استعاد السودان هجليج. (عرض ) الرئيس البشير، ووزير الدفاع، والجنرالات، وقامت قيامة كلاشنكوفات الجنود والمجاهين، وامتلأت شوارع السودان بالهتافات والزغاريد، مع اعلان الانتصار الذي جاء( عنوة واقتدارا)، وليس نتيجة انسحاب بأمر من رئيس جنوب السودان، سلفاكير .. وهو الإنسحاب الذي كان مقدرا ان يتم في ثلاثة أيام، وحسمته التكبيرات، والدانات والراجمات والكلاشنكوفات الثرثارة، في ساعات فاحت فيها رائحة الشهادة.. رائحة الجنة! احتلال هجليج، التي يمثل انتاجها 40 بالمائة من النفط السوداني، كان خطأ جسيما، من سلفاكير: خطأ سياسي، وخطأ عسكري، ذلك لأنه- على المستوى السياسي العالمي- تمت مجابهة هذا الخطأ، بالتنديد من إفريقيا، و"الأمم" ذلك باختصار لأن هجليج، منطقة سودانية خالصة، وليست من المناطق المتنازع عليها حدوديا. على المستوى العسكري، أخطأ سلفكير، باستهانته بقوة الجيش السوداني.. وهى القوة التي اختبرها طويلا، خلال الحرب الأهلية.. أطول وأشرس حرب، استمرت لعقود، في إفريقيا. هذا الخطأ المزدوج، سيسوّد أولى صفحات كتاب أول رئيس لدولة جنوب السودان. يكفي أن شعبه، الذي رقص كثيرا للإحتلال، رأى رئيسه الطويل، الذي كان قد قال للامين العام للامم المتحدة، إذ هو يطالبه بالإنسحاب الفوري دون شروط" إنني يابان لا أتلقى منك أوامر" يكفي أنه رأه –قبل أن يشيل الهواء صدى جملته المتغطرسة اللامسؤولة- ينحني، حتى طقطقت فقرات عظم ظهره- أمام بان .. الرجل القصير، ويحاول الرضوخ لأوامره، لكن كان السيف قد سبق العزل! أيضا، يكفي أن شعبه، رأى جيشه- بل من بقى منه-، يعود متقهقرا، بائسا ومقهورا، يلعق في جراحات الهزيمة المرة، والخزى، والانكسار، والخسران المبين! سلفاكير، لو كان يمتلك ذرة واحدة، من مسؤولية القيادة، لكان قد استقال على الفور، وهو يقدم اعتذراته لجيشه المنهزم، وشعبه.. وشعبه- لولا أنه لا يزال فقيرا لمؤسسات المحاسبة والمنظات المدنية- لكان قد ثار على رئيسه الذي ورطه في عدائيات مع الشقيق الذي أصبح بالانفصال الخائب، جارا.. وورط جيشه، في احتلال أرض لهذا الجار.. وورط دولته في التنديد العالمي، وتغطرس على أرفع شخصية أممية، ثم طأطا ظهره، ولعق الغطرسة، ولعق الهزيمة، ولعق الانكسار! العاقل، من تعلم من أخطائه. ذلك قول يأخذ تمام تجليه، في زمان الأخطاء، نسوقه للرئيس سلفاكير، والذي سبق خطأه المزدوج، بخطأ دعم المتمردين في جنوب النيل الأزرق، وجبال النوبة، وكردفان.. وهو الخطأ الذي وتر العلاقات بينه وبين الشقيق الذي كان،، وأصبح جارا، بحق تقرير المصير! لئن كان للهزيمة، إفاقة، فإن للإنتصار سكرة، وبعد كل سكرة تغيب، لابد من أن تجيئ الفكرة.. والفكرة التي ينبغي أن تتجلى، وتترسخ في ذهن الرئيس البشير، أن هذا الإنتصار الكبير، لم يحققه حزبه الحاكم.. وهو ماكان ليتحقق لولا ان الشعب السوداني كله، بمختلف احزابه، وكياناته، وتنوعاته البديعة، قد التف حول جيشه الوطني، يشد من أزره، ويقوي من عزيمته، ويزيده على الثبات ثبات، وعلى المروءة مروءة. من هنا، يبقى على الرئيس البشير، أن يكافئ هذا الشعب بما يستحق.. وما يستحقه شعبه هو الحرية، والديمقراطية، والكرامة.. ومايستحقه هو حقوق الانسان، حيثما كان، في السودان الذي كان بمساحة مليون ميل، ثم انكمش، في عهده، بالسياسات الآحادية، وسياسات الإقصاء، والتوزيع الظالم للسلطة والثروة! السودان أولا. تلك هى الفكرة التي ألهمت شعب السودان، أن يقف كله هذه الوقفة المشهودة، جنبا إلى جنب، مع جيشه في معركة التحرير.. وتلك هى الفكرة، التي ينبغي أن يستلهمها الرئيس البشير، وهو يرمي لي قدام!