الاغاني والاناشيد الوطنية والتي تحمل دلالات سياسية كثيرة في بلادنا ومتغيرة وفقا للتغيرات السياسية التي مرت على السودان . فعادة تحاول الانظمة الدكتاتورية طمس الاغاني الوطنية التي تظهر في الديمقراطيات وهي غالبا تمجد الشعب وجسارته وتتغنى للحرية والديمقراطية والشعراء الذين ينظموها شعراء وطنيون والمطربين الذين يؤدونها مطربين كبار و لهم مواقف سياسية جيدة ، وبالمقابل الاغاني والاناشيد التي تتغني للدكتاتوريات فهي تركز على تمجيد وتملق الفرد الذي يكون على راس النظام الديكتاتوري وشعرائها انتهازيين متملقين ويؤديها مطربين لا وزن لهم او تربطهم علاقة ما مع النظام القمعي . فنجد ان الاغاني والاناشيد الوطنية العظيمة التي اعقبت ثورة اكتوبر 1964 التي اطاحت بالحكم العسكري الاول ، حاول نظام النميري طمسها باناشيده واغانيه التي منها النشيد الذي يخاطب النميري ( خليتنا نهز والعزة تهز كل كيانا ، ويا مايو حبيب زي امي وابوي زي اختي واخوي ) ولكن لم تمحو هذه التراهات من ذاكرة الشعب السوداني اغاني بقامة (الملحمة) او ( اكتوبر الاخضر) وغيرها من اغاني اكتوبر المجيدة التي تغنى بها كبار المطربين السودانيين بل واندثرت بعد الانتفاضة في ابريل 1985 ولم تصمد امام اغاني الانتفاضة العظيمة (بلى وانجلى)(ياشعبا لهبك ثوريتك)(مساجينك) (عرس السودان) وغيرها من اغاني الانتفاضة العظيمة . اما في زمان المهازل هذا حاول النظام ان يفرض علينا ادبياته عبر قناتنا الفضائية التي استولى عليها فظهر الدين لاول مرة في الاناشيد والاغاني ، وقبل ايام اعادوا الينا شاعر فلنأكل من ما نزرع والمطلوب للعدالة الدولية عبد الرحيم محمد حسين يبتسم ابتسامته البلهاء المقيتة ولكن لم نسمع من القصيدة مقطع ( قزافي وعمر اجتمعوا ) لعل المانع خير . والجديد الفاصل الغنائي المعتاد الذي يقدم على ايقاع (السيرة) ليرقص (الكبير) بعد ان يخاطب الجموع بكلمات توصفها الدارجية السودانية ( بعكاكيز الركب) يؤديها بعض عاطلي الموهبة من الذين يتأبطون (الاورغن) ويتجهون حيث ما حشد النظام البسطاء وتلاميذ المدارس . طارق محيسي