• الدعوة إلى عقد مؤتمر دستوري لمعالجة قضايا الوطن هي من فكر الإمام الصادق المهدي الذي ظل لسنوات خلت ينادي بعقد هذا المؤتمر، ورغم الرؤية الثاقبة التي نادت بقيام هذا المؤتمر إلا أن الدعوة إليه ظلت لا تجد أذن صاغية، وربما يرجع سبب ذلك إلى خوف البعض من إجماع وطني ملزم حول القضايا المصيرية التي تواجه البلاد، وربما يكون السبب رغبة بعضا من أهل الحكم في التمسك بالسلطة، ويمكن أن نُتبِع ما سبق سبباً آخر هو المماحكة السياسية والرفض الموروث لأي فكرة تنطلق من الطرف المعارض. • وكما اشرنا أن الدعوة لعقد هذا المؤتمر الدستوري ليست وليدة اليوم بل انطلقت قبل مجئ حكومة الإنقاذ، وقد كان مخططا لقيام هذا المؤتمر في أعقاب إنفاذ اتفاقية الميرغني قرنق، إلا أن مجئ الإنقاذ أطاح بالفكرة التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ إلى اليوم، حتى استيأس السيد الإمام من الدعوة إليها وهو ما بدا جلياً من خلال تراجعه عن طرح فكرة المؤتمر الدستوري ومطالبته مؤخرا بعقد مؤتمر عريض لبحث القضايا المصيرية، وربما تكون تلك محاولة لجعل الفكرة مقبولة لمن بيدهم الأمر، وربما يكون ذلك تمشيا مع ما هو مطروح من شعارات لتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم. • وفي كلتا الحالتين تظل الدعوة التي أطلقها الإمام لعقد أي من المؤتمرين "دستوري أو عريض" دعوة حق يراد بها إيجاد إجماع وطني لقضايا مصيرية تأزم منها الوطن وتضرر منها المواطن كثيرا، ولتحقيق توافق حزبي حول العديد من القضايا المختلف عليها لإدارة شئون البلاد، وأيضا لمعالجة حالات الانفلات السياسي الذي أعاق حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية عبر مراحل الحكم المختلفة بما فيها هذا العهد الذي لا تخلو خطابات قادته السياسيين من توجيه اللوم للأحزاب المعارضة واتهامها بتدمير الوطن عبر الارتهان لقرارات خارجية، هذا بالإضافة إلى حسم الاختلاف والجدل الذي ظل مستمرا حتى اليوم حول قضية الهوية وتطبيق الشريعة الإسلامية ونظام الحكم الذي يناسب حالة البلاد ويحدد بصورة واضحة علاقة الولايات بالمركز، وهي القضايا التي ظلت تستحوذ على الحيز الكبير من مساحة الجدل والاختلاف في الساحة السياسية. • ولتأكيد أهمية انعقاد مثل هذا المؤتمر يمكننا القول انه منذ انطلاق الدعوة لعقده وحتى اليوم شهدت البلاد عدد من المنعطفات جلبت معها مضار سياسية واقتصادية واجتماعية كان لها انعكاساتها على الوطن والمواطن، كما أنها لعبت دور في عدم تحقيق الاستقرار المنشود وما يُدلل على ذلك بروز قضايا جديدة أضافت عبئا لما هو موجود من أعباء، والحق أن معالجة قضايا الوطن في حاجة إلى أن ينظر الجميع إليها بعين المتبصر المدرك لمخاطر كثيرة تهدده، ندرك جميعا أن بعضها مخاطر خارجية تنفذها عناصر داخلية يمكن أن نعيدها إلى صوابها إن نحن اتفقنا معها على الكيفية التي يمكن بها حل هذه القضايا المصيرية. • ومثلما جربت الحكومة الأحزاب ودخلت معها في مفاوضات خرجت منها باتفاقات لم يكتب لها النجاح لتعنت هنا أو هناك، أو لعدم الالتزام بما هو متفق عليه من بنود، فإن الأحزاب تقول إنها هي الأخرى جربت الحكومة وحاورتها واتفقت معها وخرجت من كل ذلك أكثر قناعة بعدم جديتها في الوصول لحل لمجمل القضايا المختلف عليها، غير أن النظرة الجادة تؤكد أن لملمت الأوراق المبعثرة وحل القضايا التي تواجه الدولة تحتاج إلى جهد مشترك من أحزاب معترف بها ينبغي أن يكون لها دور في حل الكثير من القضايا المصيرية، وهو دور لا يتأتي إلا عبر مؤتمر دستوري أو مؤتمر عريض كما هي رؤية السيد الإمام الصادق!!! عادل الريح محمد عضو جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية