تتجه أنظار الساحة الإعلامية والسياسية الى أروقة قاعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف تزامناً مع التحضيرات للدورة 42 لحقوق الإنسان التى تنعقد خلال الشهر الجاري ، وتأتى إجتماعات حقوق الإنسان هذه المرة في وقت يشهد فيه السودان تغييرات كبيرة على كافة المستويات و تشكيل الحكومة الإنتقالية. ومن المتوقع أن يتوجه وفد السودان الرسمي خلال الأيام القادمة لتمثيل البلاد أمام مجلس حقوق الإنسان برفقة عدد من الخبراء من وزارات الدولة المختلفة، وسيقدم السودان خطابه الذي من المفترض أن يحدد جهود الدولة في المحافظة في الإرتقاء بحقوق الإنسان. ومعلوم أن الفقرة (19) من القرار الذي صدر من مجلس حقوق الإنسان في دورة انعقاده ال(39) أشارت إلى إنهاء ولاية الخبير المستقل فور الإعلان عن فتح مكتب للمفوضية بواسطة السودان والمفوضية، وعليه فتح المكتب يجب أن يتم بعد التوصل إلى إتفاق يحكم ولاية المكتب. ولكن هنالك بعض المحاذير التى يتخوف منها السودان وفي هذا الإطار انعقدت بوزارة العدل اجتماعات مشتركة بين حكومة السودان والبعثة الفنية لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان للتفاوض حول أطر تطبيق القرار رقم 22/39 الخاص ببدء التفاوض حول إنشاء مكتب قطري للمفوض السامي لحقوق الإنسان في السودان وفق البند العاشر، وجاءت الاجتماعات بغرض تبادل الرؤى حول آليات ووسائل منهجية عمل المكتب ووضع خارطة طريق للتفاوض. وقدم مقرر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في بداية الاجتماعات تنوير عام عن التطورات الدستورية والسياسية في السودان وإبرام الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية وتشكيل هياكل السلطة الانتقالية للمجلس السيادي ومجلس الوزراء ونحو تشكيل المجلس التشريعي خلال الفترة المقبلة، وأشار الى التطورات الايجابية في مجال حقوق الانسان وكفالة الحريات في السودان بصورة كاملة وفي كافة المجالات والسودان يشهد تغيير كاملاً مما يستدعي رؤية خاصة جديدة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقوم على التعاون والدعم وبناء القدرات ولا تستند إلى الإجراءات الخاصة المقررة في السابق. يعتبر ملف حقوق الإنسان من الملفات المهمة التي يوليها المجتمع الدولي عناية خاصة، كما أن الولاياتالمتحدة وضعت الملف ضمن شروطها لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وخاضت الدبلوماسية السودانية معركة كبيرة مع مجلس حقوق الإنسان لتأكيد الخطوات التى يقوم بها السودان تجاه الملف. وشهد ملف حقوق الإنسان في السودان تحسناً ملحوظاً خلال السنوات الماضية ففي عام 2011م تم إنتقال السودان من البند الرابع من جدول الأعمال تحت مسمى “الدول التي تسترعي انتباه المجلس” إلى البند العاشر المعني بتقديم الدعم والمساعدات الفنية. وفي ذلك إعتراف ضمني من المجتمع الدولي، عبر مجلس حقوق الإنسان، بالتقدم المُحرز ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن اتخذت الدولة عدد من الخطوات الإيجابية لتجاوز التحديات وقد انعكس ذلك بصورة إيجابية على الوضع الداخلي، وعكسته القرارات الصادرة من مجلس حقوق الإنسان، وكانت هذه القرارات تتضمن في السابق ثلاث أو أربعة فقرات تعبر عن القلق والإدانة غير أن القرار الأخير (24/39) خلا من الإدانة وتضمن فقرة واحدة تحدثت عن شواغل المجموعة الغربية. كما تضمّن عدد من الفقرات التي رحّبت وأشادت بالخطوات الإيجابية التي تمت في هذا الشأن وعلى رأسها إزالة اسم السودان من قائمة الدول التي تستخدم الأطفال في النزاعات المسلحة وتسهيل الإجراءات الخاصة بإيصال المساعدات الإنسانية بالاضافة إلى دور السودان في تحقيق سلام جنوب السودان ومن بعدها مفاوضات افريقيا الوسطى وغيرها من جهود. لاشك ان التغيير الذي حدث في السودان تبعه تغيير في الموقف الدولى وأن التصويت في مجلس حقوق الإنسان يتم بناءًا على الموقف الدولى من السودان دون الإعتبارات الأخري ، وعلى الرغم من ضرورة استبدال ولاية الخبير المستقل بفتح المكتب القطري الا ان هنالك عدد من المحاذير ينبغى على الجهات المختصة وضعها في الإعتبار اهمها حصر مهمة المكتب في حصر مهمة المكتب وفقاً للاتفاقية التى يتم توقيعها بين السودان والمفوضية.