مرت بالامس الذكرى السادسة لرحيل الفنان المصري أحمد زكي حيث توفي في يوم 27 مارس من عام 2005 بعد صراع مع المرض، ورغم كل هذه السنوات إلا أن أعماله لازالت تتصدر المشهد الفني لما تميز به الراحل من عبقرية في مجال التمثيل. أبهر زكي المصريين والعرب بأعماله السينمائية الرائعة لما امتاز به من قوة في الأداء، وعمق شديد في تجسيد الشخصيات التي يؤديها، لاسيما شخصيتي الرئيسين الراحلين أنور السادات وجمال عبد الناصر، وقبل ذلك شخصية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وكان جريئا في تقديمه شخصية العندليب الراحل عبد الحليم حافظ في فيلم سينمائي كان آخر أفلامه بعنوان "حليم". تنوعت الأدوار التي قام أحمد زكي بتقديمها وتعددت الأشكال الفنية التي ظهر بها، ولم يحبس نفسه في قالب فني واحد، فقدم الكوميدي، والتراجيدي، وأفلام الحركة، والإثارة، والأفلام الاجتماعية، مما جعله فنان شامل مرن متمكن من تجسيد كافة الأدوار. فنان البسطاء يرى النقاد أن أحمد زكي باختياراته الواعية لمس قلوب البسطاء من الناس، واستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات، بل ونجم مستقبل السينما المصرية أيضاً، فهو فنان مجتهد، اهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، كان يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه، وأعماله تشهد له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم شفيقة ومتولي وحتى الآن، مروراً بأفلام إسكندرية ليه، الباطنية، طائر على الطريق، العوامة 70، عيون لا تنام، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم، والعديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة. قطع أحمد زكي طريق صعب، مليء بالإحباطات والعقبات، ليصل إلى ما وصل إليه من شهرة واحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية حتي بعد وفاته، فقد حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، واحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة. الطفل اليتيم ولد الفنان أحمد زكي في الثامن عشر من نوفمبر عام 1949م، بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية، مات والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته بعد رحيل الوالد مباشرة، فعاش زكي يتيما، بعد زواج والدته تربى أحمد زكى في رعاية جده، ثم دخل المدرسة الصناعية حيث شجعه الناظر على التمثيل المسرحي، إلي أن التحق بعدها بمعهد الفنون المسرحية وأثناء دراسته بالمعهد شارك في مسرحية "هاللو شلبي" ثم تخرج عام 1973 وكان الأول على دفعته. بدأ زكي بعد ذلك مرحلة فنية جديدة فقد تم اختياره بواسطة المخرج جلال الشرقاوي ليشارك في مسرحية "مدرسة المشاغبين" إلى جانب كلا من عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي، ثم توالت أعماله الفنية وبدأ نجمه في التألق حتى أصبح أحد العلامات المتميزة في العالم الفني. تزوج أحمد زكي من الفنانة الراحلة هالة فؤاد وله منها ابن وحيد يدعي هيثم، الذي يحاول أن يخطو خطوات والده في عالم الفن، لاسيما وأنه أكمل تصوير فيلم "حليم" بعد والده. من المحطات الهامة في تاريخ أحمد زكي الفني مسلسله الرائع "الأيام" الذي جسد فيه قصة حياة الأديب الكبير طه حسين، وهو المسلسل الذي يعد البداية في سلسلة من الأعمال التي قام فيها بتجسيد شخصيات عامة وشهيرة، كما قدم مسلسل "هو وهي" مع الفنانة الراحلة سعاد حسني، وللإذاعة قدم مسلسل "دموع صاحبة الجلالة"، و"عبد الله النديم". وفي السينما كان فيلم " ناصر 56" الذي جسد فيه شخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وفيلم " أيام السادات" الذي جسد فيه شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات وحصدا نجاحًا منقطع النظير. تكريم وجوائز حاز الفنان أحمد زكي علي الكثير من الجوائز في العديد من المناسبات لعل أهمها جائزة عن فيلم "طائر علي الطريق" من مهرجان القاهرة، جائزة عن فيلم "عيون لا تنام" من جمعية الفيلم، جائزة عن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" من مهرجان الإسكندرية عام 1989، جائزة عن فيلم "كابوريا" من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990، وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار السينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها الفنان أحمد زكي، وذلك ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي زوجة رجل مهم، والبريء، أحلام هند وكاميليا، الحب فوق هضبة الهرم، إسكندرية ليه وأبناء الصمت. كما حصل أحمد زكي علي جائزة أحسن ممثل عن فيلم أيام السادات عام 2001، وحصل أيضا على درع محافظة المنيا ودرع جامعة المنيا تقديرا لدوره الوطني في تقديم الأفلام الوطنية عن فيلم السادات عام 2001، وحصل على جائزة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلمه " معالي الوزير" عام 2002م. كما تم تكريم اسمه في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي التاسع والعشرون عام 2005. اكتشف الفنان أحمد زكي قبل وفاته بحوالي عام مرضه بسرطان الرئة ولم ينل المرض من عزيمته بل ظل يقاتل بشراسة معه إلى النهاية، حتى أنه أثناء مرضه سعى من أجل إكمال آخر أفلامه “حليم" بكل طاقته. وخضع الفنان الراحل عقب اكتشافه للمرض للعلاج الطبي بمصر ثم انتقل إلى باريس لكي يواصل رحلة العلاج ثم ما لبث أن عاد إلى مصر مرة أخرى، وقد دخل أحمد زكي المستشفى في حالة صحية حرجة نتيجة لمضاعفات الورم السرطاني الذي انتشر في جسمه بشكل كبير مهاجماً الرئة والكبد والغدد الليمفاوية، وظل في مقاتلة مستميتة مع المرض الذي تمكن من التغلب عليه في النهاية فكانت الوفاة في 27 مارس 2005، وعلى الرغم من المعرفة المسبقة لدى جماهير وأصدقاء أحمد زكي بشدة مرضه، إلا أن وفاته جاءت مفاجئة للجميع.