خدمة: (smc) السلام .. وهو من المبادئ الأساسية التي حضت عليه الديانات السماوية، لما يبثه من الطمأنينه في النفس، مسئولية تحقيقه تقع علي عاتق كل أفراد المجتمع السوداني، بتقليل الفجوة التي حدثت أثناء فترة الصراع والنزاع، ومعالجة الآثار النفسية، الصحية، الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها تلك الفترة.البلاد وقد شهدت استقرارا بعد توقيع اتفاقيات نيفاشا، أبوجا وأسمرا، والتي تضمنت فيما تضمنت بنوداً عن الترتيبات الأمنية .. كان لابد من قيام عدد من المفوضيات لترجمة بنود هذه الاتفاقيات علي أرض الواقع، يأتي أبرزها وأهمها مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.ويتركز برنامج مفوضية ال DDR كجزء من نشاطات ما بعد الحرب في إعادة إدماج المحاربين من كل الأطراف بتدريبهم وتأهيلهم لحياة جديدة في المجتمع المدني .. بعبارة أخري تحويل المحاربين السابقين من الحياة العسكرية إلي الحياة المدنية في العمل والدخل عن طريق تدريبهم وتأهيلهم لحياة جديدة في أطار خط التنمية الكلية للبلاد، تراعي فيها رغبات المستهدفين وميولهم لتحقيق فوائد لهم ومن ثم للمجتمعات الجديدة التي يتخذونها مقراً لاستقرارهم. يرتبط برنامج إعادة الدمج بنجاح برامج السلام، التي تتطلب التماذج الاجتماعي بين جميع فئات المجتمع، بنبذ أسباب الفرقة والشتات، عبر لقاءات التحاور الدائمة، وبث البرامج الثقافية والفنية التي تحث علي نشر ثقافة السلام.. وهنا يتعاظم دور منظمات المجتمع المدني والتي تحملت مسئولياتها تجاه مجتمعاتها خلال فترات الكوارث الطبيعية، لتضع برنامج نشر ثقافة السلام كأولوية قصوى، والعمل جنباً إلي جنب مع القطاع الحكومي والخاص لصون السلام في البلاد وضمان إستمراريتة، باختراق العمل الميداني بين أفراد المجتمع، كل وفق رؤيته لتحقيق مصالح الأفراد في المجتمع السوداني بقيمه ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح بين مواطنيه في ظل التنوع الخلاق. الدور المنتظر من منظمات المجتمع المدني في نشر ثقافة السلام في هذه المرحلة الهامة من تاريخ السودان حظي خلال الفترة الماضية بنقاش مستفيض، عبر لقاءات تفاكرية، أكدت ضرورة تكامل جهودها مع الجهد الرسمي، والانطلاق للعمل برؤية كلية موحدة تدفع في اتجاه تحقيق الهدف وهون صون السلام واستدامته من الداخل. مفوضيتا شمال وجنوب السودان لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج تبنتا مشروعاً قومياً، ضمن خطة شاملة يقودها المجلس الوطني بمشاركة كافة قطاعات الشعب السوداني .. إدارة أهلية، جهاز تنفيذي، أحزاب سياسية، رجال الدين الإسلامي والمسيحي لنشر ثقافة السلام وبناء وتوظيف دعائمه بإعتباره التحدي الحقيقي الذي يواجه البلاد. مدير إدارة السلم والمصالحات ب ال DDRعبد الحفيظ محمد أحمد يقول إن برنامج المفوضية في السودان يعتبر الأكبر عالمياً، إذ يتضمن توفيق أوضاع 350 ألف مسرح من القوات المسلحة، الحركة الشعبية، الدفاع الشعبي والحركات المسلحة .. برنامج يأتي في أطار الوحدة الوطنية للبلاد، يشارك فيه كل شرائح الشعب السوداني، وناشد مدير إدارة السلم والمصالحات الدول العربية والإسلامية بدعم البرنامج الذي بدون تنفيذه يفقد الحديث عن سلام السودان معناه، خاصة في مناطق التماذج. خطة ال DDRفي توفيق أوضاع المسرحين لم تخرج عن الخطة القومية للدولة، بتكييف برامجها مع برنامج النهضة الزراعية .. وقد أنشأت في هذا الخصوص الجمعيات التعاونية الزراعية للمسرحين في مناطق جنوب كردفان، النيل الأزرق، الشرق، الخرطوم والولايات الشمالية، ودعمتها ب 90 جراراً زراعياً بكامل ملحقاتها في المرحلة الأولي، ضمن 250 جراراً من المقرر أن توفرها ال DDR للجمعيات التعاونية الزراعية للمسرحين، بجانب برنامج المجال الحرفي بتدريبهم وتأهيلهم في المهن الحرفية ودعمهم بمعينات ووسائل الإنتاج، ثم برنامج التوظيف في القطاعين العام والخاص. المحور الأهم في برنامج المفوضية هو محور ثقافة السلام وتنزيل السلام السياسي إلي سلام اجتماعي يعم كل أفراد المجتمع السوداني عبر خطة شاملة يقودها المجلس الوطني لتبصير الرأي العام لسوداني بأهمية نشر ثقافة السلام بإشراك كل القوي الوطنية في البرنامج، دعماً لبناء أُطر السلام. نشر ثقافة السلام وتوفيق أوضاع 350 ألف مسرح يتطلب تضافر جهود أبناء الوطن قاطبة، في وحدة وطنية شاملة يشارك فيها كل أفراد الشعب السوداني، خاصة بعد أن تقاعس المجتمع الدولي عن الإيفاء بالتزاماته المالية تجاه البرنامج. يصعب إكمال عملية التسريح دون رصد مبالغ مخصصة لبناء الثقة وسط المستهدفين بتوفير احتياجاتهم الإنسانية والمادية .. وهنا يبرز دور الإدارة الأهلية في جمع وتنظيم الأسلحة الخفيفة في المناطق الأكثر تعرضاً لظاهرة الاحتكاك بسبب المراعي والمياه، عن طريق احتواء الخلاف والقضاء علي الصراعات القبلية والعرقية في مناطق التماذج القبلي، وترسيخ الفهم الصحيح للتخلي عن حيازة وتداول الأسلحة غير المشروعة، ووضع أسس قوية لرتق النسيج الاجتماعي الذي يكون قد تأثر بشكل أو بأخر أثناء فترة الحرب. للسودان تجربة سابقة في برامج التسريح وإعادة الدمج وقد تم تدريب العسكريين السابقين بعد الحرب العالمية الثانية في السكة حديد والنقل النهري والسلك الكتابي بكل من عطبرة، كوستي، الأبيض والفاشر، فيما عُرف آنذاك بالرديف كاحتياطي للجيش، وتم أخلاء طرفهم من الجيش بعد أن تأقلموا في الحياة المدنية. كما تم إدماج بعض مقاتلي حركة الأنانيا في الجيش والشرطة والخدمة المدنية عام 1972. التحدي الكبير الذي يواجه البلاد يكمن في أن برنامجاً ضخماً ينتظر ال DDR لتنفيذه للارتفاع الكبير في عدد المستهدفين .. عدد لم تشهد النزاعات مثله في أوربا، آسيا وأفريقيا، "وروندا، الصومال، أثيوبيا" .. برنامج يتطلب الدعم والمؤازرة لتحويل السلام في السودان إلي واقع معاش، ببسط الأمن، وبناء الثقة بين أبناء الوطن، وتوفير حياه كريمة للمستهدفين في إطار الخطط التنموية للبلاد، بتأهيلهم وتدريبهم، ومن ثم تحويلهم من الحياة العسكرية إلي الحياة المدنية.