إسلام أون لاين عبد القادر عثمان متمردو إقليم دارفور السوداني سيكونون أكبر خاسر في الصراع الدائر بين المتمردين الذين يسعون للإطاحة بالرئيس إدريس ديبي والقوات الحكومية للسيطرة على العاصمة أنجمينا، حيث سيفقدهم الدعم التشادي الرسمي بحسب خبراء في الشأن الإفريقي. ولفت الخبراء الذين استطلعت "إسلام أون لاين.نت" رؤيتهم للوضع في تشاد إلى أن الصراع ليس على السلطة بأنجمينا فقط، ولكنه على الهوية والثقافة بين الأقلية الحاكمة التي لغتها وثقافتها الفرنسية، والأغلبية التي تناصر الهوية العربية والإسلامية. وبينما استمرت الاشتباكات صباح اليوم الأحد بين المتمردين والقوات الحكومية حول القصر الرئاسي في نجامينا، أعلن الجيش التشادي أنه صد هجوما شنته قوة مختلطة من قوات الجيش السوداني والمتمردين المتحالفين معها وميليشيا على بلدة رئيسية قرب الحدود مع إقليم دارفور غرب السودان، فيما تنفي الخرطوم أي علاقة لها بالوضع داخل تشاد أو بدعم متمرديها. وقال حسن مكي الخبير في الشؤون الأفريقية وعميد مركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة إفريقيا العالمية ل (إسلام أون لاين.نت) "التأثير متبادل بين الوضع في أنجمينا ودارفور حيث تتأثر تشاد بما يحدث في دارفور والعكس صحيح، ويمكن القول إن تشاد ودارفور شيء واحد، وهناك 26 قبيلة مشتركة بين دارفور وتشاد". وأضاف: "ليس خفي أن الصراع في تشاد يشترك فيه متمردو دارفور لدعم الرئيس إدريس دبيي والعكس يحدث في الصراع في دارفور، حيث يشارك فيها متمردون تشاديون بسبب التمازج القبلي بين المنطقتين". وفي حال تمكن المعارضة التشادية من إسقاط نظام إدريس ديبي، يرى مكي أنه سيكون لصالح دارفور وسلامها واستقرارها وأيضا لاستقرار تشاد، قائلا: "ستكون العلاقة بين السودان وتشاد علاقة تعاون وتكامل وسيكون عامل استقرار للمنطقة". مصير دارفور ومتفقا معه اعتبر إبراهيم أحمد الخبير في الشؤون الإفريقية والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن الإطاحة بالرئيس التشادي ستحرم المتمردين في دارفور من مصدر أساسي للدعم ونقطة للانطلاق في غاية الأهمية مما يعني إضعافها. غير أنه استدرك مضيفا: "لكن التمرد في دارفور سيستمر بسبب الوضع الداخلي في الإقليم". وأوضح قائلا: "فهذا الضعف والصعوبات التي ستواجه متمردو دارفور لا يعني أنهم سيوقفون تمردهم، فهم سيواصلون لأسباب داخلية"، وذلك في إشارة لمطالب متمردي دارفور باقتسام السلطة والثروة مع الخرطوم. وربط الخبير بين الاستقرار في دارفور والسعي لإيجاد تسوية سياسية شاملة للوضع في الإقليم. وعلى الحدود مع دارفور قال الكولونيل التشادي عثمان عمر لرويترز بالهاتف إن بلدة "أدري" التى تقع على حدود تشاد الشرقية مع الإقليم السوداني تعرضت للهجوم عبر الحدود من جانب قوة مكونة من 40 عربة تساندها طائرات هليكوبتر وميليشيا على ظهر الخيول. وتقع أدري في شرق تشاد المضطرب، حيث من المقرر نشر قوة لحفظ السلام تابعة للاتحاد الأوروبي في الأسابيع القادمة بتفويض من الأممالمتحدة لحماية آلاف اللاجئين السودانيين والنازحين التشاديين إلى جانب موظفي الإغاثة. وقال قائد شرطة أدري: "السودانيون يريدون تعطيل وصول هذه القوات التابعة للأمم المتحدة في تشاد، هذا هو هدفهم". ومن جانبه جدد السودان نفيه اتهامات تشاد بدعم المتمردين، ودعا كافة الأطراف المتناحرة في تشاد المجاورة إلى ضبط النفس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق: "إن السودان لا يدعم المتمردين وليس له صلة بهم". وقال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي: إن القتال في أنجمينا أجّل نشر قوة السلام الأوروبية. صراع على الهوية وعن التطورات في تشاد اعتبر حسن مكي أن الصراع في أنجمينا ليس صراعا على السلطة برغم أن 3 فصائل للمتمردين أعلنت اندماجها العام الماضي تحت هدف الإطاحة بالرئيس التشادي. ولكنه اعتبر أن هناك صراعا آخر على الهوية والثقافة بين الأقلية التي لغتها وثقافتها فرنسية، والأغلبية التي تناصر الهوية العربية والإسلامية. فالصراع التشادي –بحسب رؤية مكي- له أبعاد أخرى وهي الصراع بين النخبة التي تتحدث الفرنسية وهي أقلية، وبين الأغلبية ذات الانتماء العربي، وهي مجموعة من القبائل العربية والتي تؤمن بأنها لا تقل عراقة وعروبة من مصر والسودان والجزائر. وأضاف قائلا: "فرنسا وأمريكا غير مرتاحة مما يجري في تشاد بشكل عام وللحراك السياسي التي تخوضه الأغلبية في تشاد التي تحن إلى أصولها اللغوية وانتمائها الثقافي والديني". واستبعد مكي وصف المعارضة الحالية بأنها إسلامية وقال: "المعارضة الحالية عبارة عن أحزاب معارضة تستند إلى خلفية قبلية، ولكن القبائل المحورية في هذا الصراع من أهمها قبيلة القرعان وقبيلة التامة وهي قبائل عربية ذات شكيمة، وإذا استطاعت المعارضة استلام مقاليد الحكم فذلك سيكون لصالح ترسيخ الثقافة العربية والإسلامية في تشاد". وينتمي الرئيس الحالي إدريس ديبي إلى قبيلة الزغاوة –قبيلة مسلمة- وهي أقلية حيث تمثل حوالي 7% من مجموع السكان لكنها ذات نفوذ مالي ويلعب بعض قياداتها دورا مهما أيضا في المعارضة بحسب مكي. وأرجع الخبير في الشؤون الأفريقية أسباب عدم مهاجمة المتمردين للقصر الرئاسي بقوله: "الهدوء الذي تشهده أنجمينا اليوم يعود إلى أمرين؛ الأول هو إعطاء فرصة للقوات الفرنسية لإجلاء رعاياها ولأجانب الآخرين". وعن السبب الآخر قال: "إنه يهدف لإعطاء طمأنة للرئيس معمر القدافي لأن ليبيا متخوفة من أن ترجع الهيمنة للقبائل التي كان ينتمي إليها الرئيس السابق حسين حبري والتي كانت تتنازع مع ليبيا في السابق". ووصل إدريس ديبي إلى السلطة في انقلاب مسلح في 1990 بعد أن انطلق هو أيضا من السودان. ونجح خلال السنوات الأخيرة مرات عدة في مواجهة حركات تمرد وإعادة ميزان القوى لصالحه.