الخرطوم(smc)الخليج الإماراتية يلجأ بعض الأشخاص الذين يواجهون بلوغ تواريخ ميلاد مزعجة إلى أن يرددوا في كثير من الأحيان عبارة من قبيل “سن الأربعين هي رقم لا غير". ويمكن قول ذلك على “سعر 100 دولار لبرميل النفط". ولكن مثل هذه المعايير تدفع العقول إلى التركيز. فبينما يهدد سعر النفط بتخطي حاجز المائة دولار سيفكر السياسيون في كل أنحاء العالم في العواقب الاستراتيجية. والأثر الوحيد الأكبر من الآثار الأخرى هو اثر واضح. فسيصبح منتجو النفط أكثر غنى وأقوى نفوذاً وسيزداد قلق أكبر مستهلكي النفط أي الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين والاتحاد الأوروبي. وتحت هذا السيناريو الضخم، هناك آثار أقل تأثيراً يمكن أن تغير مسار غالبية القضايا الدولية الحساسة والخطيرة، كأزمة العراق أو إيران أو سياسة الصين الخارجية وصعود نجم روسيا. وأما آثار ارتفاع سعر النفط على اقتصادات الدول المنتجة فهي مثيرة. وحققت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) 650 مليار دولار من مبيعات النفط في عام 2006 مقارنة ب 110 مليارات في عام 1998. وتضاعفت عائدات النفط والغاز الروسية أربع مرات خلال تلك الفترة. وعندما تحقق حكومات مارقة أموالاً طائلة تصبح أكثر استرخاء في الداخل وأكثر حزماً في الخارج. وسيحقق اثنان من رؤساء الدول الذين تبغضهم ادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، وهما هوجو تشافيز رئيس فنزويلا ومحمود أحمدي نجاد رئيس ايران، دخلاً أكبر. وتدعم الأموال الفنزويلية الآن بالفعل كل شيء ابتداء من مشاريع الاسكان في نيكاراجوا إلى رسوم الانتقال الزهيدة بالحافلات للفقراء في لندن. وستمتلك إيران من الأموال لتمويل برنامجها النووي ولتدعم بعض الجماعات المتطرفة. وستجد الحكومة الروسية سهولة في تلبية حاجات أصحاب المعاشات وفي اتخاء مواقف صلبة في عدد من القضايا الدولية ابتداء من مستقبل كوسوفو وانتهاء بخطط أمريكا الخاصة بالدفاع الصاروخي في أوروبا. ولارتفاع سعر النفط أيضاً تأثير مباشر على قضيتين معقدتين من قضايا السياسة الخارجية تواجهان الولاياتالمتحدة وهما قضيتا العراق وايران. وفي الحالتين تعتبر الآثار غامضة فإذا أدى ارتفاع سعر الطاقة إلى تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي، سيصبح انفاق مليارات الدولارات في العراق شهرياً أمراً أكثر صعوبة. ولكن الانسحاب من بلد يملك احتياطيات نفط هائلة لن يكون احتمالاً مغرياً. وعندما دعي أبرز ثلاثة مرشحين سيخوضون السباق للرئاسة الأمريكية أخيراً، إلى التعهد بإعادة جميع الجنود الأمريكيين من العراق بحلول عام 2013 رفضوا جميعاً تقديم مثل ذلك الوعد. ويمكن أن يؤدي ارتفاع سعر النفط أيضاً إلى اضعاف احتمال قصف الولاياتالمتحدة للمنشآت النووية الإيرانية. وإذا كانت الولاياتالمتحدة تواجه متاعب حالياً في ما يتعلق بالعواقب الاقتصادية بسعر 100 دولار للبرميل فربما تعزف ادارة بوش عن المخاطرة بشن هجوم عسكري يمكن أن يدفع بأسعار النفط إلى حاجز 150 دولاراً للبرميل. ولسعر النفط المرتفع ردود أفعال دراماتيكية أيضاً بالنسبة للصين التي ستصبح أكبر مستهلك للطاقة في العالم خلاث ثلاث سنوات. ودفع البحث عن النفط بالصينيين إلى إبرام سلسلة صفقات مع حكومات افريقية بينها حكومات السودان وتشاد وزيمبابوي، وستؤدي اكتشافات النفط الجديدة بين أوغندا وجمهورية الكنجو الديمقراطية إلى زيادة اهتمام بكين بالقارة السمراء. وستؤدي أسعار النفط المرتفعة فقط إلى زيادة قلق الاتحاد الأوروبي لوضع سياسة موحدة تجاه روسيا. ويبدو بعض الدول، كألمانيا وهولندا، مصممة على بناء علاقات طاقة وثيقة قدر الإمكان مع الروس، وستستمر دول أخرى، ولا سيما بولندا ودول البلطيق، في الجدل بشأن استثمارات الاتحاد الأوروبي في مسارات خط أنابيب جديد للغاز يلتف على روسيا وبشأن قيود أكثر تشدداً على استثمارات الطاقة الروسية في أوروبا. وسيضاعف مستوردو النفط في كل مكان من اهتمامهم بالطاقة “البديلة" ومن المرجح ان يتعزز اهتمام الولاياتالمتحدة الجديد بالوقود الحيوي. وكان الرئيس جورج دبليو بوش قد تعهد قبل عامين بأن يوقف “ادمان" بلاده على النفط ولكن كلماته تلك لم تعقبها أي اجراءات عملية. وأن كل شيء الآن بدءاً من التغير المناخي وانتهاء بسياسات الشرق الأوسط تشير إلى الحاجة للاستثمار بقوة في مصادر جديدة للطاقة. وإذا دفع سعر 100 دولار للبرميل الحكومات الغربية للتصرف بتصميم حقيقي فربما تحقق بعض الخير من هذا السعر المرتفع في خاتمة المطاف. المقال نشرته “فايننشيال تايمز"