ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدة رباح الصادق..وخوفها غير المبرر على نسيج الوطن!!

فتحي بلحاج: مهمتنا كمراقبين كانت مسرحية ودول الخليج تآمرت على الشعب السوري
عنونت الأستاذة رباح الصادق المهدي عمودها بصحيفة الرأي العام هكذا: سوريا حول الدابي..الزول السوداني لا لا ما بنحبو!! نحي السيدة رباح أولا إنها ما زالت تكتب عن قضية محمد مصطفى الدابي. هذه القضية التي تم تحريفها عمدا، ويتهرب منها كافة الصحفيين السودانيين والكتاب لأسباب متعددة ومختلفة!!.
وحين نقول الدابي نقصد القضية السورية قطعا.
لقد قدم الرجل أستقالته بلا شك، بل انتهر الدابي رئيس الوزراء القطري في أيامه الأولى وهدده بتقديم الاستقالة وفضحهم، ومما قال له: "لن ولن أضع دم الشعب السوري في عنقي!! – ومعنى ذلك فإن الرجل واعي بطبيعة المؤامرة!! ثبت الرجل ما هو يجب تثبيته في تقريره، وأستقال بشرف..نعم، ونكررها لقد استقال بشرف ولم يقال، وسيسجلها له الديان والتاريخ، وليس صحيحا كما تقول السيدة رباح إنه أقيل – قالت بفصاحة لغوية "ولأنه لم يدرك المطلوب من تحريم الصهباء وشربها عمدا، كانت نهايته الطبيعية أن يقال!!”. ولا ادري أي صهباء التي تتحدث عنها السيدة رباح، إلا إذا قصدت بالصهباء تلك الدماء البشرية -دماء الشعب السوري- وكأن يشرب الدابي دماء السوريين عمدا كما يفعل حكام الخليج والمأجورون لحسابهم!!
ورغم ذلك فالتحية للأستاذة رباح الصادق المهدي موصولة لأنها أقتربت من حقيقة الوضع السوري قليلا – افضل من شقيقتها السيدة أم سلمة، وافضل من الصديق اللندني صهر ملكة بريطانيا، وهذا القليل خيرا من لا شيء!! ولكن السيدة رباح ما زالت تترجرج سياسيا في القضية السورية لأنها لا ترغب أن تسود وجه حزبها حزب الأمة القومي كونه أخطأ بعمل تلك الجلسة بداره حين احتضن مظاهرة تسمى دعم "الشعب" السوري!! ومما لا شك فيه أن رؤية شباب الأنصار وحزب الأمة القومي للقضية السورية هي مغايرة لرؤية قيادة الحزب!!
عموما نقول، سقوط الصحافة السودانية بصدد القضية السورية هو سقوط واضح وبين – بل هو سقوط مدوي!! فمن جانب تجد الصحفيين ثلاثة أنواع، إما لهم ميول بعثية قديمة في ركاب صدام حسين وعلى رأسهم الأستاذ كمال حسن بخيت رئيس تحرير صحيفة الرأي العام، وإما ذوي ميول سلفية ويركبون مركب دول الخليج – وهم الأغلبية، وإما هم من صحفي المؤتمر الوطني ويتم تحريك أقلامهم بالريموت كونترول. ولقد شذ عن جميع الصحفيين السودانيين الصحفي أسامة عوض الله بصحيفة أخبار اليوم!!
ففي قناة الخرطوم، تلفزيون ولاية الخرطوم، قال الصحفي بصحيفة أخبار اليوم وصاحب عمود اليوم الثامن أسامة عوض الله "الكلام في الممنوع" حين استضافه برنامج استعراض الصحف اليومية في قراءات تحليلية، وقد تحدث عن الشأن السوري، قائلا: إن نظام الرئيس الأسد هو صمام الأمان للعرب في مواجهة إسرائيل وبقاؤه يعنى حفظ جبهة المقاومة والممانعة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي وان ذهاب نظام الرئيس الأسد يعنى مباشرة هزيمة المقاومة وانتصار المشروع الأمريكي الإسرائيلي! وحين سأله المضيف كيف تقول ذلك ونحن نشاهد العشرات من الشعب السوري يوميا يقتلون والألوف تتظاهر ضد الأسد؟ فقال له أسامه: ياااخى هذه القنوات تنقل جانبا واحدا من الحقيقة ولكى نكون منصفين فلنر معها قنوات أخرى مؤيدة للرئيس الأسد، لننظر الصورة من جميع جوانبها. وقال: أنا مثلا أشاهد الفضائيات المعادية لسوريا وتلك المؤيدة لها كالفضائية السورية وغيرها ومنها رأيت الجموع الذين خرجوا تأييدا للرئيس (الأسد)، كما رأيت الرئيس الأسد يزور الجرحى في المستشفيات وهذا يعنى أن هناك حقيقة غائبة عنا!!
ولا يسعنا إلا أن نشكر الصحفي أسامة عوص الله ونقول لغيره من الصحفيين السودانيين، ليس المطلوب أن يكون الصحفي مؤيدا للنظام السوري، بل المطلوب أن يلتزم الصحفي الحقيقة الموضوعية باحترافية مهنية كما فعل الصحفي أسامة عوض الله تماما!! وأن يتخلوا قليلا عن قانون "الطفح" الداخلي، فقانون الطفح هذا يفرض عليهم المجاراة..وإن لم يجاروا غرقوا في مستنقع الجوع والتشرد!!
هل يستطيع أحدكم أن يتخيل أن الصحفي أسامة عوض الله هو الوحيد الذي قال الحقيقة من بضعة آلاف من الصحفيين!!
وهنا يصيبك العجب من الصحفيين!!
وحقا عليك ألا تعجب حين يحتقر موظفو الأمم المتحدة بعض الصحفيين السودانيين ويبلعها جميع الصحفيين!! قذف موظفو الأمم المتحدة ببعض الصحفيين من جوف الطائرة الأممية قذفا مثل قذفك بالحقائب، وقذفوا أجهزتهم من خلفهم!! هل تدري كم هو ارتفاع باب الطائرة من الأرض؟ لا يقل عن ثلاثة أمتار!! أو كأن يحتقرهم وزير الإعلام السابق كمال العبيد صراحة ويصمتون!! ومع ذلك اتحاد محي الدين تيتاوي لم يتفاعل مع هذه الإساءات، وشخصه ما زال قائما، وهذا يدلل على أن أزمة الصحفيين السودانيين..أزمة عويصة!! فإذا لم يستطيعوا تغيير محي الدين تيتاوي فأي تغيير شامل يحلم به المدفعجية أمثال حيدر المكاشفي وصلاح عووضة، وطاهر ساتي، والسليك، وعبد الله الشيخ، ومرتضى الغالي، وشبكة الصحفيين عموما؟ بل ماذا يقول الصحفي فيصل محمد صالح نصير الصحفيين؟ يقول إنهم لن يقاطعوا الصحفيين السلبيين "إياهم" لأنهم يحتاجونهم. وهذا أغرب تبرير لصحفي إطلاقا تجاه صحفيين يتماهون مع سياسات المؤتمر الوطني.
السيدة الفاضلة رباح مثلها ومثل الصحفيين ما زالت تستخدم كلمة "الشعب السوري" بدلا من "الإرهابيين" في مقالاتها فهل تحتاج السيدة إلى الانتظار حتي يعترف رأس الأفعى هنري كيسينجر أن الشعب السوري يحب رئيسه حافظ الأسد؟ هل أصابها الإحراج من اعتراف كيسينجر؟ القضية السورية واضحة يا سيدتي رباح!! بشار الأسد ضرب وسيضرب بيد من حديد على المرتزقة الإرهابيين الذين زجوا بهم في سوريا. فلماذا تصرين يا سيدتي رباح على تسمية هؤلاء المرتزقة بالشعب السوري؟
لقد أخطأت السيدة رباح حين ترى أن قطر بدلت موقفها من سوريا، وهذا التصور هو عين عدم الإلمام السياسي بحقيقة قطر، وطالما كتبت أنا شخصيا بشكل مطول في حقيقة قطر منذ سنوات عديدة. ونقول ليس هنالك صراع عدائي قاتل أو مدمر ما بين قطر والسعودية، بل يوجد دور قطري بريطاني خفي منذ 1997م لعصرنة السعودية وجرها لإنقاذ نفسها من شرور نفسها عبر قناة الجزيرة والمواقف السياسية الخليجية المتباينة!! أما قولها "إرسال أمير قطر رئيس وزرائه في 2 أبريل 2011م لدمشق ليؤكد وقوفهم معه بقوة” كإشارة لموقف قطر الإيجابي من سوريا، إنما هي حركة مخادعة من البغلين القطريين طبقا لقانون القوة envelope your enemy in smoke؛ رغبوا في تخدير بشار الأسد، وحين يجد جد المؤامرة ويحمى وطيسها يكون الوقت قد فات على الضحية كأن تدافع عن نفسها – وهذا ما فعلوه بمعمر القذافي حين باغتوه.
ولكن السيدة رباح هي محقة في الموقف الانتهازي للمؤتمر الوطني، حين خدع المؤتمرجية فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، وزعموا له أن موقف السودان يصطف مع النظام السوري!! وكما قالت:
(هذا الموقف لم يصمد أسبوعا وحيدا، فقد سُمح لموكب هزيل بالخروج من الجامع الكبير في الخرطوم يوم 28 أكتوبر وهو يوم جمعة النصرة لسوريا التي دعا لها الدكتور يوسف القرضاوي، وكانت التظاهرة المؤيدة للثورة السورية محروسة بالقوات الشرطية التي تقمع في العادة أي تجمع لا يرضي السلطات. تكون الموكب من علماء السلطان وأشياعهم المملوئين بغباين مواجهة مذهبية خليجية لم نعرفها في السودان ولا عشناها وهم يهتفون: لا علويين ولا إيران المسلمين في الميدان! ثم سرعان ما وقف السودان وقفته المساندة لإدانة سوريا داخل جامعة الدول العربية في نوفمبر وكانت المفاجأة على سوريا ووزير خارجيتها عظيمة فذكّر رأس دبلوماسيتنا بأيام الدعم السوري للسودان!).
ولكنها برأت الدابي رغم قدحها فيه دون أن تدري، حين تقول: (تحت أجواء الانسحاب السوداني من أي دعم سوري تمت تسمية الفريق الدابي، وذهب في وفد للجامعة العربية لمراقبة الأوضاع هناك. أما بقية القصة فمعروفة). هل معنى ذلك أن الدابي خالف حكومة المؤتمر الوطني، ووقف ضد توجهاتها؟ اللهم نعم.
ولكي تعالج السيدة رباح هذه النقطة أعلاه في غير صالح الدابي ولكي لا يبدو إنها تناقض نفسها..أخذت تبحث في جينات الدابي الوراثية وصفاته المكتسبة، وتفسر أن وقوفه مع الحقيقة العارية في الساحة السورية يتماهى مع ثقافته الشخصية!!
قالت: (..إذ أصر الدابي "وحده" على رواية أطربت النظام السوري بما أثبت من وجود مسلحين (الجيش الحر) وأن (العنف الذي تمارسه الشرطة والجيش يأتي كرد فعل). نسأل: بالله كيف يكون وحده؟ هل يكتب الدابي التقرير وحده؟ هذا ليس صحيحا، بل التقرير النهائي يكتب بحضور كافة المراقبين وسكرتارية تنفيذية ويضعون معا خلاصة تقارير المراقبين في تقرير واحد شامل a summary or briefing. وحقا ذكر تقرير الدابي النهائي وجود مسلحين (الجيش السوري الحر – كما يسمون انفسهم)، وهذه هي عقدة المنشار التي ما كان على الدابي أن يذكرها في تقريره لو باع نفسه!! حتى لو باع نفسه فكيف يتجاوز خمسمائة مراقب؟ وسنرى في الفقرة التالية ماذا يقول علي بلحاج وهو عضو مراقب في لجنة الدابي!!
فتحي بلحاج ناشر صحيفة "المسيرة" التونسية وناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس "الملتقى الأدبي العربي الأوروبي" وعضو "اللجنة العربية لحقوق الإنسان"، شارك مؤخراً في لجنة المراقبين العرب الذين أرسلتهم الجامعة العربية إلى سورية ولكنه أستقال من تلك اللجنة قبل انتهاء مهمتها، ووصف عمل المراقبين العرب بأنه كان مطلوباً أن يكون جزءاً من مسرحيةٍ دوليةٍ خططت لها جهات خارجية، وسهرت على تنفيذها دول مجلس التعاون الخليجي، وأما الهدف فهو جلب التدخل الخارجي إلى سورية مثلما حدث في العراق وفي ليبيا.
الناشط التونسي المعروف بدعمه الكامل لنضال الشعب السوري السلمي من أجل الحرية والديمقراطية، لم يكن في أي يوم من الأيام من المعجبين بالنظام السوري، وهو عضو في اللجنة العربية لحقوق الإنسان المعروفة بإنتقاداتها الشديدة لممارسات النظام في سورية..، ومن قادة تلك اللجنة الحقوقية المعارض المعروف هيثم المناع وهو زميل لفتحي بلحاج في العمل الحقوقي.
إثر عودته من دمشق إلى تونس عقد بلحاج مؤتمرا صحافيا عرض فيه النقاط التي وردت في تقرير فريق الدابي عن الأوضاع في سورية، فسارعت الجماعات العنفية والمتطرفة في تونس إلى تهديد السيد فتحي بلحاج بالقتل لأنه كلامه عن وجود مسلحين وإرهابيين في سورية لم يعجب التكفيريين. لبقايا المجرمين نقول تهديداتكم لا تخيفنا "نقول قول الحق غير خائفين ولا مترددين كنا ولا زلنا مع "ثورة" شعبنا في سوريا، كنا لا زلنا ضد جماعات التطرف من أي جهة كانت... مصلحة أمتنا العربية أولاً... وحقوق الإنسان وخاصة حقه في الحياة قاعدة تفكيرنا”.
عربي برس طرحت بعض الأسئلة على الأستاذ بلحاج الموجود حالياً في باريس، وحصلت منه على الأجوبة التالية:
س: رغم الانتقادات العنيفة التي وجهتها للجامعة العربية بشكل عام ولدول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص إلا أن وسائل الإعلام العربية لم تتابع ما ذكرته عن الوضع في سورية، فهل لك أن تعيد ما قلته علينا؟
بلحاج: لقد تحدثت مع وسائل الإعلام التونسية وبعض الفرنسية والعربية عما رأيته في سورية، وقلت أن نفي وجود مسلحين يمارسن العنف ضد المدنيين وضد العسكريين السوريين يعتبر ضرباً من الجنون، لأن وجود المسلحين كثيف لدرجة لا يمكن إخفائه وأسلحتهم أكثر فعالية ضد المواطنين السوريين وضد العسكريين مما يَعتقده البعض، وقلت أن الوجود المسلح لفصائل معارضة في سورية ليس وجوداً عارضاً ولا عفوياً، بل هو عمل إرهابي منظم له حيثياته وتشكيلاته، وما يقال عن "الجيش الحر" وعن انشقاق عناصره عن الجيش السوري النظام لا يطابق الواقع لأن "الثورة" السورية الشعبية السلمية شيء والإرهاب شيء آخر، ونحن إن كنا مع "الثورة" السلمية ومع المطالب المحقة والطبيعية للشعب السوري إلا أن استغلال الإرهابيين "لثورة" الشعب السوري من أجل السيطرة على البلاد واستجلاب التدخل والاحتلال الأجنبي لن يكون أمراً مقبولاً من قبل أي عربيٍ شريف، و لن يكون مقبولاً خاصة من قبل سوريين يسعون لنيل الحرية لا لتخريب بلادهم ووضعها تحت الاحتلال.
س: ما الذي رأيته في سورية؟
ج: رأيت شعباً يسعى إلى الحرية ولكني رأيت أيضاً مسلحين تابعين لمنظماتٍ إرهابية يسيطرون على أحياء، ويمارسون التعسف والقتل والقنص والإرهاب ضد المواطنين.
س: الم تنقل وجهة نظرك إلى مسؤولي الجامعة العربية؟
ج: من خلال ما شاهدته من تعامل غير مقبول من قبل الجامعة العربية مع نتائج عملنا في سورية وصلت إلى قناعة أن عمل لجنة المراقبين العرب في سورية لم يكن هدفا حقيقيا للجامعة العربية، بل كنا جزءاً من مسرحية خطط لها الخارج وتبنتها دول الخليج لتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن بهدف تكرار سيناريو ليبيا أو العراق في سورية، وهذا برأيي هو هدف خليجي – أميركي ولا يمكن أن يكون إحتلال بلد عربي مثل سورية في مصلحة شعبها الساعي إلى الحرية والديمقراطية.
س: بماذا تعلق على قرار الرئيس السوري بشار الأسد دعوة الشعب السوري إلى الاستفتاء العام على الدستور؟
ج: أنا لدي قناعات واحدة عن كل الدول العربية، وأنا مع تحقيق مطالب الشعوب العربية بعيدا عن القمع الرسمي وبعيدا عن التدخل الخارجي، وأنا أتابع الإعلام السوري وأرى بأن تحرير الإعلام أهم من الاستفتاء على الدستور، وأي مقياس يمكن من خلاله فهم التقدم نحو الديمقراطية والحرية والإصلاح في أي بلد عربي لا يمكن لي أن أقتنع به إن لم يكن ظاهراً في وسائل الإعلام. في سورية يتحدثون عن الإصلاح وعن دستورٍ جديد وعن انتخابات، فأين انعكاس ذلك الإصلاح في الإعلام السوري الذي لم أرى فيه حتى الساعة رأيا معارضا واحدا ؟ أين المعارضين على الشاشات الرسمية وأين الرأي والرأي الآخر في إعلام سورية الخاصة والحكومي؟ وأين الديمقراطية التي تقدم للناس خيارات أخرى غير الخيار الإعلامي والخطاب الإعلامي الرسمي؟.
أنا أرى أن أي ديمقراطية لا يواكبها تحرير الأعلام وأن أي إصلاح وأي تغيير لا يبدأ أولا في الإعلام فلن يكون له نصيب من النجاح، وحين أرى المعارضين في الإعلام السوري سأقتنع أن الإصلاح بدأ، وحين أرى أن المعارضين الخارجيين للنظام يظهرون في الإعلام السوري حينها فقط سأعطي رأيي الإيجابي عن الإصلاح والتغيير نحو الأفضل في سورية، وأنا أستغرب كيف لا يستضيف الإعلام الرسمي أعداء النظام ليفضح منطقهم إن كان يرى أن منطقه هو الصواب.
س: هل تعتقد أن الأوضاع في سورية تُستغل من قبل الخارج؟
ج: بالتأكيد هناك أزمة داخلية شديدة القسوة في سورية، ..ولكن الأزمة التي ولدَّتها هذه الأسباب الداخلية للثورة سهلت للخارج التدخل في سورية والتآمر على ثورتها الشعبية المحقة، وأنا أرى أن هناك مبالغات إعلامية مقصودة حول الأوضاع في سورية، العنف الذي يتحدثون عنه في الإعلام هو أقل بكثير مما تنقله وسائل الإعلام وهو عنف من طرفين يجب أن يدانا ويجب أن يحاكم وينال عقابه من قام بقتل المدنيين وبالتعدي عليهم ولكن ذلك لم يتم بفعل طرفٍ واحد بل حصل على يد الطرفين. نعم هناك مؤامرة دولية على الشعب السوري وعلى مستقبله وأدوات تلك المؤامرة هم دول الخليج الذين استخدموا الجامعة العربية للوصول بالقضية السورية إلى مجلس الأمن.
مفكرة شخصية: فتحي بلحاج يحيى
من مواليد تونس عام 1963 حاصل على دبلوم في الدراسات الأدبية من جامعة تونس، وحاصل على ماجستير في العلوم السياسية والفلسفة من الجامعات الفرنسية. انتخب رئيسا للملتقى العربي الأوروبي عام 2005 مشرف ومحرر موقع "المسيرة العربية" الالكتروني ذي التوجهات القومية التحررية الوحدوية.
المصدر: عربي برس.
هكذا شهد شاهد من أهلها!! ومع ذلك، كررت الأستاذة رباح كثيرا في مقالها تماهي الدابي مع ثقافته الشخصية ربطا بجرائم المؤتمر الوطني في دارفور..كقولها “نعم إن الدابي لم يأت إلا بما يتسق وتجربته ومعارفه وقيمه في بلاد تسوس شعوبها بالحديد والنار”، وقالت: “كلام الدابي لا يستغرب، إذ يبرر عنف الدولة”.. ونحن نكتفي بذلك من قولها!!
وماذا عن قضية الضعين ربطا بوالدها المحترم في الديموقراطية الثالثة؟ الم يكن عنفا للدولة؟ يا سيدتي أتركي العالم العربي، وانظري كيف تعامل بريطانيا، وإيطاليا والولايات المتحدة المتظاهرين وقوى السلام والبيئة في السنوات الماضية – خاصة إيطاليا وقت وقفت الشعوب الغربية ضد المذابح التي كانت وما زالت تحدث في العراق!! وشتان ما بين هذه الديمقراطيات الراسخة والوضع السوري الذي يعتبر وضعه دقيقا وحساسا وفي عملية توازن إستراتيجي حرجة مع الكيان الصهيوني، فلمصلحة من يهتز هذا التوازن؟ فالقضية السورية إذن لا يمكن مقارنتها بالوضع الديموقراطي في السودان وقتها وحادثة الضعين، أو المؤتمر الوطني الذي يذبح السودانيين هذه الأيام فقط بوهم هيبة الدولة!! ومع ذلك كله نقول لا بأس على السيدة رباح وقد بدأت لها الصورة البانورامية للقضية السورية تتضح بالتدريج. ونكرر مرة أخرى ونذكرها إذ ليس أسقاط النظام السوري هو المطلوب فحسب، بل المطلوب تقسيم سوريا وإنهاء القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل!!
ونذكر الأستاذة رباح بلطف أن موقفي السياسي من القضايا العربية والسودانية لا يتوقف على مقالة هنا أو هنالك في الأنترنيت رغم أهمية الأنترنيت، فشخصي لا يحتاج إلى انتظار ما يمن به علينا هنري كيسينجر أو غيره حتى يفهم، فالصورة العربية الإقليمية والدولية بالنسبة لي ماثلة وواضحة بما فيه الكفاية ومنذ سنوات طويلة!! وهذا يرجع إلى الإخلاص والصدق مع النفس ومع البحوث لسنوت عديدة أعطيتها من عمري!! هذه الصفات مع الأسف لا توجد في السودانيين كثيرا، فموقف السياسيين أو الإعلاميين السودانيين عادة يتماهى مع الكسل أو الثمن المقابل!! ومع الأسف يحكم السودان في الوقت الحالي جهلة..وإني أعيذ بالسيدة الفضلى رباح أن تكون من الجاهلين!!
وماذا عن السيد الصادق المهدي؟ ما زلت عند رأي أن موقف السيد الصادق المهدي من النظام السوري هو محض مجاراة لواقع إقليمي ودولي ثقيل عريض لا يستطيع الوقوف ضده حتى لا تغلق الأبواب في وجهه؛ فقضية المجاراة الاضطرارية ليست محصورة في عضويته في المنظمة العربية للديمقراطية كما أشرت في إحدى مقالاتي إشارة خفيفة، وكما قالت السيدة رباح أنه ترك هذه المنظمة، وأن الشيخة موزة بنت مسند تترأسها – وهذه معلومة جديدة بالنسبة لي، بل نجزم أن هنالك منظمات أخرى أهم من "المنظمة العربية للديموقراطية" تلعب دورا مؤثرا ومهما في قرارات السيد الصادق المهدي. لنرى أولا المناصب التي يتقلدها حاليا السيد الصادق المهدي:
1. رئيس مجلس إدارة شركة الصديقية.
2. رئيس حزب الأمة القومي المنتخب في فبراير 2009مم.
3. إمام الأنصار المنتخب في ديسمبر 2002م.
4. عضو مؤسس ورئيس المنتدى العالمي للوسطية في ديسمبر 2007م (الأردن). ومن عضويتها القرضاوي www.wasatyea.net
5. عضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد www.clubmadrid.org
6. رئيس مجلس الحكماء العربي للحلف العربي لفض المنازعات. www.mangazine.hulf.org
7. عضو في المجلس العربي للمياه وعضو بمجلس أمنائهwww.arabwatercouncil.org
8. عضو بالمجموعة الاستشارية العليا الخاصة بمجموعة العمل الدولية للدبلوماسية الوقائية.
9. عضو في المؤتمر القومي الإسلامي، بيروت.
10. عضو سابق في المجلس الإسلامي الأوربي، لندن.
11. عضو مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي(الأردن): www.aalalbayt.org
12. عضو سابق في جماعة الفكر والثقافة الإسلامية، الخرطوم.
13. عضو مؤسس بشبكة الديمقراطيين العرب.
14. عضو مؤسسة ياسر عرفات،
15. عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية (الأردن): www.nchr.org.jo
لا يغيب عن ملاحظة السياسي المتفحص أن غالب هذه المنظمات الإقليمية أعلاه تدار بأموال خليجية، وترتبط مباشرة بالإستراتيجيات والأهداف الخليجية، وإن تركزت بعض هذه الأنشطة في أو حول الأردن. فخذ مثلا مؤسسة أل البيت الملكية للفكر الإسلامي – فمن أسمها تدين نفسها، فمتى كان محمد بن عبد الله ملكا؟ ومن في ذريته على مدار التاريخ الإسلامي أدعى الملوكية؟ الحقيقة الغائبة هي أن العائلة المالكة الأردنية أصولها تركية ولا تمت للهاشميين لا دما ولا نسبا ولا تاريخا. وتحذير الملك الراحل حسين من الهلال الشيعي (!) في الشام ماثل في الأذهان، فكيف تكون هذه العائلة هاشمية؟ هل هنالك هاشمي يحارب نفسه، ويحارب شيعة أهل البيت؟ ولكن أهم أحد المؤثرات على السيد الصادق المهدي هو نادي مدريد، ويمثل النادي كابينيت cabinet للتأطير السياسي المقولب ظاهريا لدعم الحريات والديموقراطية، فعضويته محصورة في أثنين وثمانين من رؤساء أو رؤساء وزارات من ستين دولة، سابقين أو حاليين فقط مع استثناء كوفي عنان!! إرضاء هذا النادي بالنسبة للسيد الصادق المهدي أهم من إرضاء النظام السوري، بل أهم من إرضاء الشعب السوداني نفسه!!
http://www.clubmadrid.org/en/miembro/sadig_al_mahdi
وبشكل غريب لكي تدين النظام السوري شبهته السيدة رباح بالنظام السوداني الحالي في النوع والمقدار؛ فقط لكي تقنع نفسها أن الدابي حين يجلس في الخرطوم يتخيل نفسه في دمشق، أو حين يكون في دمشق يتخيل نفسه في الخرطوم!! فالنظامان شيء واحد بالنسبة لها!! وبصراحة، هذه قسمة طيزى!!
وبصراحة، أغنتني شهادة هنري كيسينجر قوله: لم يهزمني ولم يقهرني أحد في حياتي سوى حافظ الأسد!! ومع ذلك، يستغرب هنري كيسينجر لم يحب الشعب السوري ابنه بشار!! وكذلك أغنتني شهادته أن لسوريا من القمح ما يسد حاجة شعبها خمسة سنوات – يا لخيبة رجاء السودانيين في نهضة علي عثمان الزراعية!! وتأملي دهشته بناء النظام السوري بنية تحتية عملاقة رغم أن سوريا ليست بترولية – ولا تسألي كم أبتلع رجال المؤتمر الوطني من دخل البترول السوداني!! والعلاج في سوريا مجاني والدراسة الجامعية مجانية الخ يكفي المؤتمر الوطني من العار أن طبق صابر محمد حسن شروط صندوق النقد الدولي في خفية ومن خلف ظهر الشعب السوداني. فكيف تقارني دولة المؤتمر الوطني بالدولة السورية؟ مقارنة سوريا بنظام دولة المؤتمر الوطني...سيدتي رباح...خليها مستورة على طريقة على الحاج!! ولن يعفيك الغناء بديموقراطية نادي مدريد، ولن تكون هي المبرر لسحق النظام السوري – لقد جرب العرب مدريد عام 1992م فكانت نتائجها تجفيف منظمة ياسر عرفات من التمويل ولم يتركوه إلا جثة هامة بعد تسميمه والسيد شيمون بيريز عضو نادي مدريد!! تبا لهذه الديمقراطية وتب!!
قالت السيدة رباح عن ديمقراطية نادي مدريد: “الديمقراطية والحرية التي يؤمن بها (الصادق المهدي) هي التي تحتم عليه مساندة "الشعب" السوري هضيم الحقوق سليب الحريات. وتحتم ذلك الموقف على كل حر..وليس منا من هو في حاجة لشهادة الدابي ولا لجنته، إن الميديا الجديدة جعلت من مشاهد الثورة والقمع الوحشي مادة متاحة لكل ذي عينين”.
الميديا الجديدة!! ألم تشاهد السيدة رباح إحدى الفضائح بقناة الجزيرة حين طير الهواء "جثة" من سرير يحمله ثوار القرضاوي..ولم تكن الجثة سوى كيس محشو بالأوراق والخرقات الخ وتكرر هذا المنظر مرارا في خلفية برنامج حواري دون أن يلاحظ أصحاب الغفلة بالأستوديو القطري؟! ما رأيها في هذه الفضيحة الإعلامية؟ من حقنا أن نسأل حين تنكر السيدة رباح التزييف الإعلامي حول ما يدور في سوريا وقد شهده وأكده كل العالم عن موقع السيدة رباح من صحيفة الرأي العام الحكومية. فمنطقها هو نفس منطق السلفيين والمؤتمر الوطني. ونسألها لم لا يكون لحزب الأمة صحيفته الخاصة؟ وهل لحزب الأمة القومي نسبة أسهم في صحيفة الرأي العام مثله ومثل شقيق عمر البشير الذي أشترى الحصة الأضخم من أسهم العتبانية؟
ثم يا سيدتي هل التغني بالحريات والديموقراطية يكفي؟ هل أستطاع حزب الأمة أو غيره في كل تاريخهم بناء دولة مدنية قوية مصونة من الانقلابات العسكرية؟ أعتقد رفع شعار الحريات والديموقراطية في شبه دولة هي خراب منذ الاستقلال أو هي مثل السراب لا يعطي أحدا من السياسيين ميزة على الآخر – ولا حتى للسيد الصادق المهدي!!
لكن أكثر ما كتبته السيدة رباح من شاعرية سياسية هو: (ومهما كانت نوايا الثعلب الأمريكي وخططه ومواقف قطر وأسبابها، إلا أننا لا نطمئن لفكرة المؤامرة الخارجية لأنها إذ بحق تفضح ما وراء صائدي العالم، فإنها تتغاضى عما يصنع الصائد الأول: الحكومات الاستبدادية، فإن كنت ممانعا للاحتلال الإسرائيلي والغزو والتمزيق الأمريكي لعالمنا، فلا أقل من أن تكون ممانعا للاحتلال الداخلي للشعوب وإذاقتها الذل والهوان..).
هكذا ساوت السيدة رباح ما بين الصياد الأول والصياد الثاني، أي ما بين بشار الأسد وحلف الناتو. وفي تقديرها أن "الشعب السوري" سينجو من الصيادين الاثنين – الصياد الداخلي والخارجي. لم تخط السيدة رباح هذه المعادلة السياسية إلا على فرضية المساواة ما بين النظام السوري ودولة المؤتمر الوطني!! فالسيدة رباح ترى القضية السورية مع القليل من التحوير في عبارتها (من جنس قضية ما ابتلينا به ونبتلى يوميا من دولة المؤتمر الوطني، ومع ذلك لم يمر بخاطر السيدة رباح تحديد الموقف من ثورة تحررية سودانية مطلوبة طال انتظارها من الشعب السوداني، لأن الخوف من الحرب الأهلية والتمزق المذهبي والعشائري والطائفي يعتور الجميع، مما يجعل البعض من القادة السودانيين مثل الصادق، والترابي الخ مترددين خائفين على نسيج الوطن!!).
إذا كان هذا هو تفكير السيدة رباح الخوف على النسيج الوطني..وهو نفسه تفكير الأستاذة أم سلمة، والسيد الصادق وحزب الأمة القومي..فلا يستغرب أحدكم تقاعس حزب الأمة ومجافاته لسنة التطور وقيام ثورة داخلية من قبل أعضائه يطالبون باستقالة رئيس الحزب. ولا نحتاج لتذكيرهم أن أثيوبيا تفوقت على السودان بمراحل في مجالات عدة، بل ستتفوق علينا دولة جنوب السودان في القريب العاجل. واتركوا إيران جانبا التي في خلال أثنين وعشرين عاما أخذت ترفع أقمارا اصطناعية وفلقت الذرة. لذا نهمس في إذن السيدة رباح أن الظرف الموضوعي لانتفاضة سودانية تحررية ناضج وقائم، ولكن العقبة الكؤودة هي في الإرادة الذاتية للقادة المشغولين بأوهام منظمات خارجية وأعني قطعا الثنائي السيد الصادق والشيخ الترابي!!
وبصراحة نقولها للسيدة الفضلى لا خوف على سوريا وشعبها ونظامها القوي، وكما أفشل السوريون "الخيار اللبناني" في الأعوام 1974-1992م ستفشل سوريا وشعبها إن شاء الله "الخيار الأردني" الحالي في عام 2012م – سنوزع الشربات يومها، والعاقبة عندكم في المسرات!! وكل ميسر لما خلق له، وكل بما لديه فرحون.
وفي الختام نذكر السيدة رباح أن انشغال السيد الصادق المهدي بهذه المنظمات الخارجية هو ضرب من الهروب والعجز في التعامل مع المشكل الداخلي، فبالله كم يتبقى له من وقته لحزبه، وللشعب السوداني وللسودان؟ بل كم تبقى من العمر؟ ثم الجلوس في هذه المنظمات هو ضرب من البحث عن الاعتراف بالذات من قبل المجتمع الآخر العالمي social recognition، ولقد فات على السيد الصادق المهدي أن الاعتراف الدولي أو العالمي بذات شخص ما لا يحدث عبر حرق المراحل والقفز عليها؛ فالطريق إلى العالمية يمر بالمحلية. كل العظماء في السياسة والاقتصاد أنجزوا أولا محليا ثم اجبروا العالم على احترامهم بدءا بعبد الناصر، وفيدل كاسترو، وغاندي، ونهرو، والخميني، ومهاتير محمد..وانتهاءا بمحمد يونس مؤسس بنك الفقراء في دولة بنجلاديش!! ويكفي حافظ الأسد رحمه الله فخرا اعتراف هنري كيسينجر على أنه الرئيس العربي الوحيد الذي هزمه وقهره في آن واحد!! ولماذا أنهزم وأنقهر هنري كيسينجر؟ لأن الأسد أفشل له مشروع "الخيار اللبناني" 1974-1992م!! هذه النقطة لها علاقة بعبد الوهاب الأفندي اللندني الذي استشهدت به الأستاذة أم سلمة.
الأفندي، وليس الخصم القوي هنري كيسينجر، من عاير الجيش العربي السوري بأنه كان يتفرج علي دخول الإسرائيليين بيروت عام 1982م. وهذه بالضبط عبقرية حافظ الأسد لعدة اعتبارات لن يستوعبها عقل الأفندي الصغير!! اولها لو دخل حافظ الأسد عام 1982م في مواجهة عسكرية مع الإسرائيليين في بيروت لكان أول من يطعنه من الخلف دول الخليج والنظام المصري والأردني والعراقي!! وثانيها، في عام 1982م كانت هنالك حرب أخرى تدور ما بين العراق وإيران – ولم تصل إيران بعد نقطة قوة التصنيع الحربي للسلاح ذاتيا، فالتوازن التسليحي الإستراتيجي ما زال وقتها في صالح الخصم الإسرائيلي، وثالثها إن المهمة (الخفية!) للجيش السوري في لبنان وقتها هي منع زوال الدولة اللبنانية وتبخرها..وهذا هو الذي قهر هنري كيسينجر لأنه هو مهندس الخيار اللبناني!! بل كانوا ينتظرون دخول حافظ الأسد في مواجهة عسكرية مع الجيش الإسرائيلي في لبنان ولم يك التماس سوى فخ مبرمج لحرب واسعة تشمل سوريا نفسها..ويسحق فيها الجيش العربي السوري بكامله!! لذا ترك حافظ الأسد مهمة سحق الجيش الإسرائيلي الغازي لبيروت للمليشيات السورية واللبنانية والفلسطينية والعربية..ودعمها من الخلف!! واعتمادا على خيار المقاومة الشعبية هذه..نشأت مقاومة أمل وحزب الله فتغير تاريخ منطقة الشام بكامله – ومعه مصير دولة إسرائيل. خطاب السيد حسن نصر الله الأخير ارعب الإسرائيليين رعبا كبيرا!! عموما، لم تستطع القوات الإسرائيلية البقاء في بيروت سوى سويعات وولت هاربة وارتكزت في الشريط الجنوبي على الحدود، وأسست جيشا للعميل أنطوان لحد!! عقل الأفندي الصغير لا يستوعب العقل السوري..هذه مشكلته!!
من يرغب قراءة مقالة السيدة رباح الصادق ليدخل هذه الوصلة:

http://www.rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=1249&id=103430
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.