طحين دبلوماسي على الأرض. فباريس، كانت شحيحة حتى في وعودها، إلا التي قطعتها على نفسها بأن تطرد عبدالواحد محمد نور من أراضيها في حال عدم استجابته لنداء السلام، ولكن حتى هذا الوعد الذي قطعته على لسان رئيسها ساركوزي، ووزير خارجيتها برنارد كوشنير لم تف به. وبرر أريك شافيلر هذا الأمر، بأن قال «ضغطنا على عبدالواحد للإنخراط في مسيرة السلام والانضمام للمفاوضات إلا أننا فشلنا ولا يجب ان يؤخذ هذا الأمر علينا»!! لكن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير علي الصادق، لم تقنعه مبررات نظيره فيما يبدو، وقال ل«الرأي العام» أمس، إن فرنسا مسؤولة تماماً عن هذا الأمر، فقد جاءت وعود للسودان على لسان ساركوزي وكوشنير اكدت أنها ستطرد عبدالواحد في حال عدم استجابته لدعوات السلام والحوار، لكن هذا لم يحدث، مما يعني ان فرنسا تحتفظ بعبدالواحد كورقة ضغط تلعب بها أدواراً في موضوع السودان وتشاد ودارفور حسب ما تقتضي مصالحها. لكن، ما كان يشغل بال د. غازي صلاح الدين في ذلك اللقاء أمر آخر، فقد نقل لأريك شافيلر عدم رضاء الخرطوم من الموقف الفرنسي المتشدد حيال قضية المحكمة الجنائية الدولية وقيادتها للمعسكر المناوئ للاجماع العربي الافريقي تجاه قضايا السودان. وفيما ابلغ غازي المسؤول الفرنسي ان المحك في علاقة الخرطوم وباريس تغير حكومته لموقفها من الجنائية، أكد اريك أن بلاده مع تحقيق العدالة، لكنهم على استعداد لتغيير موقفهم متى تأكدوا من ان تحقيق السلام مقدم على العدالة. والى ان يتأكدوا من ذلك، فإن هنالك ثمة تساؤلاً يطرح هنا عما تريده باريس من الخرطوم تحديداً؟ والاجابة عند علي الصادق ان فرنسا جزء من قوى دولية اخرى لا تريد الخير للسودان، ولا تريد ان ترى السودان دولة مستقرة ونامية. وعوداً على بدء فقد وعد غازي صلاح الدين من واشنطن، ايريك شافيلر بنقل مقترح فرنسا لاستضافة مؤتمر سلام يجمع السودان وتشاد الى القيادة في الخرطوم. وفي الخرطوم قال علي الصادق أمس، نحن لا نرفض هذه الدعوة ولا نتفاءل بها أكثر من اللازم في هذه المرحلة. ومضى الناطق الرسمي باسم الخارجية للقول «نحن قطعاً نحتاج لتحسين العلاقات مع تشاد. وكنا نأمل منذ البداية في ان تلعب فرنسا دوراً ايجابياً في تطبيع العلاقات السودانية التشادية، وكنا دائماً نرى ان فرنسا يمكن ان تفعل الكثير ولكنها للأسف لم تفعل» ومهما يكن من امر فإن الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى جدية باريس هذه المرة في رعاية العلاقات السودانية التشادية التي تصب في مصلحة الجهود الرامية لحل مشكلة دارفور ان تمت، وعدم جديتها التي ستسبب لا محالة في استدامة الاسف واستطالته، أسف من ذلك النوع الذي ابداه السفير على الصادق.