عندما جاءت حكومة الانقاذ استبشر الناس خيرا بالتغير ليرتاحوا من الصفوف قوتهم التى اعتادوا عليها ومن الخوف الذى دخلهم بقرب دخول قوات حركة تحرير السودان مشارف العاصمة وانتقادات ومطالبات الاحزاب واستبشرت الدول المجاورة بالتغير العسكرى الذى افتكرته يصب فى صالحها وباركته . عندما انتهى الشهر الاول ظهر المكشوف واعلن السودان الحكومة الاسلامية اعرض من اعرض وحايد من حايد وصمت من صمت واظهر البعض العداوة ، استمرت الحكومة بالتعاون مع الجماعات الاسلامية للهدف الدينى الظاهر للعيان وما أن لبثت سنين حتى وجدت نفسها فى خندق صعب الخروج منه الا بالتنازلات ولكنها لم تثبت ارجلها فى الخروج مما جعلها تسقط مرة ومرتين وعشرات المرات ومازالت كل ما تصل الى اخر عتبه تنزلق مرة اخرى الى الاسفل وهى لم تتعلم من الايام والظروف والاحوال والمحن والمصائب رغم خبرتها الطويلة فى هذا المستنقع . بالامس وقعت اتفاقية نيفاشا كما وقعت قبلها اتفاقية ابوجا واسمرة واديس ابابا ولكنها كلها اتفاقيات كتبت بحبر منتهى الصلاحية وحضرته عقول مصلحية وقلوب يملؤها الحقد والكراهية . لقد خدع قادتنا فيه ليسلموا الجنوب الى اناس لم يستحقوه بكل اختيار وطوعية بعد ان مات فيه خيرة قواتنا وشبابنا ودمر فيه اقتصادنا . لقد حاربت الحركة الشعبية واعوانها اكثر من نصف قرن ولم يستطيعوا ان يستولوا على مدينة واحدة لمدة عام كامل والتاريخ يشهد بذلك . بالامس احتلت هجليج لماذا ؟؟ وكيف ؟؟ هذا السؤال الذى حير عقول السودانين وافزع الاستثماريين وافشل مخططات الداعمين وادهش الجنوبين . لقد رجعت هجليج صمودا وشموخا بسالة وقوة ووحدة رغم تصريحات الانسحاب الكاذبة واشلاء القتلى المتلفزة لكنها كانت درسا وعظة وفائدة اذا وجدت العاقل المفكر الذى شعارة لا لدنيا عملنا . من دروسها بأن لا نطمئن للعدو مرة اخرى ولا نجاملة ونتنازل له وان نكون يدا واحدة مع قواتنا المسلحة وان ندافع عن ارضنا وشعبنا . ومن عظاتها بأن تكون اعيننا دائما مفتوحة فى كل شبر قواتنا متواجدة فى كل متر وان ندعم قبائلنا فى الحدود ونسلحها لتدافع عن عرضها وارضها ومالها ومن فوائدها جمعت اطيافنا فى راية واحدة وهى فرحة النصر وتصافت قلوبنا لنهنىء بعضنا البعض رغم الالام والبعد والكراهية . الشعب السودانى فى كل شبر داخل وطنه او خارجة بالامس كان يتابع الاحداث وقلبه مسرورا وعيونه تدمع وشفتاه تدعوا بالرحمة للشهداء والشفاء للجرحى وكلهم يقفونا صفا واحدا حول قواتهم المسلحة التى لم تتوانى فى الدفاع عن هذا الوطن لا يثنيها انتماء حزبى ولا قبلى . لقد شاهدنا ابن الصادق المهدى يقف ليهنىء الشعب بهذا النصر ويهنىء قواتنا المسلحة وحكومتنا وهذا يدل على الوطنية الخالصة والاخلاق العالية كما فعلها والدة فى الجزيرة اليوم ، لقد وقفت احزابنا كلها لنصرة هذا الوطن واهله لتفهم الحركة الشعبية بأن الشعب السودانى الذى تربت معه لم يتغير كما تغيرت هى وان الاصيل يظل اصيلا مهما تغير الزمن لا يغريه بترول ولا دولة جديدة ولا دعم خارجى مشروط . الشىء المحزن حقا بأن بعض شبابنا فى الخارج الذين يتبعون اعدائنا ويصفقون لهم عن جهل وطيش شباب لا يبنى على دين اوعى اوعلم ليصدقوا الحركة الشعبية التى قتلت شعبهم وشردت أهلهم وقتلت مواشيهم وحرقت منازلهم بأنها انسحبت طائعة وان قواتنا الباسلة التى هبت لمناطق العمليات عن وطنية وعهد بأنها كاذبة ومخادعة ، للأسف الشديد ان تجد تعليقات بعض الاخوان فى بعض المواقع المظلمة ان تكون تعليقات شباب ولدوا وتعلموا وتخرجوا من اصلاب الشعب السودانى الاصيل . وللأسف بعض الكتاب يكتبون عن خيال صهيونى ليفسد العقول ويدمر الوطن بدل ان يوظفوا اقلامهم لمصلحة الوطن وهم يعلمون بأنهم لا يجدون الحرية والاستقرار غير وطنهم وبين اهلهم ، يا كتابنا وشبابنا لا تغركم غربتكم ولا جنسياتكم التى تحملونها ولكن الحياة والسعادة هى فى تقوى الله والراحة والاستقرار هى فى وطنك والطيبة والمحنة والكرم هى عند اهلك . لماذا تتكبر وتتعنت عن جهل قل خيرا ام اصمت .