[email protected] 1 - ماذا حدث أيام الاربعاء والخميس والجمعة ، 2 و3 و4 مايو 2012 ، في الخرطوموالقضارف ؟ + بتهوره وحماقته ، حرق والي القضارف نفسه ، وقذف بها إلى التوج ، وصار في خبر كان ! وإن كان البعض يؤكد أن الوالي أخطبوط ، له أكثر من رأس ، وأن ملفه لم يتم قفله ، وسوف نراه مرشحا مستقلا ، في انتخابات الوالي القادمة ، رغم أنه يعرف أنها سوف تكون مخجوجة ! والبعض يؤكد أن قادة المؤتمر الوطني سوف يشترون صمت الوالي المتمرد، بجزرات مدنكلة ، لأنه يحتفظ بملفات حساسة ، ومحرجة للنظام ! + الحقيقة بين هذه المواقف المتدابرة في رحم الغيب ! ولكن دعنا نستعرض فيلم والي القضارف ، منذ بدايته، في تسلسل زمني يبدأ يوم الأربعاء 2 مايو ، ويستمر يوم الخميس لينتهي يوم الجمعة 4 مايو 2012 ، كما يلي : + يوم الأربعاء 2 مايو 2012 : في يوم الأربعاء 2 مايو 2012 ، يقتحم الوالي مكتب السيد وزير المالية الإتحادي في الخرطوم ، بعد أن رفض الأخير مقابلته ! تحدث ملاسنة بين الرجلين ! يشتكي الوالي من عدم استلام الولاية لمخصصاتها المالية ، مما أدى إلى تدهور كارثي في الخدمات ، وأدى إلى انتشار السل والكلازار ، وتفشي الفقر المدقع ، وسوء التغذية ! يحمل الوالي الوزر كله لوزير المالية الإتحادي ! يقول وزير المالية ، مستفزا الوالي : ) ما دايرين نديكم ! وأعلى ما في خيلك اركبو) ؟ يرد الوالي ببونية في وجه الوزير ، ويخرج مغاضبا من مكتب الوزير ! يطلب الوزير من معاونيه وحرسه الخاص عدم التعرض للوالي ، وتركه يذهب لحال سبيله ! + يوم الخميس 3 مايو 2012: في صبيحة يوم الخميس 3 مايو 2012 ، يصل الوالي إلى القضارف ، ويجتمع بمستشاريه الخمسة ، الذين يستمع إليهم أكثر من إستماعه لقادة المؤتمر الوطني في الخرطوم ! يقرر الوالي المواجهة والتصعيد ، ويدعو إلى إجتماع جماهيري صباح يوم الجمعة 4 مايو 2012 ! في نفس يوم الخميس ، يقابل الوالي لجنة من رئاسة المؤتمر الوطني في الخرطوم ، برئاسة الشريف أحمد عمر بدر ! خيرت اللجنة الوالي بين 3 خيارات ، أحلاها مر ، وهي : + بلع كلامه والإعتذار العلني ؛ + أو الإستقالة الفورية ، اليوم وليس غدا ؛ + أو إعلان حالة الطوارئ في الولاية ، واقالته ! يرفض الوالي الخيارات الثلاث ! ويهاجم اللجنة ، متهماً رئيسها بالفساد ! ويُذّكِر الوالي الشريف بدر بشريط فيديو يصوره ( الشريف بدر ) في أوضاع فاضحة مع سائقه ! يقول الوالي : ( إذا كنا في السابق نقول أن المعارضة يجب أن تغتسل سبعة مرات ، فإن الإنقاذ يجب أن تغتسل ثلاثين مرة من الفساد ) ! + يوم الجمعة 4 مايو 2012 : في يوم الجمعة 4 مايو 2012 ، يحل الوالي حكومته ؛ وينشر الشرطة في شوارع القضارف ؛ ويخاطب لقاءا جماهيريا متهما نظام الإنقاذ بالفساد ، ويوصم موسسة الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية في القضارف بأنهما بؤر فساد إنقاذية ! يهدد الوالي بأنه جاهز للتمرد ضد نظام البشير ... عديل كده ! يوافق الوالي علي طلب الشريف بدر ( بإشارة تلفونية له من النائب الأول ) ، ويرجع مع اللجنة إلى الخرطوم في نفس يوم الجمعة 4 مايو 2012 ! في نفس يو الجمعة ، يقابل الوالي الأستاذ علي عثمان محمد طه في الخرطوم ، ويخرج من الإجتماع مغاضبا ، والشرر يتطاير من عينيه ! ولكنه يتوجه إلى مقر إقامة الرئيس البشير ، حيث يسلمه استقالته ، بدون كتير كلام ! يقبل الرئيس البشير إستقالة الوالي ، ويصدر ( في نفس يوم الجمعة ) مرسوما جمهوريا بتعيين السيد الضو محمد الماحي ( من الدفاع الشعبي ) ، واليا مكلفا لحين اجراء الإنتخابات لمنصب الوالي ! يوجه الرئيس البشير باحالة استقالة الوالي للمجلس التشريعي الولائي في القضارف لإعتمادها .! 2 - الملابسات والتداعيات ؟ نستعرض أدناه بعض الملابسات والتداعيات لفيلم والي القضارف ( الهندي بإمتياز ) ! أولا : الصاعق الذي فجر المشكلة هو شح السيولة في وزارة المالية ! النظام اصبح مفلسا ، وما عنده من (قريشات) يحتفظ بها لكلاب الأمن ، حتى لا تخربش وتعض ! يمكن للنظام أن يسردب لنبيح الولاة وغيرهم من ربائب النظام ، لأنهم لا يخربشون ولا يعضون ! كل الولاة يعانون من عجز وزارة المالية عن دفع استحقاقاتهم الولائية المالية ! استقال السيد عبدالحميد كاشا ، من منصب والي شرق دارفور ، لأنه يعرف أن وزير المالية سوف لن يوفي بتحويل مستحقات الولاية المالية ! أشتكي السيسي لطوب الأرض بأن إتفاقية الدوحة في غرفة العناية المركزة ، لفشل وزارة المالية في صب كوز الموية ( 200 مليون دولار كطعم للمانحين ) في طلمبة مياه دارفور ، لتبدأ الطلمبة في الدوران ، وتستقطب الدعم الدولي ! خزائن وزارة المالية خاوية على عروشها ، وكل شهر يتراكم عجز في ميزان المدفوعات بمقدار مائة مليون دولار ! والحالة المالية هكذا ، سوف تضطر وزارة المالية لرفع الدعم عن البترول ، وبعدها تنفش غنم الشارع ، وينسى الناس هجليج ... وتهب العجاجة التي لا تبقي ولا تذر ! ثانيا : تقول العصفورة بأن الأستاذ علي عثمان ( الخرطوم – الجمعة 4 مايو 2012 ) هدد الوالي بأن Game over وخيره بين أن يستقيل اليوم ، أو يقال في نفس اليوم ... الإستقالة بشرف محفوظ ، وأما الإقالة بكرامة مجروحة ! ثالثا : هدد الوالي الأستاذ علي عثمان بأنه سوف يكشف للشعب السوداني الزيارة السرية التي قام بها الأستاذ علي عثمان إلى إسرائيل ! وكان الوالي قد رتب للزيارة عبر أصدقائه في اسمرة ! واصطحب الوالي الأستاذ علي عثمان في زيارته لإسرائيل ، عن طريق أسمرة ! رابعأ : أرجع الأستاذ علي عثمان الأسانسير للوالي ، وهدده بتقديم ملفات فساده المالي القذرة للنائب العام للتحري ! انحنى الوالي لتهديد الأستاذ علي عثمان وانكسر، وهو العارف بكبر وثقل ملفات فساده المالي ! كان الوالي يراهن على أن الملفات التي يحتفظ بها ضد قادة نظام البشير ، سوف تمنعهم من التعرض له ، فكان يفنجط ما شاء الله له الفنجطة ! تارة يدعو للتطبيع مع اسرائيل دون الرجوع لقيادة المؤتمر الوطني ؛ وتارة يدعو للتمرد ضد المركز واستقلال الولاية المالي ؛ وتارة أخرى يدعو لعقد توأمة بين القضارف وكرن ، وبين القضارف والفشقة دون الرجوع للخرطوم ؛ ومرة أخرى يتهم قادة الإنقاذ بالفساد ؛ وهكذا من زوبعة في فنجان إلى زوبعة في كأس ! كان الوالي يبرطع ، وهو يراهن أنه فوق المساءلة من المركز ، لأنه يحتفظ بملفات حارقة ! خامسا : نجح نظام الإنقاذ في استراتيجيته المعروفة ، بتلويث قادته ماليا حتى يسهل عليه السيطرة عليهم ! + هل تذكر قصة الشيك أبو مائة مليون جنيه الذي استلمه البروفسور مصطفي ادريس ( وكان وقتها مدير جامعة الخرطوم ) لقضاء حوائجه الخاصة ، ولتلويثه حتى لا يقول بغم حلوم ! قصة من بين مئات تحكي كل يوم عن مافيات الانقاذ ، التي تتستر بأقنعة الدين ، وتعمل السبعة وذمتها ، في وضح النهار ! أنت تتكلم عن مافيا ال كابوني في شيكاغو في اربعينيات القرن الماضي ، بل أشد ضلالا ؟ + قالت لزوجها الوزير ، وهي تودعه في الصباح ، وهو ذاهب لمكتبه : خصمتك بالرسول ما تشاكل ناس المالية المقشطين ديل ، وتعمل أضان الحامل طرشة من فسد يفسد فهو فاسد ! السمكة فاسدة من رأسها ، وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا ... سادسا : اختفت المؤسسية تماما من مكونات نظام البشير ، واصبحت عايرة ، وكل واحد يمكن يديها سوط ! كل مسئول يعمل ما بدا له دون رقيب أو حسيب ! وحلت سياسة حق اليوم باليوم مكان الإستراتيجيات المدروسة طويلة الأمد ! مثل واحد ( من بين مئات ) ليوضح سياسة العشوائية ، ونموذج اليد الشمال التي لا تعرف ما تفعل اليد اليمين ، من فرط الخبث وليس لفضل الصدقة من مكان هنا ! اتفق الإستاذ علي عثمان محمد طه مع والي ولاية النيل الازرق مالك عقار ( صباح الجمعة 2 سبتمبر 2011 ) ، على أن يعقد الوالي مؤتمرا صحفيا يعترف فيه بأنه لم يتهم القوات المسلحة السودانية بمهاجمة مقار حركته في الدمازين وضواحيها ، ويعتذر للقوات المسلحة عن أي سوء فهم في هذا الموضوع ! أكد الأستاذ علي عثمان للوالي ، أن هذا الإجراء سوف يلملم المشكلة ويقتلها في المهد ، وتعود المياه إلى مجاريها بين الوالي والخرطوم ، في انتظار حلحلة مشكلة عبدالعزيز الحلو ، التي سوف يساعد الوالي مالك عقار في احتوائها ! وافق الوالي على طلب الأستاذ علي عثمان ، وأعد لمؤتمر صحفي في الدمازين عصر يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011 ! وبعد ساعات من مكالمة الأستاذ علي عثمان وصفقته مع الوالي مالك عقار ، أصدر الرئيس البشير مرسوما جمهوريا بإعفاء الوالي مالك عقار من منصبه كوالي اعتبارا من نفس يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011 ، وتعيين قائد المنطقة العسكرية بالدمازين حاكما عسكريا على ولاية النيل الأزرق ! وبدأت العجاجة في الهببان ! ولا تزال ، بعد سقوط آلاف القتلي ، وعشرات الآلاف من الجرحي ، وتشريد الملايين ! ولا تزال البصيرة أم حمد تقود مسيرة الإنقاذ ؟ سابعا : لم تتم كتابة السطر الأخير في مسلسل والي القضارف ! الأيام القادمات حبلي بالجديد المثير الخطر ! هذه هي المناظر ! ونحن الآن في الإستراحة ، قبل بداية الفيلم ! اربطوا الأحزمة ! منخفضات جوية في الطريق !