لم تجد دعوات تجمع المهنيين الخاصة بالإضراب والعصيان التربة الخصبة لإنبات أجنداتها السياسية التي صارت وأضحة وسط الساحة السودانية ولدى العاملين والمهنيين الشرعيين على وجه الخصوص، إذ ان التنظيمات النقابية المسجلة قانونياً أكدت عدم شرعية هذه الكيانات التي أفرزتها الإحتجاجات التي حاولت أن تتخذها معبراً لتمرير أغراضها السياسية التي لا تلامس قضايا المواطن، وبهذا التخطبط كتبت على دعوات الإضراب عبارات الفشل والاستنكار من قبل العاملين بالدولة والمراقبون خاصة بعد أن أصبحت تروج لإضرابات الأطباء والمعلمين، ولا شك أن وعي المواطن السوداني أفشل هذه المخططات برفضه المتاجرة بقاياه بعد أن وضع مصالحه الاقتصادية والاجتماعية والأمنية من أولويات أهدافه. ويرى مراقبون أن دعوات الإضراب لم تجد الاستجابة من قبل القطاعات المستهدفة من العاملين لأنها بنيت على طاولة سياسية مغرضة ولم تكن لديها أهداف متعلقة بالقضايا المطروحة، هذا بجانب أن انفاذ اي إضراب لم يكن مشروع إلا بعد اكتمال أركانه التي ترتكز على مبدأ الحوار وتعسر الحلول المطورحة من قبل التنظيمات الشرعية المعنية بالشان نفسه، ولا شك أن معالم المرحلة الجديدة صارت واضحة بعد أن طرحت الدولة مبادرات عديدة لانجلاء الأزمة والتي من ضمنها الحوار خاصة مع الشباب وهذا ما جعل دعاوى العصيان والإضرابات تضل طريقها. ويقول المهندس يوسف على عبد الكريم رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان ل(smc) أن جميع النقابات المهنية تدرك تماماً ما وراء دعاوي الإضراب والعصيان التي أطلقها تجمع المهنيين غير الشرعي الأمر الذي أسهم بشكل كبير في فشل الاضراب والتقليل من شأنه، ويضيف ان العاملين بالدولة حريصون على تفويت الفرصة على الأجندات المغرضة التي حاولت تسيس قضاياهم لصالح تنظيمات باتت تمثل واجهات لاجسام سياسية لا علاقة لها بقايا المواطن والوطن، وأوضح أن أي محاولة للتوقف عن العمل ستواجه بإجرءات صارمة ومسائلة قانونية من قبل الجهات المختصة باعتبار انها غير قانونية، ويقول في في حديثه أن الاتحاد بكافة قواعده يدير قضايا منسوبيه بالحوار مع الأجهزة التنفيذية التفيذية والتشريعية بالدولة ولا يلجأ للاضراب والتوقف عن العمل إلاء في حالة الوصول لطريق مسدود لحل القضية المطروحة، ويستشهد في حديثه حوارات عديدة مع الحكومة من أبرزها زيادة الأجور والمتأخرات وحقوق المتقاعدين والعاملين المتضررين من هيكلة وخصخصة بعض المؤسسات بالقطاع العام. وقال عبد الكريم أن الظروف التي تمر بها البلاد تستوجب تضافر الجهود من كافة منظمات وقطاعات المجتمع ولا مساحة للإنحراف وراء المكايدات السياسية، ويؤكد في حديثه مزاولة العاملين عملهم بكافة القطاعات مما يشير إلي فشل الإضراب وعد تأثير أي قطاع أو مؤسسة خدمية بالاضراب الذي وصفه بالمحدود. ولأن القطاع الطبي وقطاع التعليم من الفئات التي استهدفتها تجمعات المهنييين لانفاذ الأضراب سارعت النقابات العامة المنتخبة قانونياً بمجابهتها بخطوات عملية نجحت في افشالاها خاصة بعد توضيح الإجراءات القانونية الخاصة بالتوقف عن العمل غير المشروع. ويقول دكتور ياسر أحمد أبراهيم رئيس النقابة العامة للمهن الطبية والصحية ل(smc) ان العاملين في الحقل الطبي والصحي لم يستجيبوا لدعوات الاحتجاجات والإضراب وزاولوا عملهم اليومي بصورة منتظمة، موضحاً إن النقابة هي الجسم الوحيد الذي يعبر عن حقوق ومكتسبات العاملين سوا كان بالخرطوم أو الولايات الأمر الذي يجب أن يدركه الجميع خاصة التنظيمات المعارضة التي أطلقت على نفسها تجمع المهنيين الذي يفقد الشرعية القانوية على حد قوله، ويشير إلي تشكيل غرفة عمليات لسد أي نقص بالمراكز والمستشفيات في حالة تنفيذ اضراب من قبل الكوادر الطبية لتفويت الفرصة على المغرضين المنظمين لدعاوي العصيان والإضراب، وفي الوقت ذاته كشف عن اتخاذ إجراءات صارمة في حالة التوقف عن العمل لأسباب غير قانونية والمنفذين لأجندات تجمعات المهنيين التي تمثلها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بالقطاع الطبي والصحي، وقال أن أي كادر يتوقف عن العمل يتحمل المسئولية الكاملة باعتبار الدعوات السياسية بند مرفوض ولا يجد استجابة من منسوبي القطاع، ويبدو أن دعاوى الاضراب والعيان التي أطلقتها الكيانات السياسية لم تجد حظها من القبول أو الانفاذ في ظل الجهود الملموسة من قبل النقابات والاتحادات الشرعية المتخبية بالقانون، وبات من الواضح أن ما يطلق على نفسه تجمع المهنيين كتب على نفسه النهاية بدعواته الأخيرة للعصيان والإضراب التي واتجهت بالرفض والاستنكار. وكانت النقابات العامة أصدرت بيانات شديدة اللهجة مستكرة دعوات الأضراب التي حذرت منسوبيها من الاستجابة لمثل هذه الدعاوي السياسية والتي تبرأت من منظميها وكيانتاها، ولم تتوقف القواعد النقابية من مجابهة دعوات الاضراب وظلت ترسل رسائل متواصلة في بريد تجمعات المهنيين السياسية وتحذرها من استغلال قضايا المهنيين الشرعيين خاصة الأطباء والصيادلة والمعلمين. ويبدو أن المرحلة المقبلة ستسطر تاريخاً جديداً لتجمع المهنيين السياسي بعد أن تمادت أجنداته للقطاعات الخدمية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، مما جعل كافة القطاعات تتدارك الخطورة في زمن قياسي استطاعت فيه كشف حقائق ربما تكون كانت غائبة عن المواطن والعاملين نفسهم.