تحولت جنازة النجم السينمائي المصري أحمد زكي يوم الاثنين الى مظاهرة حُب وتقدير لما كان يمثله من قيمة في نفوس مواطنين عاديين رأى بعضهم أن من واجبه أن يأتي الى القاهرة من الأقاليم للمشاركة في تشييعه. وشارك في وداع الفنان الذي توفي يوم الاحد نحو 15 ألف مواطن جمعهم ميدان جامع مصطفى محمود الذي خرج منه الجثمان متجها الى مثواه الأخير في مقابر مدينة السادس من أكتوبر غربي القاهرة. وبدا الميدان الذي تدفق اليه المواطنون أقرب الى الدوائر المتداخلة. فمن بعيد اصطفت عربات الأمن وشكل رجال الشرطة سياجا يحول دون وصول الناس الى الدائرة الاخرى التي خصصت لسيارات الوزراء الذين شاركوا في الجنازة أما الدائرة الاكثر ضيقا حول المسجد فكانت مخصصة للاعلاميين والفنانين. وقالت طالبة باحدى كليات الاعلام وهي تحاول اختراق الحصار وصولا الى باب المسجد لتتمكن من تصوير الجثمان الذي غُطي بعلم مصر انها تشارك في جنازة فنان أحبت أفلامه "وأصور فيلما تسجيليا عن الجنازة التي اخترتها مشروعا لتخرجي." وبمجرد خروج الجثمان من المسجد تحركت الجماهير في مشهد أقرب الى الموجات المتلاحقة وأسرع رجال الامن لتأمين وصول الوزراء الى سياراتهم لإخراجهم من وسط الزحام. وشارك في تشييع الجنازة وزير الثقافة فاروق حسني ووزير الاعلام أنس الفقي وأمين عام رئاسة الجمهورية زكريا عزمي مندوبا عن الرئيس حسني مبارك. واختلطت الجماهير برجال الشرطة في مسافة لا تزيد على 20 مترا تفصل باب المسجد عن السيارة التي نقلت الجثمان الى المقبرة. وتحرك الجثمان ببطء لحرص كثير من المواطنين على الوصول اليه حتى كبار السن الذين قال بعضهم "مع السلامة يا ابني." وأمام سيارة الجثمان كانت الممثلات المصريات نادية الجندي وهالة صدقي والهام شاهين ولبلبة اخر من ألقى من زملاء زكي نظرة أخيرة على نعشه قبل الغياب. وقال رجل مُسن جاء من احدى القرى انه يعتبر زكي أحد أبناء أسرته ورأى من واجبه المشاركة في الجنازة مشيرا الى ارتباطه شخصيا بكثير من أدواره منذ قدم في الثمانينيات دور ابن حفار القبور في فيلم (أنا لا أكذب ولكني أتجمل). واكتشف زكي (55 عاما) قبل أكثر من سنة اصابته بمرض السرطان الرئة ودخل المستشفى في بداية هذا الشهر في حالة صحية حرجة نتيجة لمضاعفات المرض وظل في غيبوبة منذ يوم 19 مارس أذار الجاري حتى وفاته يوم الاثنين. ورغم مرضه بدأ زكي في منتصف يناير كانون الثاني تصوير فيلم (حليم) عن حياة المطرب المصري عبد الحليم حافظ الذي رحل عام 1977. ورغم تعرض زكي أثناء تصوير الفيلم الاخير لبعض الجلطات الا أنه صور حوالي 90 في المئة من مشاهده. وقدم زكي 56 فيلما وثلاث مسرحيات بالاضافة الى عدة مسلسلات تلفزيونية واعتبره كثير من النقاد أهم ممثل سينمائي في الاعوام الثلاثين الاخيرة. وبعد تحرك السيارة بالجثمان ظل الميدان حوالي ساعة مزدحما بجماهير أشبه بكرنفال غير متجانس. فمن حيث الزي ارتدى بعضهم جلابيب الفلاحين والعمال وبعضهم طلبة في الجامعات اضافة الى سيدات منقبات وأخريات ارتدين ملابس عصرية. وبعد أن خلا الميدان من كبار ضباط الشرطة الذين تجمعوا في ظل احدى الاشجار اتجهت الى قلب الميدان حوالي 20 من السيدات الريفيات وهتفن "لا اله الا الله.. أحمد زكي حبيب الله." وأصدر ضابط كبير بدا عليه الاعياء أمرا لمن حوله "ابعدوهم من هنا أحسن يلموا الناس تاني." رويترز