حوار مع الاستاذ علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة ونائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى (الأصل) علي محمود حسنين: إسقاط النظام السوداني فرض عين السياسي السوداني يحتكر منصبه حتى الموت عن دليل العرب اللندنية عمل في المعترك السياسي منذ نعومة أظفاره، آمن بالديمقراطية الحرية وضرورة السماع للرأي والرأي الآخر، كره العنصرية والطائفية التي زرعها وعززها ومتنها نظام البشير، على حد قوله. المعتقلات التي قضى فيها سنين طويلة من حياته لم تزده إلا إصراراً على مبادئه التي حارب ولا زال يحارب من أجلها ألا وهي أن يرى سودانا مختلفا يقوم على أساس العدالة والمساواة يفتخر به كل انسان ينتمي إليه. انتخب رئيساً للكثير من الحركات السياسية. أسس في العام الفائت الجبهة الوطنية العريضة في لندن وانتخب رئيساً لها لتحقيق أهدافها في إسقاط النظام السوداني. مجلة “دليل العرب” التقت السيد علي محمود حسنين ليحدث قراءها عن مسيرته النضالية وأهدافه المستقبلية. ليلى ابراهيم
بداية كيف اجتمع المال والتجارة مع السياسة والقلم؟ اسرتي كانت تعمل بالتجارة. أما أنا فسلكت درب التعليم، حتى وصلت إلى جامعة الخرطوم، كلية القانون. واكملت الدراسات العليا بجامعة نورث وسترن في شيكاغو بالولاياتالمتحدةالامريكية، وتوجهت للعمل السياسي مذ كنت طالبا حتى عملت لفترة بالقانون. خضت العمل السياسي مع الكثير من التنظيمات السياسية الطلابية ابتداء من مرحلة الثانوية وخلال المرحلة الجامعية انتخبت رئيسا لاتحاد طلبة جامعة الخرطوم. وفي الولاياتالمتحدةالامريكية كنت الامين العام لاتحاد الطلاب الأفارقة بالجامعة وكذلك في امريكا الجنوبية وبقيت أقود هذا العمل حتى عام 1968 وفي تلك المرحلة حصلت الدول الافريقية على الاستقلال التام وحينها بدأت بالتعرف على الكثير من الزعماء الافريقيين الذين أصبحوا فيما بعد قادة لبلدانهم.
يقال انك كنت منتسبا لجماعة الإخوان المسلمين عندما كنت طالباً في جامعة الخرطوم؟ وإذا كان القول صحيحا كيف تم التحول إلى الاتحاد الديمقراطي؟ في ذلك الوقت كان النشاط الشيوعي المعادي للدين منتشرا، والطلاب كانوا مندفعين للفكر الماركسي، ونحن أتينا من بيئات مشحونة بالتدين، وبالتالي أنشأنا تنظيما نمارس فيه الطقوس الدينية من صوم وعبادة وصلاة بحيث لا ننصرف إلى التفكير فقط بمباهج الحياة، هذا الامر حدث في وقت لم يكن قد أُنشئ فيه بعد تنظيم الاخوان المسلمين فقد نشأت الحركة الاسلامية كقوة سياسية في 1965 عندما انشأوا ما يسمى دفة الميثاق الاسلامي يعني أن ذلك حدث بعد التاريخ الذي كنت فيه طالباً. وبالتالي سياسيا كنت مع الحركة الاتحادية. اما دينيا فكنت مع الاتجاه الاسلامي الذي يحافظ على سماحة الدين الاسلامي، وفي عام 1965 ترشحت عن الحزب الوطني الاتحادي في البرلمان، وهذا ما يعني أنني لم أكن جزءا من الحركة السياسية الاسلامية. وعدت مرة أخرى وخضتالانتخابات باسم الحركة الاتحادية.
النظام استغل الدين لتحقيق مأرب سلطوية تتهم الأحزاب السياسية في السودان بأنها تغلق الأبواب أمام التواصل فيما بينها سياسيا بينما اجتماعيا تجمعهم علاقات ترابط متينة، ما رأيك بذلك؟ الحياة السياسية كانت قبل النظام الحالي تربطها علاقات قوية، وهناك ود بين مختلف القيادات السياسية يلتقون بكل المناسبات مع بعضهم البعض وهناك صلات وصل بين جميع الاحزاب، ولم يكن هناك عداء حقيقي ولكن النظام الحالي الذي جاء إلى السودان النظام الإسلاموي الذي استغل الدين لتحقيق مأرب سلطوية واقتصادية وسياسية خلق الحواجز والجفاء بين الناس، لأنه وبكل بساطة يقوم بتنفيذ الاعتقالات التحفظية والتعذيب للكثير من السياسين وكان لايرعى حرمة الرجل السياسي، وهذا قطعا اثر إلى حد ما على العلاقات الاجتماعية، ولكنه حتى الآن لم يقضي على اصل العلاقات الطيبة بيننا.
انت رئيس جبهة معارضة وفي نفس الوقت نائب لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي كيف اجتمع ذلك؟ الحركة الاتحادية حركة معارضة وظلت على الدوام تقاتل الانظمة الشمولية لأن الحركة الاتحادية هي التي قاتلت نظام الفريق عبود سنة 1958 وأنا شخصيا قاتلت ذلك النظام واعتقلت. ثم أتت الحركة التي قادت المعارضة ضد النظام المايوي الذي قاده جعفر محمد النميري عام 1969 حتى عام 1985 وقد اعتقلت وأمضيت سبع سنوات في المعتقل. وظل يقود المعارضة في الخارج الأخ الشهيد المناضل حسين الهندي وكنت اعمل معه بالداخل، وكنا نحن الذين ندفع الثمن في مواجهة النظام المايوي. وقامت حركة التحرير بحمل السلاح لأول مرة في مواجهة النظام في شرق السودان إلا إن الحركة الاتحادية هي حركة مدنية سلمية تقاتل بالسياسة، ولا تقاتل بالسلاح، ولكنها لاول مرة في تاريخها قامت بمعارك حربية في ظل النظام الحالي لأن لسان حاله كان يقول انه غير مستعد ان يفاوض احداً ما لم يكن يحمل السلاح، وحملنا السلاح استجابة لدعوته. والانسان لديه حق الدفاع عن النفس. أما الآن فنحن لا نحمل السلاح لأن السودان مل الحروب العديدة التي ابتدعها هذا النظام الذي حارب الجنوب لسنوات عدة، وقتل ما يزيد على 2 مليون من الجنوب. مما دفع الجنوب دفعا لاختيار الانفصال عن السودان بسبب سياسات المؤتمر الوطني، فالجنوب لم يطالب مطلقا بحق تقرير المصير قبل نظام الانقاذ الحالي كانت له مطالب محقة وكنا نناقشها. وفي عام 1988 تم عقد اتفاقية بين حزب الاتحاد الديمقراطي والحركة الشعبية تم فيها الاتفاق على حل قضايا الوطن في مؤتمر دستوري جامع على وقف اطلاق النار في عام 1989 ليس لمناقشة قضايا الجنوب وحسب، وإنما لمناقشة قضايا الوطن وحددنا يوم 20 سبتمبر 1989 لانتخاب هذا المؤتمر، لكن الحركة الاسلامية كونها لا تريد سلاما في الجنوب قامت بالانقلاب في 30 أيار 1989 قبل وقف إطلاق النار بأربعة أيام. وقالوا ان هذا الاتفاق اتفاق استسلام وليس اتفاق سلام.
لا بد من إصلاح الأحزاب السياسية من بين الانتقادات التي توجه للقيادات الحزبية السودانية التقليدية أنها تحتكر المناصب لدرجة انك اتهمت شخصيا بذلك؟ نحن نرى أن الأحزاب السياسية في السودان الآن لا تقوم على أساس ديمقراطي وكل سياسي استلم منصبا ظل يحتكره حتى الموت، وهذا هو الصادق المهدي ظل في قيادة الأمة منذ 1965 إلى الآن، وحسن الترابي ظل قائدا في تنظيمه منذ 1965 وإلى الآن، وغيرهم كثيرون. اعتقد أنه لا بد من اصلاح الأحزاب السياسية كلها، وهذا جزء من برنامج الجبهة الوطنية العريضة، ولا بد من وضع قانون للأحزاب، بحيث تكون أحزابنا مقامة على أسس ديمقراطية ومؤسساتية في اتخاذ قراراتها، وأنا من المؤمنين بمبادئ أنه من تجاوزوا سن السبعين ينبغي عليهم التنحي عن العمل القيادي. وادعو لإسقاط هذا النظام وقيام البديل الديمقراطي. واعطاء المجال للشباب للجيل الجديد.
لماذا هناك خلافات بين اعضاء الجبهة الوطنية العريضة بالرغم من أنها وليدة؟ ليس هناك خلافات في الجبهة، فهي تقوم على ركنين الركن الأول إسقاط النظام القائم الآن. ثانيا عدم الدخول في اي حوار مع هذا النظام. وكل من ينتمي للجبهة الوطنية العريضة مؤمنا بذلك.
أنت تنادي بالنظام الديمقراطي الحر ولما قامت جبهة العدل والمساواة بالحوار مع النظام جمدتم عضويتها.. ألا يتنافى ذلك مع الديمقراطية؟ لا يتنافى مطلقا. لأن الحوار مع هذا النظام يعني الاعتراف به ونحن لسنا كذلك. فهو أتى بقوة السلاح وبانقلاب عسكري واستمر بالحكم نتيجة انتخابات مزورة، عن طريق الأجهزة الأمنية والاجراءات الامنية التي كانت متبعة. ونحن نعتبره غير شرعي. فإذا تحاورت مع هذا النظام فتكون بذلك قد اعطيته الشرعية. وهناك قوى سياسية كثيرة تحاورت مع هذا النظام وأبرمت اتفاقات كل هذه الاتفاقات لم يقم النظام بتنفيذها.
فيما لو حدث وطلب منك الجلوس مع البشير من أجل أن يعم السلام هل تقوم بذلك؟ قطعا سوف ارفض. لسبب بسيط عمر البشير سبب مأساة وتمزق السودان، وهو اساس المصائب، فالجلوس مع هذا النظام استمرار له. فهو لم يكتف بفصل الجنوب الآن يحارب في دارفور والحرب مرشحة للانتقال، والآن اعلن عن حرب في النيل الازرق، لماذا يقوم بعمل مسلح في ولاية تتبع لجمهورية هو رئيس لها الحكومة هي من ذهبت بجيشها وقصفت منزل مالك عازار والي النيل الازرق وقصفت المكتب الثقافي الذي انشأه، وفرض حالة الطوارئ وعين حاكما عسكريا هناك، والجلوس معه يعني تأييده في كل هذه الجرائم التي ارتكبها في كل أقاليم السودان. ونسعى لأن نجمع كل الأمة السودانية من أجل هذا الهدف الأساسي وهو إسقاط هذا النظام. وهذا الهدف فرض عينكفاية على أي سوداني يؤمن بأن هناك سودانا يفتخر بالانتماء إليه.
الغرب حريص على بقاء البشير ذكرت في أجهزة إعلامية كثيرة بأن الغرب تغاضى عن محكمة لاهاي والانتخابات لم تكن نزيهةً هل برأيك الجنوب هو الذي دفع الثمن؟ الغرب عموما كان حريصا على بقاء البشير في السلطة حتى يتم انفصال الجنوب، وكانت الجهة الوحيدة التي تساعد في ذلك الرئيس عمر البشير لو كان الغرب يريد إسقاط هذا النظام لساهم في إحلال النظام الديمقراطي. وما كان الجنوب انفصل عن الوطن الأم. البشير اتهم بجرائم كثيرة منها الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب ورغم هذا المجتمع الدولي عموما لم يسع لتنفيذ هذه الأمور الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية. لماذا؟ لأن القبض على عمر البشير في تلك اللحظة لن يساعد في انفصال الجنوب. وهناك دليل آخر هو الانتخابات المزورة التي تمت وتغاضى عنها الغرب عنها كأنها انتخابات سليمة وحقيقية نعد العدة للانتفاضة.
ولكن أنتم تتكلمون عن تحليلات سياسية بشأن الانتخابات ليس هناك وقائع وإثباتات؟ لا هذا الكلام غير صحيح. لقد قدمنا الوثائق عن عدد الاصوات في الصناديق والتي تفوق أعداد المسجلين بالقوائم، وقدمت محاضرة ضخمة بهذا الشأن هنا لإبراز الحقائق. كيف تكون انتخابات حرة ونزيهة وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب الامة وهم الذين يمثلون 80 % من السودان لم يكن لهم سوى مقعد أو مقعدين بالبرلمان. وعمر البشير يحصل على 89 % من مقاعد البرلمان. لقد طالبت القوى السياسية بمقاطعة الانتخابات وأصدرت 16 بيانا وطلبت من جميع الأحزاب ان لا تخوض المعركة. فالخوض فيها يعطي شرعية لهذا النظام. ولكن بعض الاحزاب لم تستمع لندائنا والنتيجة كانت انتخابات مزورة. ونحن الآن نعد العدة للانتفاضة ضد هذا النظام، الشعوب العربية التي ثارت انتفضت على أنظمة الفساد والقمع والقتل والسودان يحتاج لذلك. لأن النظام السوداني أكثر دموية من الأنظمة العربية التي ثارت عليها شعوبها.
لو كان الشعب السوداني يريد الانتفاض لما انتظر الشعب التونسي والمصري ولا اليمني لينتفض فربما هو راض عن البشير؟ لا قطعا، الشعب غير راض عن البشير. القوى السياسية كلها اجمعت على القيام بالانتفاضة. اما القيادات السياسية الموجودة في السودان مازال النظام يحاول ابرام الاتفاقيات معها إلا أن الجماهير الشعبية للقوى السياسية والأحزاب لا تؤيد قيادتها. الآن نخوض معركة مهمة ألا وهي كيف يخرج الانسان من طوع قيادته ويكون تحت قيادة الوطن؟ ولكن نحن لا نريد انتفاضة تسيل فيها الكثير من الدماء نحن نريد انتفاضة تنهي الموضوع بأيام قليلة، ونعد العدة من أجل ذلك. وقد أنشأنا لجانا منظمة وقادرة من الجبهة الوطنية العريضة بكل قطعة من السودان وسوف تسمعون بهذا الأمر قريبا جداً، الجبهة عقدت مؤتمرها في لندن، لأنها لم تستطع أن تعقد مؤتمراً بالداخل، لقد حاولنا عقده في بعض الدول المجاورة لكنها رفضت.