دماء تسفح في دارفور ردحا من زمان ولا تفلح الاجاويد في اطفاء حرب بين قبيلتين الا وتتأجج نيران احتراب في جموع قبلية اخرى .. انها حالة مأساوية تؤرق ضمائر ابناء السودان قاطبة اذ الذين يروحون ضحايا شرور الاحتراب القبلي الذي استمر مع توالي السنين هم أهل جميع السودانيين مما يجعل ضمائر الوطنيين تستشعر الاسى ويؤرقها حزن متجدد مع المآسي الناجمة عن الاقتتال والامر هكذا حتى لتلوح فيه تدابير المؤامرة المنظمة التي يسعى مخططوها لتأجيجها لتقضي على الناس و(السعية) والزرع والعلاقات الانسانية التي بنيت عبر القرون وذلك ضمن مرامي اعداء السودان الذين يحملون عداء يرمي الى دمار هذه الامة وتمزيق ارضها واضعاف انسانها لانها امة استعصت على قوى الاستكبار اخضاعها لمشيئتها ، في نهج حياتها وفي معتقداتها. ان شأن الاحتراب القبلي اصبح كبرى هموم القيادة العليا في السودان ونحسب انه بسبب هذا السعي القيادي لاطفاء نيران الحروب القبلية فاننا نبلغ منعطفا جديدا لابد ان نشهد فيه انبساط اجنحة الوئام بين قبائل دارفور لتنطوي صحائف الحروب البغيضة الى غير رجعة.. ها نحن نرى الآن اتفاق صلح مهم بين قبيلتين في دارفور هما قبيلتا الرزيقات (الابالة) والبني حسين بشمال دارفور بمدينة الفاشر (الخميس الماضي) القبيلتان وقعتا على اتفاق صلح لانهاء النزاع بينهما على خلفية الاحداث التي شهدتها منطقة جبل عامر ، الغنية بالذهب في شمال دارفور .. وهناك وصف عثمان محمد يوسف كبر والي الولاية هذا الحدث في كلمة له عقب التوقيع بالتاريخي الذي تم الوصول اليه بعزيمة ورغبة اكيدة من الطرفين من اجل سلام شامل وتحقيق للاستقرار، واضاف بان هذا الاتفاق سيكون انموذجا لمعالجة الكثير من المشاكل القبلية .. ويرى كبر ان الطرفين قد قدما المصلحة العامة على الخاصة في الاتفاق وان حكومته حددت ان تكون دية القتيل ثلاثين الف جنيه بدلا عن اربعين الفاً ، وهناك اعلن محمد يوسف كبر عن وصول الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس الجمهورية ود.التيجاني السيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور ومدير جهاز الامن الفريق محمد عطا ، ورئيس مجلس الولايات قد حضروا هناك للمشاركة في حفل التوقيع وحضوره ، وتسلم نسخة من الاتفاق ، ويبدو ان التقدم الذي تحقق بابرام هذا الاتفاق جاء استجابة لدعوة اطلقها الرئيس البشير ( 22 يوليو) يطلب فيها اهل دارفور تحقيق السلام في الاقليم.. الواقع ان اهتمام الرئيس البشير بقضية دارفور قد صاحبته نبرة غاضبة وحزينة معا وكان ذلك من خلال حفل افطار رمضاني بمنزل رئيس السلطة الاقليمية د. التيجاني السيسي بالخرطوم ، حيث دعا قيادات دارفور ونخبها الى القسم بالله مع رفع الايدي للعمل من اجل السلام والامن والاستقرار ورفع الحضور جميعهم ايديهم ومعهم نائب الرئيس الحاج آدم ووزير العدل محمد بشارة دوسة ، ووزير المالية علي محمود والفريق بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية ، وصديق ودعة رئيس لجنة الاتصالات الاهلية بالحركات غير الموقعة على اتفاقيات السلام ، وقال الرئيس مخاطبا الحضور:(كتاب الله جاكم يا اهل دارفور علينا ان نتعاهد على تحقيق الامن والسلام) وقد كشف الرئيس عن انعقاد مؤتمر للتعايش السلمي ووجه السلطات والولايات بالترتيب له ، اي ان الجهد الذي سيبذل من اجل كبح الحروب القبلية في دارفور سيكون متصلا فلا هجوع الا بتحقيق اماني السلام للجميع. عن الراي العام