حققت السلطة الرابعة مكاسب مقدرة خلال الآونة الأخيرة أتاحت لها مساحة واسعة من الحريات التي تمكنها من توصيل رسالتها للجمهور، وفي ظل التطور النوعي والقفزة التي حققتها الصحافة يبقى دور مجلس الصحافة كبيراً في الحفاظ على المناخ الذي يتيح وجود صحافة حرة ومسؤولة في نفس الوقت وإن كان هناك اختلاف في المفاهيم والمعايير حول ذلك. المركز السوداني للخدمات الصحفية جلس إلى الأستاذ العبيد مروح الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعاتالأمين العام لمجلس الصحافة للوقوف على عمل المجلس ودوره تجاه قضايا الوسط الصحفي، فكانت هذه الحصيلة.. ما هي حدود المسؤولية الصحفية؟ الحدود شأن مهني وأخلاقي بالدرجة الأولى، وهي تختلف من مجتمع لآخر حسب طبيعته وحسب رسوخ القيم الديمقراطية فيه وحسب المشاكل التي يمر بها، لذلك فإن المسؤولية الصحفية قد لا تكون لها حدود في المجتمعات الديمقراطية، وقد تكون لها حدود في مجتمعات تعيش حروباً ونزاعات. فالحالة تختلف في أمريكا عنها في سويسرا عنها في السودان، فمثلاً في أمريكا هناك مجالات معينة لا يمكن الحديث عنها، وفي السودان هنالك محددات كثيرة. أما سويسرا فهي تختلف تماماً. المسؤولية هل تعني الرقابة الذاتية على كل ما يكتب الصحافي؟ نعم إلى حد كبير.. وهي إحساس الصحافي بمسؤوليته تجاه مجتمعه، وتجاه الإسهام في استقرار وتنمية ورفاه المجتمع، وهو الذي يشكل حدود النشر أو التناول الصحفي. ما هو دور مجلس الصحافة في الارتقاء بالخطاب الإعلامي وفقاً لمتطلبات المرحلة؟ المجلس له جملة إجراءات متعلقة بالأداء المهني، هناك جانب إداري متعلق بوضع الشروط اللازمة لممارسة العمل الصحفي (لجنة الصحافة)، ومنها جانب تأهيلي مهني وتأهيلي أخلاقي (أخلاق مهنة)، وهو الدور الذي تقوم لجنتي بناء القدرات الصحفية ولجنة ترقية أخلاقيات المهنة، وجانب آخر قانوني وهو إيقاع الجزاءات المستحقة على من يخالف القانون وهو تقوم به لجنة الشكاوي وتسوية النزاع.. ونحن في المجلس لدينا أربع لجان من مجمل لجان المجلس الخمس تختص أساساً بترقية الأداء المهني. بعد أن تم إيقاف صحيفة الانتباهة دار حديث عن أن هذا الايقاف سياسي ما هو موقفكم ؟ هو عمل لا يخلو من سياسة، لأنه في الأساس شأنه يمس الأمن القومي، والسلطات المعنية في الدولة هي التي تقدر ذلك وفقاً للقوانين السارية والتي تحكم أعمالها ما إذا كان هذا الشأن أو ذاك يمس الأمن القومي أم لا، وبالتالي هي التي قررت أن ما ينشر في الصحيفة المعنية شأن يعرض الأمن القومي للخطر. والإجراء هذا إجمالاً تم بناءاً على تقدير ومسوغات قوانين غير قانون الصحافة، والمجلس معني بتطبيق قانونه هو بالدرجة الأساسية. ما هي الخطوات اللاحقة التي سوف يقوم بها المجلس لضمان عمل صحفي مستقر ومستقل يستطيع أن يوازن بين الحرية والمسؤولية الوطنية؟ نحن بدورنا شرعنا في اتصالات فورية مع السلطات والجهات المختصة مثل جهاز الأمن والمخابرات ووزارة الإعلام ورئاسة الجمهورية لمعرفة التفاصيل المتعلقة بالدوافع التي أملت صدور القرار، ولضمان أن يتسق الأداء الصحفي إجمالاً بالموجهات العامة في الدولة والمتعلقة بالتحول الديمقراطي وإتاحة حرية التعبير وضمان سلامة وأمن واستقرار المواطن وضمان الوفاء بالالتزامات الدستورية والقانونية الخاصة باتفاقية السلام الشامل. ونعتقد أننا حصلنا على تطمينات كافية بأن ما حدث لا يمس الوضع الصحفي في جملته، وإنما هو أمر متعلق بأشكال محددة من النشر الصحفي. البعض يتهم المجلس بأن مواقفه سلبية في قضايا الدفاع عن الصحف مثلاً (ألوان، رأي الشعب والانتباهة) ما رأيك؟ الصحف مضرب المثل هنا كلها صحف تعرضت لما تعرضت له وفقاً لمقتضيات قوانين أخرى سارية في البلاد، ولم يكن مجلس الصحافة طرفاً فيما حدث. ومع ذلك فقد كانت للمجلس مواقف متعددة، جزء منها متعلق بتنبيه الصحف بضرورة مراعاة حساسية الأوضاع التي تعيشها البلاد، وهي في مجملها أوضاع أمنية وسياسية يشوبها قدر من عدم الاستقرار خاصة في دارفور والجنوب. لكن وللأسف لم يُنتصح بنصائحنا، وعندما حدث ما حدث سعينا في اتصالات مع السلطات أن تعود هذه الصحف للصدور، وفي اتصالات مع ناشرين أن يكونوا أكثر حساسية في التعاطي مع القضايا ذات الطبيعة الخاصة المتعلقة بالأمن القومي، وقد أسهمت مساعينا بقدر ما في عودة ألوان ونأمل أن تسهم في حلحلة تعقيدات صحيفتي رأي الشعب والإنتباهة. ماذا عن رقابة المجلس على الصحف؟ المجلس أصلاً ليس لديه رقابة قبلية (قبل النشر) ورقابته بعدية (بعد النشر) وقد أعربنا مراراً وتكراراً عن قلقنا إزاء فرض رقابة قبلية على الصحف، وعبرنا عن عدم رضاءنا بذلك تقديراً منا أن الغالبية العظمى من الناشرين والكتاب يتمتعون بالحس والقدرات المهنية والوطنية التي تجعلهم يقدمون مصلحة الوطن على الإثارة الصحفية. وقد نجحت مساعينا عدة مرات في رفع الرقابة. نحن نقر بأن الإجراء الإداري أو القانوني وفقاً لمقتضى الرقابة البعدية (بعد النشر) يستغرق وقتاً قد يمتد في الحالات الطبيعية بين أسبوعين إلى شهر، ولذلك نفهم أن بعض القضايا ذات الطبيعة العاجلة أو الضرورة الملحة قد تقتضي تدخلاً وإجراءات من جهات أخرى وفقاً لقوانين أخرى غير قوانين المجلس. هنالك محاباة في منح ومنع الوظائف التحريرية في الصحف (الطيب فراج الطيب مثلاً)؟ هذا غير صحيح أولاً، لأنه نحن أصلاً لا نختار هذه الوظائف بل الناشرون هم الذين يفعلون ذلك. ونحن ننظر في ترشيحات الناشرين وما إذا كانت مستوفية للشروط التي يحددها القانون واللوائح، من يستوفي الشروط يمنح ومن لا يستوفي يمنع، والحالات التي تشيرون إليها هي حالات لأشخاص لم يستوفوا إما شرط الخبرة أو شرط المؤهل الجامعي اللذين يحددهما القانون، ولم تقدر لجان المجلس المختصة أن استخدام سلطة الاستثناء أمراً مناسباً في حالتها.