السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراعات القبلية فتيل أزمة دارفور

من المعلوم أن سكان دارفور يعيشون في مجتمع يقوم على مؤسسة العشيرة والقبيلة وتشكل محور مهم في حياتهم ونمط النشاط الاقتصادي والاجتماعي وسبل كسب العيش السائد في دارفور والذي يقوم أساساً على الرعي البدائي والزراعة المطرية التقليدية، وظلت العلاقات بين القبائل والمجموعات السكانية تزداد قوة ومتانة عبر الزمان وتطورت قواعد التعايش السلمي والتجانس الاجتماعي وفقاً لقواعد الحق والعدل وأعراف القبائل ولكن طبيعة الحياة لا تخلو من تضارب المصالح فكثيراً ما تحدث احتكاكات وصراعات وحروب بين القبائل والمجموعات السكانية إلا أنها حروب وصراعات محدودة الأثر والنتائج سرعان ما تعالج ويتم احتواء الصراع بين الأطراف بموجب الأعراف السائدة والعادات والتقاليد القائمة بين القبائل سيما لأهل دارفور إرث موروث في فض النزاعات وأنهم يحترمون الموروث والعادات أكثر من احترامهم للقوانين والنظم الحديثة.
تاريخ الصراعات القبلية
الصراعات القبلية ليست بالجديدة بدأت من الستينيات فقد نشأ صراع بين المعايا والرزيقات في قرية أبوكارنكا عام 1966م عقبه صراع بين الزغاوة، والماهرية عام 1968م، وآخر بين بني هلبة والماهرية عام 1976م والزغاوة والبرقو عام 1974م وآخر بين الفلاتة والقمر 1983م ومن ثم الرزيقات والزغاوة 1997م والهبانية وأب درق 1998م و الداجو والماهرية 1999م وفي شمال دارفور نجد كذلك صراع الزغاوة والعرب الرحل عام 1994م وصراع الميدوب والبرتي عام 1999م وصراعات جنوب دارفور والتي تمثلت في الفور وبعض القبائل العربية 1987م، القمر والزغاوة كلبس 1990م، المساليت بعض القبائل العربية 1996م، ومن ثم الزغاوة والقمر عام 2000م.
واستمر الحال في دارفور على ماهو عليه من صراعات تشتد حيناً وتهدأ أحياناً بعد إجراء المصالحات.
أسباب الصراعات القبلية
من أسباب الصراعات القبلية في المقام الأول التنافس على الموارد الطبيعية الشحيحة من مياه ومرعي حيث الزيادة في أعداد
الماشية مع التوسع في الزراعة بالمقابل ضمور في الموارد بجانب انعدام الثقة بين المواطنين والقبائل والمجموعات السكانية بفعل التمرد، بجانب قرار حل الإدارة الأهلية في العهد المايوي، والضعف الذي تمثل في الفاقد التربوي والجهل والأمية بجانب الأسباب الإقليمية والدولية التأثر بدول الجوار والإضرابات الأمنية وعدم الاستقرار فيها.
آثار الصراعات القبلية
كان لهذه الصراعات أثر بالغ حيث تأثرت القبائل كثيراً بآثار الجفاف والتصحر واشتداد آثار الصراع من دول الجوار (الحروب التشادية التشادية والحروب التشادية الليبية) وكذلك بدأت الهجرات والنزوح إلى دارفور باعتبارها البلد الآمن الذي تستوجب عادات أهله استضافة المستجير والذي بدوره يأتي بعادات دخيلة على المجتمع الدارفوري المسلم، وكذلك من ضمن آثار هذه الصراعات وفود مجموعات أثرت بدورها على السكان المحليين وبدأت ظاهرة النهب المسلح والمتفلتين وأخذ سوق السلاح في الرواج وبدأت تظهر مسميات المليشيات القبلية وبدأ الواقع الاجتماعي يتغير حتى أنفلت زمام الأمور بعد أن ظهرت الحركات المسلحة فأزكت نار الفتنة وألهبت الصراع بين القبائل وانتقل الصراع القبلي نقلة نوعية وأصبحت الصراعات القبلية إحدى المهددات الأمنية.
تدخل مجس الأمن
أدت هذه الصراعات إلى تحويل دارفور إلى منطقة للصراع العالمي حيث توجه العالم بأسره وبدعم من الإعلام الخارجي إلى تحويل هذه الصراعات إلى مفهوم للإبادة الجماعية وأٌتهمت الحكومة السودانية بذلك وقد شكل مجلس الأمن في العام شهر أكتوبر 2004م لجنة من خمسة أعضاء لإجراء تحقيق حول دارفور على خلفية تقديم تقرير تفصيلي في غضون ثلاثة أشهر عن الانتهاكات الجارية من قبل مختلف أطراف النزاع للقانون والقانون الدولي وحقوق الإنسان إلى جانب تشخيص الأمور بدقة على الأرض وما إذا كانت هنالك أعمال إبادة جماعية فعلاً، وبالفعل خلصت هذه اللجنة من تقريرها الذي قدمته في الخامس والعشرون من يناير 2005م إلى القول بأن الحكومة السودانية لم تتبع سياسة الإبادة الجماعية، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو عن طريق المليشيات التابعة لها.
قضية عادية
وفي هذا الاتجاه تحدث عبد الله مسار والذي ينحدر من دارفور أن قضية دارفور تعد قضية قبلية عادية تحولت إلى سياسية والصراع الحالي يعود إلى 2003م حيث وقع نزاع قبلي حول المراعي وموارد المياه وتطور بعد ذلك إلى أحداث قبلية، ثم حدث صلح بين الفور والقبائل العربية في يوليو لكن رواسب بقيت في النفوس، ويرى مسار أن الصراع الداخلي في دارفور شتت النسيج الاجتماعي فقد أنقسم الأهالي إلى مجموعات متقاتلة وتحولت القضايا العادلة التي طرحت إلى قضايا قبيلة، والأجندات المحلية والإقليمية والدولية التي طرحت جعلت القضايا تتحول إلى موضوعات صراع سياسي مدعوم ضد الحكومة، وساهم ذلك في تشكل حركات التمرد ومن ذلك الانقسام من حركة عبد الواحد نور وكذلك في جناح مني أركو مناوى الذي قام بالتوقيع على اتفاقية السلام في أبوجا وأصبح رئيس السلطة الانتقالية في دارفور.

وبالرغم من تداعيات الأزمة واشتداد الصراع القبلي، واتساع دائرته خاصة في ولاية جنوب دارفور إلا أن بعض وميض الأمل مازال مستمر وأن صوت السلام لازال عالياً فكان سعي الجماعات لإعادة الأمر إلى نهاية وتحقيق قدر من السلام الاجتماعي والتعايش والرضا والقبول بالبعض وهذا ساعد بعدم تحول هذه الصراعات إلى صراعات أثنية ولا عرقية.
دور الحكومة
بدأت الدولة جادة لتحقيق السلام الشامل وتم تكوين لجنة لدور الإدارة الأهلية بموجب قرار جمهوري رقم (22) للعام 2009م وقد أوضح الأستاذ محمد عثمان رئيس لجنة دور الإدارة الأهلية إن قانون الإدارة الأهلية وتم وضعه بصورة علمية ومنهجية مدروسة ليستوعب كافة المستجدات التي تطرأ على الإقليم واعتبر أن القانون يعد إضافة حقيقة لتفعيل الإدارة الأهلية لتعود لسابق عهدها في النفوذ وفض النزاعات وأشار إلى أن القانون جاء بعد مشاورات وزيارات ميدانية لمعسكرات النازحين وعقد جلسات استماع مع رجالات الإدارة الأهلية ونخبة من المفكرين والسياسيين والإداريين من أجل دارفور.
وفي ذات الاتجاه تحدث الشرتاي إبراهيم عبد الله مستشار حكومة جنوب دارفور لشؤون المصالحات عن مؤتمر للصلح بين الصعدة والرزيقات وذلك بعد توقيعهم على وثيقة وقف عدائيات إضافة إلى عقد مؤتمر آخر للتعايش السلمي لمحليات شمال نيالا التي تشمل مناطق نتيفه والوحدة وشرق جبل مرة وشطاية والسلام مؤكداً انحسار الصراعات القبلية بالولاية بشكل ملحوظ.
من واقع استفسار جميع أهل دارفور بأهمية السلام والاستقرار والترابط الاجتماعي، أشار إلى أن هذه المصالحات القبلية التي نفذتها الحكومة خلال هذه الفترة لها أثار إيجابية ومباشرة على وقع مسيرة السلام بدارفور باعتبارها خطاً داعماً إلى مفاوضات الدوحة الحالية على صعيد الجهود الأهلية.
كما تحدث رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الصلح بين الرزيقات والمسيرية إلى أن عودة النازحين من جراء الصراع إلى مناطقهم وقراهم مرتفعة بوتيرة عالية وأضاف أن اتفاق الصلح الذي يتم توقيعه بين القبيلتين اسهم بشكل مباشر في هدوء واستقرار الأوضاع الأمنية بالولاية بشكل عام وازدياد الحركة التجارية بين المدن.
كما شرعت حكومات الولايات بدارفور في إقامة خطوات تهدف إلى احتواء هذه الصراعات وإقامة المصالحات بين القبائل للقضاء على هذه الصراعات نهائياً وأن هنالك ترتيبات لعقد مؤتمر صلح شامل بين القبائل الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية للولاية في إطار بناء دعائم سلام دارفور وتعزيز قواعد التعايش السلمي بين القبائل وقد سخرت حكومات الولاية الجهود لصيانة الآبار والمدارس لتهيئة قرى العودة لهذه القبائل بعد إتمام الصلح بينهما.
نتائج المصالحات القبلية
نتج عن المصالحات القبلية تحقيق السلام الاجتماعي الذي مهد لإنفاذ اتفاق أبوجا على الأرض كما أن هذه المصالحات عالجت ما سكتت عنه اتفاقية أبوجا فيما يتعلق بديات القتلى و قد هيأت المصالحات للعودة الطوعية التلقائية وخاصة المناطق والقرى التي بها أكثر من قبيلة بعد تحقيق العفو، وأوقفت هذه المصالحات الشكل الفوضوي للصراعات القبيلة كما أن جسور الثقة والنسيج الاجتماعي بين المجموعات السكنية والقبائل بدأ في العودة وقد ساعدت المصالحات في علاج قضايا أخذت أبعاد دولية، كذلك فإن من نتاج هذه المصالحات حصر القتل المجهول الذي برز كواحدة من الظواهر التي قام بها المتفلتون.
مفوضية السلم والمصالحة على الخط
وأوضح العمدة تاج الدين إبراهيم خميس رئيس مفوضية السلم والمصالحة بالسلطة الانتقالية قائلاً: إن الصراعات القبلية ليست بالجديدة بل لها جذور عميقة ولكن يرجع سببها الآن إلى تبعات الحركات المسلحة وقد انضمت كثير من القبائل إلى الحكومة
وقامت بدورها بتجنيدهم وفي غضون ذلك حدث حرق ونهب من بعض القبائل لبعضها وكان نتاج هذه الخروقات تولد اختناقات ومرارات في صدر أبناء القبائل وحاولوا أن يأخذوا بثأرهم لكن نجمت من هذه الاحتقانات افرازات الصراعات القبلية، وأضاف أن المشكلة الأساسية في استمرار هذه الصراعات أن السبب البسيط الذي لا يحدث مشكل يمكن أن تنتشر بين القبائل ويصبح صراع وقتل نسبة للتداخل القبلي الموجود بطبيعة المنطقة وقد أفرزت هذه الصراعات انكماش بين أبناء القبائل وأثر ذلك سلباً على حظر السفريات والذي أثر بدوره على الاقتصاد ككل في المنطقة وأيضاً استمرار هذه الصراعات أدى إلى أن يتربي أبناء القبائل على الحقد والكيد لبعضهم بعضا، وفي تقديري أن المعالجة لهذه القضية تحتاج إلى مجهودات كبيرة لأن المجهودات التي تبنى على الطرق التقليدية القديمة يمكن أن تؤدي إلى أنصاف الحلول (سلام داخلي) لذلك ما لم تحل المشكلة من جذورها فإن هذه الصراعات لم تتوقف حتى إذا وقفت هذه الصراعات لفترة فإنها يوماً سوف تعود فيبقى على الحكومة أن توفر التنمية والعدالة لهؤلاء وتعمل على جمع السلاح من المواطنين واختتم حديثه أن في الوقت الحالي لا توجد صراعات قبيلة ومتدرجة حالياً إلى الانخفاض والانحسار لكني لا أضمن استمرار هذا الانحسار لأن هذه الصراعات تنشب من أبسط الأسباب وتنتشر في أسرع الأوقات وأضاف أن نسبة الصراعات القبلية في دارفور انحسرت بنسبة فاقت ال(90%) خاصة في ولايتي شمال وجنوب دارفور، مشيراً إلى نجاح مجهودات لجنة المصالحات القبلية وأنها تمكنت من احتواء المشاكل بين قبائل التنجر والزغاوة والرزيقات بمنطقتي تيقا وبركة بولاية جنوب دارفور مشيراً إلى أن هذه المناطق كانت تعد من أكبر بؤر الصراعات في الولاية وأضاف أن الإجراءات لازالت مستمرة وأن اللجنة العليا للمصالحات القبلية تم تقسيمها إلى عدة لجان مصغرة لمراقبة ومتابعة المصالحات التي تمت مؤكداً أن اللجنة تواصل عملها الميداني بالولايات الثلاث إلى حين إنهاء كافة الصراعات القبلية ثم بعد ذلك تعزيزها وتثبيتها بمشروعات تنموية وبرامج اجتماعية تتناول عدة قضايا في مصلحة المواطن الدارفوري.
أما ناظر الفلاتة أحمد السماني فقد أوضح أنه في إطار المجهودات الساعية لاحتواء هذه الصراعات سيما بين الفلاتة والهبانية وأضاف أن قبلية الفلاتة جاهزة للجلوس مع قبيلة الهبانية في المكان والزمان الذي يحدده الهبانية لتجاوز كافة المشاكل العالقة بين القبيلتين وعبّر عن ثقته في قيادة الهبانية وأشار إلى علاقة التواصل وصلة الرحم التي تبرط بينهما، وأضاف أن المؤتمر الذي عقد بين القبيلتين لا يوجد فيه مجال للوساطة الخارجية (خارجة عن القبيلتين) وأكد حرص قبيلته على تحقيق المصالحات القبلية ورتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين القبائل لتفويت الفرصة على أعداء الوطن مشدداً على أهمية حسم قطاع الطرق والمتفلتين أمنياً الذين اعتبرهم السبب الأساسي في تفاقم الخلاف بين القبائل عامة والفلاتة والهبانية خاصة.
مناطق التماس
أما القيادي بحركة تحرير السودان جناح أركو مناوى الطيب خميس فقد تحدث قائلاً إن الصراعات القبلية موجودة في كل
منطقة من مناطق السودان وأن النظام الإداري الذي يوجد هو الذي يحل المشكلة لأن له سيطرة على القبائل أكثر من الحكومات، لكن دخول السياسة في فترة السبعينات ساعدت على انتشار الصراعات والمشاكل بين القبائل رغم كثرة التصالحات ونحن في اتفاقية أبوجا كنا على عزم بأن نحل هذه المشاكل بالجهد المشترك مع حكومة المركز خاصة أن هذه الصراعات تؤثر سلباً على التعايش السلبي بين القبائل ومناطق التماس وأن هذه المشاكل جاءت بالمحكمة الجنائية لذلك لابد من ضرورة المعالجة والتي تتمثل في نزع السلاح من القبائل وإقامة مؤتمر دارفوري دارفوري وإرجاع الموارد والتنمية إلى سكان الإقليم.
معالجة قانونية
ولكن نقف على كيفية المعالجة القانونية التي تنهي مشكلة هذه الصراعات جلسنا إلى القانوني سعد الدين حمدان من خلال
رؤية قانونية فتحدث إلينا قائلاً: هذه الصراعات في اعتقادي ليست موجودة في دارفور فقط بل أنها موجودة في مناطق كثيرة من العالم وقد عالجت كثير من الدول هذه المعضلة بمفهوم قانوني عن طريق مبدأ يُسمى مبدأ العدالة الانتقالية وقد كانت افرازاتها جميعاً تصب في مصلحة الإنسانية وأيضاً فإن هذا المبدأ يساهم مساهمة مباشرة في المناطق التي تعاني من خطر التفكيك والتشرذم وفي نفس الوقت فإن هذا المبدأ يتجاوز مرارات الماضي وتصفية الحسابات والانتقام من الخصوم ويقوم على فكرة الاعتراف التفضيلي بالجرم مع طلب الغفران والصفح مع التزام المجني عليهم بالعفو وهذا مبدأ قديم ونجح تطبيقه في إفريقيا الوسطى، فالمشكلة الصراعات القبلية في السودان (دارفور) توارثتها الحكومة وقد كانت موجودة في الماضي والسبب فيها كان تقوية قبائل على أخرى وكذلك الحل كان جزءاً من سبب الصراعات حتى تم تفضيل قبيلة على أخرى، وفي تقديري أن الصراعات القبلية في دارفور فتحت الباب لدخول الصراع العالمي حيث أن دارفور منطقة غنية بالتنمية والموارد وفي اعتقادي أن المنظمات الدولية الموجودة في دارفور هي التي تؤجج هذه الصراعات لتصبح دارفور منطقة صراع دولي ولذلك فإن الحل يمكن في تطبيق مبدأ العدالة الانتقالي لتجنب الوطن شر التفكك والانقسام، والناظر إلى اتفاقية أبوجا يجدها تطبق هذا المبدأ ومواصلة تنفيذ هذا الاتفاق فاتجاه الحكومة بوجود أخطاء والشروع في معالجتها سوف يمنع انتشار هذه الصراعات سيما أن المادة (21) في الدستور الانتقالي تنص على أن تبدأ الدولة عملية شاملة للمصالحة الوطنية وتضميد الجراح من أجل تحقيق التوافق الوطني والتعايش السلمي بين السودانيين وفي تقديري لابد من تكوين لجنة تتسلم الشكاوى من المواطنين وتكون مسئولة عن هذا الاتجاه.
من المحرر
أصبحت الصراعات القبلية هي فتيل أزمة دارفور والذي أدى بدوره إلى تنافس الغرب على موارده وخيراته واستهدافه عن طريق الجنائية بهدف الوصول إليه عبر المنظمات الاغاثية التي تأجج من نيران الفتنة بين القبائل التي اعتادت على الصراعات منذ عهد الستينيات لكن السودان ليس وحده الذي توجد به هذه الصراعات لكنه وحده الذي يقف الأعداء على حجم الصراعات القبلية به ولكي نقوم بتفويت الفرصة على أعدائه لابد من التوعية العلمية ومحاربة الجهل والفقر في إقليم دارفور بجانب تعزيز فرصة التعايش السلمي بين القبائل للمحافظة على موارده وصيانة المدارس والمرافق الحيوية وتنفيذ برامج العودة الطوعية، ووقف العدائيات من كل الأطراف فوراً.. ازدياد الوعي الفكري بجانب بسط هيبة الدولة ورعاية المصالحات وتطبيقها بقوة وذلك لضمان استمرارها خاصة وأن مشكلة الصراعات القبلية مشكلة قديمة متجددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.