· كعادة بلد العجائب فوجئنا بالأمس بخبر يقول أن مؤسسة الرئاسة السودانية دخلت كطرف أصيل في قضية الساعة!! وتكرم أعلى ثلاثة في هرم الرئاسة علينا بمبادرة كريمة لنقل مباريات الدوري الممتاز!! · يا لفرحتنا بالمبادرات الرئاسية في هكذا أمور هامشية لا تمت لهموم وآلام وأوجاع الشعب السوداني الأساسية بصلة. · رئيس دولة ونائباه يرعوا اتفاق بين اتحاد كرة وقناة فضائية لنقل مباريات في كرة القدم! · لا أعني بذلك أن الموضوع لا يهمنا كثيراً، بل على العكس، لكننا لا نجد مبرراً لأن يتحول موضوعاً بهذه البساطة إلى قضية ساعة تقتضي تدخل الرئيس ونائبيه، وهو شيء لا يجد المرء له مثيلاً في بلد غير السودان. · والمضحك المبك أن رئيس اتحاد الكرة الدكتور معتصم جعفر صرح بعد توقيع الاتفاق بدون أدنى خجل مشيداً بمؤسسة الرئاسة السودانية وحرصها الكبير على نقل مباريات الدوري الممتاز وقال بأن ذلك يؤكد تماماً اهتمامها الكبير بالرياضة السودانية عموماً وكرة القدم على وجه الخصوص. · دعك من مؤسسة الرئاسة يا دكتور معتصم وحدثنا عنكم أنتم كإتحاد معني في المقام الأول بكرة القدم السودانية المفترى عليها وقل لنا ماذا فعلتم من أجلها؟ وما الذي دفعكم لأن تجعلوا من قضية في منتهى البساطة أزمة تستوجب التدخل الرئاسي؟! · فعلاً عالم تخاف ما تختشي يا دكتور. · ولو كنت مكانك للزمت الصمت المطبق بعد كل هذا الاستهتار بجماهير الكرة والتجاهل التام واللا مبالاة في التعامل مع هذا الملف لمجرد أنكم شعرتم بأن دخل المباريات أفضل من التعجيل بالاتفاق على حقوق البث بعد أن تدخل الوزير بما لا يعجبكم. · أما حكاية اهتمام الرئاسة بالرياضة السودانية وحرصها الدائم عليها فهذا حديث مجاملات تعودنا على سماعه من كل من يفتح الله عليه ب ( مايك) للحديث لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة أو تُفسح له مساحات في إحدى صحفنا اليومية، وهو حديث لا يقنع لأن الوقائع كلها تكذبه. · فبالأمس القريب قرأنا عن فشل اتحاد ألعاب القوى في إرسال فريقه المشارك في البطولة الأفريقية الثانية لسباق الضاحية بجنوب أفريقيا بسبب انتهاء صلاحية كروت الحمى الصفراء. · وقيل أن موظف الخطوط الأثيوبية رفض اكمال إجراءات سفر أفراد الفريق وأعادهم من المطار لأن أهل جنوب أفريقيا يعيدون كل من لا يحمل هذا الكرت. · وكعادة مسئولي الرياضة ونظرائهم في المجالات الأخرى في البلد خرج علينا سكرتير اتحاد ألعاب القوى اليوم بحديث لا يدخل عقل طفل غض حيث قال أن كروت الحمى الصفراء لأعضاء الفريق لم تكن منتهية الصلاحية. · والمثير للضحك والسخرية والاشمئزاز أنه أراد أن يدلل على صحة كلامه فخرج علينا بحديث فيه الكثير من استصغار العقول. · قال سكرتير اتحاد ألعاب القوى أن كروت اللاعبين لو كانت منتهية لما منحتهم سفارة جنوب أفريقيا تأشيرات الدخول. · هذا طبعاً تلفيق و ( هضربة ) لا قيمة لها، فمعظم سفارات الدنيا لا تسأل عن كروت الحمى الصفراء عند إصدار التأشيرات، بل هو أمر من صميم عمل موظفي خطوط الطيران ولا علاقة له بالسفارات. · والأغرب أن السكرتير المبجل بعد أن أكد أن الكروت سارية المفعول عاد وقال أن المسئول عن اللجنة المنظمة للبطولة ديفيد اتصل بهم هاتفياً مطالباً بضرورة مشاركة السودان، مشيراً على أن لجنته كانت قادرة على تدارك الموقف في حالة موافقة الخطوط الأثيوبية على سفر اللاعبين!!!! · ألا تتفقون معي أعزائي القراء في أن هؤلاء القوم يفترضون فينا جميعاً غباءً لا نظير له!! · أي موقف هذا الذي كانت ستتداركه اللجنة المنظمة للبطولة لو أن كروت الحمى الصفراء كانت فعلاً سارية المفعول يا سكرتير اتحاد ألعاب القوى!! · ألم يحمل الرجل دليل إدانة اتحاده وضعف حجته هو شخصياً وتأكيد زيف تصريحاته بعد أربعة أسطر فقط من حديثه عن شكواهم ضد موظف الخطوط الأثيوبية لمنعه أعضاء الفريق من السفر بدون مبرر؟! · لا أدري إلى متى سيستمر القائمون على أمر الرياضة في البلد في الاستهتار بعقول البشر، وإلى متى ستظل وسائل الإعلام مفتوحة لكل من يريد أن يملأها بأي غثاء دون التفكير ولو لدقيقة واحدة فيما يريد قوله! · وإن أرادت مؤسسة الرئاسة السودانية الخير بالرياضة السودانية فلتسعى لإعداد استراتيجيات وخطط واضحة ولتعين المؤسسات في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بدلاً من هذه الهرجلة اليومية وشغل الجوديات الذي ينزع فتيل أزمة ليشعل أخرى. · حتى عندما تدخلت الرئاسة لحل مشكلة بسيطة عقدها من ظنوا أنهم صاروا أكبر من الجميع، لم يكن الحل جيداً كما يفترض البعض. · فقناة السودان الفضائية قناة رسمية وليست مؤهلة لنقل مباريات الدوري الممتاز. · ونسأل السادة الرئيس ونائبيه: لو تصادفت مباراة في هذا الدوري الممتاز غداً مع لقاء جماهيري لأحدكم فلمن ستكون الأولوية يا تُرى؟! · أما حديث المدير العام للهيئة فلا يعنينا كثيراً لأنه سبق أن صرح قبل نحو عامين بقدرة القناة على نقل المباريات وأكد أنهم بصدد افتتاح قناة رياضية متخصصة لنكتشف بعد فترة وجيزة أن العاملين في القناة الحالية لا يتقاضون مرتباتهم، فأنى لهم أنهم يدشنوا قناة رياضية متخصصة! · الكلام ما بي قروش يا سيد حاتم.
