بدأ البرلمان الفرنسي يوم الثلاثاء في جلسة علنية مناقشة مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، تمهيداً للاقتراع عليه في الثالث عشر من الشهر الحالي، وذلك بعد سنة من الجدل ورغم تحفظ القانونيين واستياء المسلمين من هذا القانون. وسيقدم مشروع القانون في سبتمبر القادم للمناقشة في مجلس الشيوخ قبل اعتماده بصورة نهائية. ويمنع القانون الجديد عندما يتم اعتماده ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة دون استثناء، وتعاقب مرتديته بغرامة قدرها 150 يورو، أو دورة تدريبية على المواطنة أو هما معًا. أما الزوج أو الرفيق الذي يلزم شريكته بارتداء النقاب فعقوبته تصل إلى السجن سنة مع غرامة قدرها 15 ألف يورو. ومن المتوقع أن يصوت البرلمان لمشروع القانون بسهولة، لأن رئيس الحزب الاشتراكي المعارض قال إن حزبه لن "يشكل عقبة" في وجه القانون الجديد. وأضاف "أعتقد أنه بالنسبة لأغلب الفرنسيين سواء كانوا مسيحيين أو يهودا أو مسلمين أو بلا دين، فإن ارتداء النقاب يعد تراجعا عن قيمنا فيما يتعلق بكرامة المرأة". وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الناخبين في فرنسا يؤيدون حظر النقاب، لكن خبراء في القانون يحذرون من أنه يشكل انتهاكا للدستور. وباعتماد هذا القانون تكون فرنسا ثاني بلد أوروبي يحظر ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة بعد بلجيكا. وفي مارس قال مجلس الدولة وهو أعلى محكمة إدارية تقدم المشورة للحكومة بشأن إعداد القوانين الجديدة إن فرض حظر على النقاب قد يكون غير قانوني. وطالبت المحكمة الحكومة بأن تجعل الحظر محدودا في أماكن بعينها (كالمباني الإدارية والنقل العمومي)، موضحة أن حظره في الشارع "ليس له أساس قانوني". وقال خبراء قانونيون إن ذلك يمكن أن يعرض قانون حظر النقاب للإلغاء من قبل المحكمة الدستورية والإدانة من قبل المحكمة الأوروبية. وناشدت منظمة العفو الدولية المشرعين الفرنسيين رفض الحظر. وقال جون دالهيوسن الخبير بالمنظمة في بيان أصدره إن "فرض حظر شامل على تغطية الوجه ينتهك حقوق حرية التعبير والحرية الدينية للنساء اللاتي يرتدين البرقع أو النقاب في الأماكن العامة تعبيرا عن هويتهن أو معتقداهن". كما عبر ممثلون للجالية المسلمة في فرنسا عن أسفهم لاعتماد قانون "يتعرض بسلبية" لما بين خمسة وستة ملايين من المسلمين الذين يعيشون في البلاد. ويعد هذا القانون حلقة جديدة في النقاش المستمر في فرنسا حول مكان الإسلام في المجتمع، ويأتي بعد فشل الحوار الذي ترعاه الحكومة حول مفهوم "الهوية الوطنية". سوء استخدام: وكان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون قد أشاد بالإسلام يوم 28 يونيو وقال إنه دين "سلام وحوار"، واصفا ارتداء البرقع في نفس الوقت بأنه "سوء استخدام للرسالة الدينية". وفي خضم الجدل حول النقاب يرى مؤيدو حظره في فرنسا -التي تعيش فيها أكبر أقلية مسلمة في الاتحاد الأوروبي- أن ارتداء النساء لغطاء الوجه ينتهك العلمانية والمساواة بين الجنسين وهما من الأفكار التي قامت عليها الجمهورية. ويقول معارضوه إن أقلية صغيرة جدا فقط من النساء هن اللاتي يرتدين النقاب أو البرقع وإن مشروع القانون خطوة نحو فرض قيود أشد على الحرية الفردية. وتحظر فرنسا بالفعل الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية في المدارس.