إستند خبراء في الشأن السياسي والعسكري على الإرتباط الوثيق بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركات دارفور المسلحة، من حيث فكرة التأسيس، ووفقاً للمعطيات وتجليات أزمة دارفور للوصول إلى حقيقة موداها أن دولة الجنوب بعد الإنفصال تتجه نحو دعم حركات دارفور بكل ما تملك، وجعل أراضيها معبراً لدعمها من الخارج. وحذر المتحدثون في الندوة التي نظمها المركز العالمي للدراسات الإفريقية بعنوان أثر إنفصال الجنوب على حركات دارفور المتمردة من أن هذا الدعم سيعزز خيار الحرب بدارفور في خطوة تأتي على عكس ما يتطلع إليه أهل دارفور من دعم خيار السلام. وطالب الدكتور فاروق أحمد آدم على خلفية التناقض الجذري بين الخيارين بضرورة إعمال النظر وتقييم الموقف وصولاً لقناعات مشتركة بين مجتمع دارفور والحكومة والحركات المسلحة لتأسيس حوار جاد لتوحيدها "الحركات" أولا، وتوحيد رؤية أهل دارفور لتسريع السلام من جانب.. وإعادة النظر على المستوى الرسمي في الرؤى والإستراتجيات والآليات حيال قضية دارفور خلال السنوات الثمانية الماضية من جانب آخر. القارئ لواقع قضية دارفور يجد أنها أصبحت تشكل عبئاً على الموقف الوطني، لاسيما في ظل الظروف المعقدة المتوترة في المنطقة، ووفق البعض من ذوي الرؤية الضيقة أن ما يجري في ليبيا من شأنه المساعدة في حل قضية درافور، إلا أن رؤية الأحداث في ليبيا وفي بُعدها الدولي يكشف أن الصراع ليس بين القذافي والقوى المجتمعية والإسلامية، بل هو صراع بين القوى الخارجية والقوى الوطنية والإسلامية، قد ينتهي بنوع من الإنتصار للمجتمع الليبي ولكن تحت سيطرة وهيمنة البُعد الخارجي. ويأتي وضع ليبيا تحت البند السابع في ظل النفود المتصاعد للقوى الغربية مكملاً للحزام الذي بدأ من جنوب السودان مروراً بدارفور وإنتهاءًا بليبيا..حزام للوجود الأجنبي المدعوم بالُبعد القضائي "المحكمة الجنائية"، السياسي، الدبلوماسي والعسكري مما سيكون له الأثر السالب في رسم خريطة الأوضاع في المنطقة، وإعادة صياغة الأوضاع في دارفور على النحو الذي سيعزز الُبعد الخارجي، ويُضعف البُعد الوطني والإرادة الوطنية. شهران ويتم الإعلان الرسمي لقيام دولة الجنوب والساحة السياسية في السودان تشهد تطورات متلاحقة قد تجعل من أزمة دارفور مدخلاً لإلتهام دارفور والإضرار بالسودان، وطالبت الندوة بجعل أزمة دارفور مدخلاً لإعادة صياغة الأوضاع على النحو الذي يعزز الإرادة الوطنية وتحقيق وحدة تقوم على تراضي وتوافق كل أبناء الوطن. الدكتور فاروق أحمد آدم ركز في حديثه على ضرورة إعادة النظر في المناهج والذهنيات والعقليات التي تصنع القرار في السودان، وقد شابها "على حد وصفه" نوع من العجز، وطالب رئيس الجمهورية المشير البشير وقد منحه الشعب السوداني التفويض الكامل بفتح آفاق جديدة للسودان الموحد المتطور والآمن. إنتقادات شديدة وجهها المتحدثون لإستراتيجية دارفور فيما يلي أولويات المحكمة، المفاوضات، الإستفتاء، مؤتمر أهل دارفور، السلام بمن حضر وغيرها مما يؤكد التخبط وعدم ترتيب الألوويات، ويستدعى وبصورة عاجلة إشراك جميع أهل دارفور بمن فيهم الحركات للتفاكر حول كيفية الوصول إلى رؤية يمكن عبرها أن يتحرك الجهد نحو تحقيق السلام، وإعادة الثقة في أهل دارفور وقدراتهم، دون التعويل على الخارج الذي يسعى بكل ما أوتى إلى تأجيل تحقيق السلام في دارفور حتى إشعار آخر، وجاء رد الندوة على من يتوجس من صناعة القرار من أهل دارفور بأنهم حريصون على دينهم، ووطينتهم ولهم مايقدمونه، إنطلاقاً من أن وحدة دارفور هي وحدة السودان.. وقوة دارفور من قوة السودان. الندوة التي شارك فيها الدكتور آدم محمد إبراهيم عميد كلية العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، والفريق أول فاروق علي محمد كمعقب رئيسى، وعدد من ممثلي الحركات، أكدوا أن قضية دارفور أكبر من أن يتسلم ملفها شخص واحد، وطالبوا بتشكيل مجلس من شخصيات مقتدرة كآلية لإحداث إختراق فى الأزمة.. خبراء يعبروا عن أنفسهم بصدق، ويتفاعلوا مع حقائق الواقع أياً كانت مرارتها.. يستصحبوا حقيقة أن حسم قضية دارفور يشكل المدخل لحسم كل قضايا السودان. تحذير شديد برز خلال الندوة من أن التباطؤ في تشكيل المجلس من شأنه أن يخدم الخطة الخارجية، عبر وضع أهل دارفور في دائرة إستقطاب وإستدراج لإضاعة الوقت، والرضوخ للحلول الجاهرة التي ستفرض على السودان.. وتكمن الخطورة في أن صوتاً قوياً من داخل دارفور سيبرز داعماً للحل الخارجي. الإرادة السياسية والقدرة على القراءة الصحيحة لمآلات الأوضاع، وإتخاذ القرار الشجاع أصبحت الحوجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، والمشهد أن تحالفاً مباشراً بين حكومة الجنوب والحركات المسلحة في الطريق وأن يأتى غير معلناً...تحالفاً يخدم خطط الحركة الشعبية في إطار الحرب بالوكالة.