حسب تقرير مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية التي كانت ترافق قوات دولة جنوب السودان ، ومراسل صحيفة النيويورك تايمز ، فقد قصفت طائرات الأنتونوف السودانية مواقع في منطقة ابيمنوم بولاية الوحدة في دولة جنوب السودان ، صباح يوم الثلاثاء 10 أبريل 2012! وكلمة ( قصف ) تحتاج لتوضيح ، لأن المقصود أن طائرات الانتونوف ( طائرات شحن معدلة ) ترمي من فتحة في مؤخرتها قنابل ( عويرة غير مبصرة ) ، وبراميل تحتوي على متفجرات ! تقع هذه القنابل والبراميل خبط عشواء على المنطقة المراد ( قصفها ) ، ولكنها تؤدي الغرض المطلوب منها ! إذ يفزع المواطنون الآمنون ويبدأون في الهروب خارج قراهم ، تجنبا لهذه القنابل والبراميل الحارقة ! ليجدوا قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الإنقاذ ( الجنجويد في حالة دارفور ) بانتظارهم ، خارج قراهم ، للفتك بهم بعد ترويعهم ! طائرات الأنتونوف العويرة تحاكي راعي الغنم الذي يهش بعصاه علي غنمه لظبط مسارها ؟
هذه المرة ، تم دعم ( القصف ) الجوي بلواءين وستة عشر دبابة من جيش البشير بالإضافة لقوات الدفاع الشعبي ! غادرت قوات جيش البشير معسكر هجليج العسكري ، فجر الثلاثاء 10 أبريل 2012 ، وتوجهت جنوبا في ولاية الوحدة ، داعمة ومكملة لعمليات القصف الجوي ! وتركت هجليج عارية كما خلقتها أمها ، بدون أي دفاعات حربية ! حسب التقرير الصحفي ( الفرنسي – الأمريكي ) المذكور أعلاه ، تصدت قوات دولة جنوب السودان ، لهجوم جيش البشير البري ! فرت قوات جيش البشير ( ومعظمها من قوات الدفاع الشعبي والمليشيات غير المدربة ) شمالا ، أمام هجوم الجيش الجنوبي ، المدعوم بمستشارين عسكريين اسرائيليين ! استولى بعدها الجيش الجنوبي على جميع عتاد جيش البشير الهارب ( بما في ذلك الستة عشر دبابة ، ومدرعات وذخائر ) ! واصل جيش البشير ومليشياته الهروب شمالا ، متجاوزا هجليج ومنطقة خرسانة التي تبعد حوالي 23 كيلومتر شمال هجليج ، ودخل إلى مدينة كادوقلي ، عاصمة جنوب كردفان ... ووجه كل عنصر من عناصره عليه غبرة ، ترهقه قترة ! استولى الجيش الجنوبي على جميع آبار النفط في منطقة هجليج وأوقف الضخ ، وأقفل الأنابيب الناقلة للنفط دون شطفها بالمياه ، مما يعني أن النفط المتواجد داخلها ، بعد القفل ، سوف يتجمد ، ويصير إلى ظلط صلد ، وتصبح الأنابيب عديمة الجدوى وغير صالحة للإستعمال فيما بعد ... كيتن في الجلابة ! أعلاه ملخص لما حدث يوم الثلاثاء 10 أبريل 2012 ! 2 - التداعيات ! يفور الماعون السوداني الشمالي – الجنوبي بالتداعيات والمالات والنهايات غير مضمونة العواقب لواقعة احتلال هجليج بواسطة جيش الحركة الشعبية الجنوبية ! نذكر منها علي سبيل المثال وليس الحصر ، خمسة ، كما يلي : اولأ :
تنتج مجموعة آبار هجليج النفطية حوالي 30 ألف برميل في اليوم ، أي أقل من ثلث الناتج النفطي السوداني اليومي ، الذي لا يتجاوز 115 ألف برميل في اليوم ! هذه الكمية قد توقف ضخها من يوم الثلاثاء 10 أبريل 2012 ! لن يسقط نظام البشير هذا التوقف ، ولكنه سوف يضاعف الضائقة الإقتصادية لا شك، ويزيد من معدلات البطالة وبالتالي معدلات الفقر والمسغبة ! ثانيأ :
الأهم من ذلك ، وأم المصائب وحبوبتهم ...هي تجمد النفط في الأنابيب الحاملة للنفط من هجليج لبورتسودان ، والتي اغلقها الجيش الشعبي الجنوبي ، بدون شطف مائي ، لمنع تجمد النفط بداخلها !
حسادة كده ، وعشان تاني ! سوف تصير هذه الأنابيب غير صالحة للأستعمال ، بعد تجمد النفط الخام بداخلها ، اذا لم يتم شطفه مائيأ ، الان وحالأ ؟ ثالثأ : شم تحالف كاودا الثوري دم الرئيس البشير ، وقال حرم ! هدد المجاهد جبريل آدم بلال ( الخميس 12 أبريل 2012 ) بأن تحالف كاودا الثوري بصدد السيطرة على بقية آبار النفط في جنوب كردفان، لخنق نظام البشير ، واشعالا للإنتفاضة الشعبية في بلاد السودان ! رابعأ :
طلبت الأممالمتحدة ، وإدارة اوباما ( لعب قعونج ؟ ) ، والإتحاد الأفريقي من الرئيس سلفاكير الإنسحاب الفوري ، وبدون شروط ، من اقليم هجليج ! وكان رد الرئيس سلفاكير علي هذه الطلبات ( الاربعاء 11 ابريل 2012 ) ، أنه بصدد أحتلال اقليم ابيي ، وطرد جيش البشير منه ... مما يؤكد أن يده ملانة أمريكيأ ! وسوف يعقد الأمين العام للأمم المتحدة محادثات هوائية مع الرئيس سلفاكير في جوبا ، يوم الجمعة 13 أبريل 2012!
خامسأ : أعلن نظام البشير الحرب علي نظام سلفاكير ، بأيقافه التفاوض مع نظام سلفاكير ، وبدء التعبئة العامة والنفرة لاسترداد منطقة هجليج ! سادسأ : المواطن السوداني قرفان من نظام البشير ، وربما شمتان ، ويتمني أنتصار قوات سلفاكير علي قوات البشير ! ولن يستجيب المواطن السوداني لنداء النفرة ، بعد ان ذاق الأمرين علي أيادي نظام البشير ! ثم ان الجرئ وراء مشاغل الحياة من طلوع الشمس الي غروبها ، ( بسبب سياسات الأنقاذ الخرقاء ) ، تمنعه من التفكير في هجليج ومجليج !
3 - السوابق ! عندما وقع القذافي ، اندهش العالم عند اكتشافه عدم وجود أي جيش نظامي في ليبيا ! فقط مجموعة كتائب قذافية ، كل كتيبة يقودها شافع من شفع القدافي ... كتيبة المعتصم ، كتيبة خميس ، كتيبة هنيبال ، وما رحم ربك من كتائب شفعية ! أما الجيش الليبي فقد تم خصيه تماما ، ومنعت عنه الذخيرة الحية... خوفا من الإنقلابات العسكرية ، التي عانى منها العقيد كثيرا في مسيرته الأربعينية منذ الفاتح من سبتمبر1969 ، عندما سرق العقيد السلطة الشرعية بانقلاب عسكري ! الفيلم الليبي يتكرر بضبانته في بلاد السودان ! لا وجود للجيش السوداني الوطني ! صار الجيش السوداني الوطني كالعنقاء والغول والخل الوفي ! كيف ، يا هذا ؟ دعنا نري ! أولأ :
بعد 30 يونيو 1989 ، ، وفي أطار برنامج الصالح العام ، بدأ تسريح ضباط وصف ضباط الجيش السوداني الوطني من غير الإسلاميين المؤدلجين والمتتوريكين الذين يلعقون الأحذية ! ثانيأ :
بعد المفاصلة في عام 1999، تم تسريح كل الضباط وضباط الصف الوطنيين ، الذين تفوح منهم رائحة محبة للشيخ الترابي ! ثالثأ : ومع بداية محنة دارفور في عام 2003 ، تم تسريح جميع ضباط ، وبالاخص عساكر الصف الزرقة ( وهم أغلبية ) من دارفور ، وجبال النوبة ، والأنقسنا! حول الرئيس البشير الجيش السوداني الوطني الي هيكل عظمي ، بل الي جمل طين ؟ كما في فيلم القذافي ، نجح الرئيس البشير في غربلة الجيش السوداني الوطني الذي لم يعد جيشا وطنيا ! أصبح الجيش السوداني الوطني جيشأ كرتونيأ بشيريأ بدون أسنان ! صار جيش البشير يتكون من ضباط مؤتمرجية نجحوا في تربية كروشهم من أموال السحت المغدقة عليهم ( حوالي 70 % من الميزانية العامة للقوات النظامية ) ، وفي سعاية قطع الأراضي ، والمنازل الفاخرة ، والعربات الفارهة ! أما الدواس فتركوه لقوات جهاز المخابرات والأمن الوطني ؟ بدأت عملية تقوية قوات جهاز المخابرات والأمن على حساب جيش البشير ! واصبح الجهاز مفرخة للإسلاميين الدنيويين ، والمتتوريكين ، وغيرهم من المنتفعين ! وآل معظم العتاد الحربي المتقدم لجهاز الأمن، بدلا عن جيش البشير ! لا نلقي الكلام على عواهنه ، ولا من فراغ ! وإنما ننطلق من آيات وبينات شاخصة تؤكد الهوان الذي رمى فيه نظام البشير الجيش الوطني السوداني ... والذي صار جيشا من ورق ! نختزل أدناه بعض البعض من هذه الآيات ، لعلهم يتفكرون : أولا : يوم السبت 10 مايو 2008 ... عبرت قوات حركة العدل والمساواة أكثر من الفين كيلومتر من شرق تشاد إلى داخل امدرمان ، دون أن تتصدى لها قوات جيش البشير ! وفي داخل امدرمان ، تصدت قوات جهاز المخابرات والأمن الوطني ، وليس قوات جيش البشير ، للقوات الغازية ! كان جيش البشير متفرجا ، وبإمتياز أثناء غزوة حركة العدل والمساواة ( الذراع الطويل ) ! ثانيا : يوم الأحد 6 نوفمبر 2011 - عيد الأضحى 1432 هجرية ! دخلت قوات جيش البشير، وقوات الدفاع الشعبي مدينة الكرمك يوم الأحد 6 نوفمبر 2011 ، بعد أكثر من شهرين من الحصار والقصف المدفعي طويل المدى ، وبعد أن تم استدعاء ( جميع ) وحدات جيش البشير ، من ( جميع ) الحاميات العسكرية في السودان ، كما أظهرت الصور الملتقطة بواسطة مشروع الممثل الأمريكي كلوني المزود بالأقمار الإصطناعية ! أراد جيش البشير أن يبر بوعد الرئيس البشير بصلاة عيد الأضحى في الكرمك ، فقام بحشد جميع وحداته علي مستوى القطر ، في الطريق البري من الدمازين إلى الكرمك لإجتياحها ! ولولا المساعدات التقنية واللوجستية الإيرانية لما تمكن جيش البشير من دخول الكرمك ، مما يؤكد ضعف تدريب وتسليح جيش البشير ! ثالثا : يوم الثلاثاء 27 مارس 2012 ... وبعد الأمر الامريكي ، غادرت قوات الجيش الشعبي الجنوبي منطقة هجليج ، بعد أن طردت منها جيش البشير ومليشياته يوم الأثنين 26 مارس 2012 ! هجليج 1 ... ماركة مسجلة لهوان جيش البشير ! رابعا : الأثنين 9 أبريل 2012 ... حسب تقرير مراسل صحيفة النيويورك تايمز ، الذي طاف بالمنطقة ، محلية محلية وزنقة زنقة ، فإن الجيش الشعبي الشمالي يسيطر على 80% من مناطق جبال النوبة ، وتكرفس جيش البشير في المدن الكبرى ، كادوقلي وتلودي والدلنج ! الروح المعنوية لعساكر صف جيش البشير في الحضيض ، ولا يقاتلون بأي غبينة ، ذلك أن معظمهم من منطقة جنوب كردفان ، وتؤذيهم محاربة أهلهم ، ووحده الراتب الشهري وخشوم أطفالهم المفتوحة ما يجبرهم على الحرابة ! خامسا : يوم الثلاثاء 10 أبريل 2012 ... فرار لواءين من جيش البشير ، ومثلهم معهم من قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الإنقاذ بثقيل اسلحتهم ، أمام قوات الجيش الشعبي الجنوبي الأقل عددا ، يؤكد هوان جيش البشير ! هجليج 2 ... ماركة مسجلة أخرى لهوان جيش البشير ! الآيات الخمس المذكورة أعلاه تؤكد سياسة نظام الإنقاذ في تدمير الجيش السوداني الوطني ، تماما كما دمر القذافي الجيش الوطني الليبي...خوفا من شوكته ! الجيش الوطني السوداني صار جيش البشير ! ومن ثم الهزائم المتلاحقة ، والشكاوى والبكاء أمام أبواب اللئام من قوى (الإستكبار!) في مجلس الأمن ! قذف الرئيس البشير ، بسياساته الرعناء ، بلاد السودان وأهلها والجيش السوداني الوطني ، إلى هذا الدرك السحيق من المذلة والهوان ! هل من وثبة يا أهل بلاد السودان للخلاص من هذا الغولاج الجديد ؟